حلا عمران ممنوعة من العودة إلى دمشق

01 يناير 2016
في "مدينة الذهب" (العربي الجديد)
+ الخط -
انطلاقاً من إيمانها بثورة السوريين من أجل العدالة والحرية، لم تتردد الممثلة السورية حلا عمران في المشاركة في مسلسل "وجوه وأماكن" من إخراج هيثم حقي وإنتاج شركة "ميتافورا" والذي عُرض رمضان الفائت على قناة العربي، فالمسلسل يتحدث عن الثورة السورية من خلال ثلاث حكايات منفصلة تحكي قصة حياة سوريين في أماكن مختلفة من سورية مما شجع حلا على العودة للدراما السورية بعد انقطاع دام خمس عشرة سنة.

عادت حلا لتقف لأول مرة أمام كاميرا المخرج هيثم حقي فشاركت في الحكاية الثالثة من المسلسل بعنوان "مدينة الذهب" من تأليف "غسان زكريا" مؤدية دورين مميزين، الأول في المستوى الواقعي من الحكاية وهو حسنة بنت الضيعة القوية، والثاني في المستوى المتخيل وهو الحكيمة العارفة بالأشياء والعالمة بتفاصيل مدينة الذهب، تقول: "العمل مع الأستاذ هيثم حقي كان مصدر سعادة حقيقية لي، كما استمتعت بالعودة للعمل مع فريق سوري مجدداً، كنت بحاجة لتجربة كهذه، فالتقيت بزملاء لي بعد طول غياب، وتعرفت إلى ممثلين حديثي التخرج، فمنذ استقراري في باريس انقطع تواصلي مع المعهد ومتخرجيه الشباب، وأتيحت لي الفرصة للاقتراب منهم والتعرف على طريقة تفكيرهم وأحلامهم ونظرتهم لفن التمثيل".

شاركت حلا عمران سابقاً بعدة أعمال تلفزيونية أبرزها "أخوة التراب" إخراج نجدة أنزور، وآخرها مسلسل "هذا العالم" إخراج علاء عربي كاتبي سنة 2000، ولكن رغم تلك المشاركات إلا أنها لا تكاد تشعر بأي رابط بينها وبين العمل التلفزيوني، تقول "لطالما شعرت بأن هذا المكان ليس مناسباً لي سواء من حيث شروطه أو من حيث آليات عمله، ولكني كنت أستمتع ببعض التجارب انطلاقا من حبي للتمثيل بحد ذاته".

