أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن الحكومة تتخذ إجراءات حالية من شأنها قصر الدعم على طفلين فقط لكل أسرة، سواء في منظومة البطاقات التموينية أو بمشروع "تكافل وكرامة"، وذلك للمواليد الجدد، مكلفاً الوزارات المعنية باستهداف المدن والمراكز ذات معدلات الإنجاب الأعلى، بحيث تكون وسائل التوعية مكثفة لهذه المناطق، فضلاً عن توفير بعض المحفزات مثل توفير فرص العمل بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وقال مدبولي، عقب اجتماع وزاري، اليوم الجمعة، إن الزيادة السكانية أصبحت تمثل التحدي الأكبر أمام الدولة، تحت ذريعة أن الأداء الحالي للاقتصاد المصري يسير بوتيرة "جيدة جداً" رغم تراجع الاقتصاد العالمي، مستطرداً أن "الحكومة تبذل كل الجهد للحفاظ على ما تحقق، وبناء دولة قوية، إلا أن معدلات الزيادة السكانية تعوق مسار التنمية، وهو ما يتطلب تضافر كافة الجهود لتحقيق نجاح حقيقي في هذا الملف، باعتباره مسؤولية مجتمعية متكاملة".
وشدد مدبولي على أهمية رفع الوعي المجتمعي المتعلق بهذه القضية، وتكثيف حملات التوعية من الجهات المختصة، وتحقيق التعاون في ما بينها، وكذلك التنسيق مع الجهات الدولية للعمل على تحقيق نجاحات في هذا الملف المهم، معتبراً أن ضبط معدلات نمو الزيادة السكانية هو قضية تتعلق بـ"الأمن القومي للبلاد"، بما يستلزم "العمل على خفض معدلات الإنجاب الحالية"، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن الدولة ستطلق برنامجاً لضبط الزيادة السكانية، وتنظيم الأسرة، مطالباً الوزراء المعنيين بإعداد ورقة عمل متكاملة باختصاصات كل وزارة أو جهة حكومية أو أهلية، حتى تتبنى الدولة هذا البرنامج في إطار من التعاون مع الجهات الدولية ذات الصلة.
من جهتها، قالت وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط، إنها ستكثف جهودها مع جميع المؤسسات الدولية للتعاون في هذا الملف، متوقعة أن تلقى مصر مساندة كبيرة من مختلف الجهات لتحقيق تقدم في ضبط معدلات الزيادة السكانية، خصوصاً أن مصر سبق لها التعاون مع عدد من الجهات الدولية في الملف نفسه.
بدورها، قالت وزيرة الصحة والسكان هالة زايد إنّ هناك زيادة بنحو 20% في تردد السيدات على العيادات الخاصة بتنظيم الأسرة، وبنفس النسبة في استخدام وسائل منع الحمل، مشيرة إلى أن برنامج "صحة المرأة" الذي تنفذه الدولة حالياً لرعاية المرأة المصرية، أسفر عن توافر بيانات متكاملة عن كل السيدات المصريات، وهو ما يساعد في استهدافهن ببرامج محددة للتوعية، والانتظام في استخدام وسائل تنظيم الأسرة.
وأعلنت زايد أنه سيتم البدء لتجهيز حملة إعلانية وتوعوية كبرى تشمل العديد من المحفزات، على غرار حملة "100 مليون صحة"، وذلك بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية، مثل جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ووزارة التضامن الاجتماعي، لتسهيل إنشاء مشروعات لتمكين المرأة ومساندتها، ورفع مستواها المعيشي.
وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج إنّ المؤشرات تكشف أن عدد سكان مصر في أول يناير/ كانون الثاني الماضي بلغ 99.8 مليون نسمة، بما يتخطى العدد المستهدف لهذا العام، الأمر الذي يستوجب البحث عن حلول غير تقليدية للحد من الزيادة السكانية.
وأضافت أن المؤشرات تشير كذلك إلى أن نسبة غير قليلة من السيدات المتزوجات لم يتعرضن لأية رسائل خاصة بتنظيم الأسرة، وهو ما يستدعي الاهتمام بجانب التوعية، والتوسع في حملات طرق الأبواب للوصول إلى كل امرأة في كل منطقة من أنحاء الجمهورية.
وتابعت القباج أن وزارة التضامن الاجتماعي تخطط للتوسع في مشروع "كفاية 2" بناءً على التقدم الذي حققه، من خلال استعادة دور المجتمع المدني، وإذكاء الجهود التطوعية لمجابهة الزيادة السكانية، مع زيادة الطلب على خدمات تنظيم الأسرة مثل حملات التوعية، وطرق الأبواب، وتقديم خدمات تنظيم الأسرة من خلال تطوير بنية تحتية، وتوفير موارد بشرية، ودعم عيادات تنظيم الأسرة بالجمعيات الأهلية.
كذلك، أوضح نائب وزيرة الصحة لشؤون السكان طارق توفيق أن هناك 72 مركزاً على مستوى الجمهورية هي الأكثر إنجاباً، طبقاً للبيانات المتوافرة، مشدداً على ضرورة استهداف هذه المراكز في بداية تنفيذ البرنامج الذي ستتبناه الحكومة، ووضع حزمة من المحفزات للأسر التي تلتزم بضبط الزيادة السكانية بهذه المراكز.
على صعيد آخر، عقد مدبولي اجتماعاً لاستعراض مقترح الخطة الاستثمارية لوزارة الصحة للعام المالي المقبل 2020-2021، ادعى خلاله أن "الدولة حريصة على تقديم خدمة طبية مميزة، من خلال ما تتبناه من مبادرات صحية مهمة بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ تضع الحكومة على أجندة أولوياتها ضرورة تنفيذ مبادرات الاهتمام بالرعاية المركزة، وحضانات الأطفال والطوارئ"، وفق قوله.
وزعم مدبولي أن موازنة وزارة الصحة للعام المالي الجديد ستشهد زيادة بنسبة 100% مقارنة بمخصصات موازنة العام المالي الجاري، مردفاً أنه "سيتم تخصيص 5 مليارات جنيه لمبادرات حضانات الأطفال، والاهتمام بالرعاية المركزة والطوارئ بالمستشفيات".
من جهتها، استعرضت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، مقترح الخطة الاستثمارية لوزارة الصحة، والذي يشمل المخصصات المالية لكل من ديوان عام وزارة الصحة، والهيئة العامة للمستشفيات، وهيئة الإسعاف المصرية، وباقي الهيئات الخدمية، مشيرة إلى أنه يستهدف توفير الاعتمادات المالية للبرامج العلاجية والوقائية، وبرنامج الخدمات المساعدة، وبرنامج السكان وتنظيم الأسرة.
وتابعت أن تطوير المستشفيات العلاجية سيشمل تطوير 35 مركزاً تابعاً لأمانة المراكز الطبية، و122 مستشفى علاجياً، و17 مستشفى نفسياً، و8 عيادات لجراحات اليوم الواحد، و5 مستشفيات حميات، بالإضافة إلى تدشين المرحلة الأولى من نظام التأمين الصحي الشامل، والمشروع القومي للمستشفيات النموذجية، ومشروع فصل البلازما، ومبادرة "حياة كريمة" للقرى الأكثر احتياجاً.