إقرأ أيضاً: كندة علوش: الرغبة في العودة للشام تسكُنُني

وعلى عكس التلفزيون جاء المسرح ليصبح ملجأها الدائم ومصدر متعتها الأساسي، عشقها له لم يكن غريباً عنها وهي ابنة بيئة ثقافية وأدبية، بيئة تركت في تركيبتها بالغ الأثر لتكون اليوم ما هي عليه، فوالدها هو الشاعر محمد عمران الذي عمل لفترة رئيس تحرير لمجلة "المعرفة" ومن ثم مجلة "الموقف الأدبي"، ثم عمل في فترة السبعينيات رئيس تحرير لملحق جريدة الثورة الثقافي، "والدي كان شاعراً، ترك شكل حياته أثراً في روحي، فبسببه هو اتجهت خياراتي نحو الفن، فأبي من مواليد قرية الملاجة في طرطوس، أسس فيها خلال الخمسينيات، مع رفاقه، فرقة مسرحية فكتبوا نصوصاً وأخرجوها ومثلوها، وكانوا يدورون في القرى المجاورة لعرضها في الهواء الطلق. أول التسعينيات حوّل الغرفة الوحيدة المتبقية من منزل أهله هناك لنقطة ثقافية احتوت عددا كبيرا من الكتب كان أهالي الضيعة يقصدونها للقراءة، كما أسس سنة 1996 مهرجاناً شعريا في الضيعة اسمه "مهرجان السنديان" تحول لحدث شعري موسيقي ثقافي تشكيلي سنوي يجمع فنانين من مختلف أنحاء العالم، كان هذا المهرجان يجمع سنويا حوالي الألفي متفرج في مكان ساحر بالملاجة اسمه عين البعيدة، آخر دورة للمهرجان كانت سنة 2010 قبل أن يحتله شبيحة النظام الأسدي ويحولوه لمهرجان دعم لبشار الأسد".
ترددت إلى المسرح مع والديها منذ طفولتها لتحضر مسرح "العرائس" ومن ثم استمرت تقصده شابة لحضور عروض المسرح القومي، ومنذ ذلك الحين أغرتها الوقفة على خشبة المسرح فأسست مع الفنان محمد آل رشي والموسيقي خالد الخالد فرقة موسيقية أقامت عدداً من الحفلات. وبعد حصولها على الشهادة الثانوية تقدمت لبعثة رقص في أوروبا الشرقية وحصلت على القبول، إلا أنها ترددت في اللحظة الأخيرة ولم تلتحق بالدراسة. مجموعها العالي في الثانوية دفعها لدخول كلية الصيدلة إلا أنها كانت مدركة حينها بأن عشقها للمسرح لن يزول، فتقدمت إلى المعهد العالي للفنون المسرحية وهي في سنتها الجامعية الثالثة "تجربتي الأولى كممثلة كانت أمام لجنة القبول في المعهد المسرحي، بعدها دخلت المعهد فعشت فيه أياماً ساحرة ومدهشة، كل شيء تعلمته كان جديدا بالنسبة لي، أيامي في المعهد كانت رائعة وخصوصاً أن المعهد حينها لم يكن قد دخل بعد بلعبة الدراما وأحلام البطولات التلفزيونية والشهرة والمال، كنا فقط مأخوذين بالتدريبات الطويلة والمتعبة والتي كانت تستنزف طاقتنا وتفكيرنا".

إقرأ أيضاً:انتهى الموسم.. دراما بلا هوية

بعد تخرجها شاركت في عدة عروض مسرحية بسورية، أهمها من وجهة نظرها "فصل من الجحيم" و"الحلاج" و"أدونيس" إخراج أمل عمران، كما شاركت في عروض خارج سورية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، مع مخرجين مهمين أمثال "دافيد بوبيه" "مارسيل بوزونيه" "مهدي الذهبي" و"سليمان البسام".

تعلقها بالشعر دفعها للمشاركة بالكثير من القراءات الشعرية، أهمها مشروع مسرح شعري موسيقي مازال مستمرا مع الموسيقي الفلسطيني "منعم عدوان"، تقول: "المسرح هو عملي الأساسي، وكل ما لا أستطيع فعله في الحياة أفعله على المسرح".

بُعدها عن سورية منذ انطلاقة الثورة لم يمنعها من التأثر بها، بل وتعتبرها الحدث الأكثر تأثيراً عليها، تضيف "الثورة غيرت حياتي، فتحت في روحي أبواباً كانت مغلقة، كسرت حاجز الخوف عندي، حرفت لي حياتي إلى أماكن لم تكن متوقعة".

وفي السينما كان لحلا نصيب من المشاركة في أعمال سينمائية عالقة في ذاكرة المشاهد، أبرزها فيلم "صندوق الدنيا" إخراج أسامة محمد، وفيلم "باب الشمس" إخراج يسري نصر الله.

تقيم حلا اليوم في باريس، فبعد عدة زيارات للمدينة على مدار أعوام، اتخذت حلا قرار استقرارها النهائي في باريس سنة 2007 حيث كانت تشارك بعرض مسرحي هناك. أما دمشق فلا تغيب عن ذاكرة حلا، فهي مكان ولادتها وذكريات دراستها وعائلتها، لكنّ سؤالا بات اليوم يرافق حلا دون إجابة، تقول "اليوم بعد أن غادر دمشق كل من أعرف تقريبا، أسأل نفسي دوماً هل ما زالت تعني لي كما في السابق، فهي حتما اليوم مدينة مختلفة عن آخر مرة رأيتها فيها سنة 2010، لا زلت أشعر بغصة حين أرى صوراً لدمشق، ولكني لا أستطيع العودة بعد أن تلقيت الكثير من التهديدات بسبب موقفي الإنساني إلى جانب الثورة السورية".

إقرأ أيضاً: كاريس بشار مكان نسرين طافش في "خاتون"
المساهمون