حكومة السودان تلجأ للصمت "الاستراتيجي" إزاء التطورات في ليبيا

09 يونيو 2020
استنكار لاستقدام السودانيين كمرتزقة بمليشيات حفتر (Getty)
+ الخط -

رغم تأثير الوضع بالساحة الليبية على السودان والتداخلات الأمنية والسياسية بين البلدين بحكم الجوار، اختارت الحكومة السودانية الانتقالية الصمت المطبق حيال التطورات المتسارعة في ليبيا، والانتصارات المتلاحقة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، على حساب مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ويأتي الصمت الحكومي، رغم الإدراك التام لطبيعة تأثير تلك التطورات على الوضع في السودان، عكس دول أخرى من الجوار الليبي التي اتخذت مواقف مبكرة، سواء بمساندة طرف على حساب آخر أو التدخل بالتوسط بين الجانبين ولو بصورة ظاهرية.

وفي حديث مع "العربي الجديد"، يرى سفير سابق بالخارجية السودانية، فضل عدم كشف هويته، أن الحكومة الانتقالية لارتباطها بالمحور الإماراتي السعودي المصري، الذي يدعم خليفة حفتر، تفضل خيار الصمت الاستراتيجي تجاه التطورات الأخيرة، مشيراً إلى أن صمت الحكومة وصل إلى مرحلة عدم التعليق حتى على المبادرة التي طرحها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وعدم التعليق على تقرير للجنة العقوبات في ليبيا التي ذكر آخر تقرير لها وجود 5 حركات مسلحة سودانية، تقاتل في ليبيا بجانب حفتر.
وأضاف السفير أن التعقيدات في الملف الليبي ترتبط كذلك بمفاوضات السلام السودانية التي تشارك فيها الحركات المساندة لحفتر، ومنها "حركة تحرير السودان" بزعامة مني أركو ميناوي.
وأوضح أن الحكومة اختارت خيار الصمت الاستراتيجي في انتظار اتضاح موقف إقليمي ودولي موحد حتى لا تدخل في أي حرج مع محورها.
واقترح السفير إغلاق الحدود مع ليبيا منعاً لدخول الأطراف المهزومة للعمق السوداني وأي توغلات أخرى، أو التوصل لتفاهمات مع المجموعات السودانية التي تقاتل في ليبيا بالعودة مع مصادرة سلاحها حتى لا تنتهز الفرصة للتزود بالسلاح بغرض تقوية مواقفها السياسية والتفاوضية، مشدداً على ضرورة الابتعاد بقدر المستطاع عن الحرب بالوكالة في المحيط الليبي.
يأتي ذلك في وقت طالبت أحزاب سياسية معارضة حكومة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، بدعم حكومة الوفاق الشرعية. وقال حزب "المؤتمر الشعبي"، لمؤسسه حسن الترابي، إن "الأحداث في ليبيا تطورت بوتيرة متسارعة خلال الأيام القليلة الماضية وخاصة بعد توقيع اتفاق بين الحكومة المعترف بها دوليا والحكومة التركية، مما كان له الأثر المباشر في هزيمة مرتزقة الانقلابي خليفة حفتر"، حسب ما جاء في بيان للحزب.
وانتقد "المؤتمر الشعبي" مبادرة وقف إطلاق النار والدعوة للحوار السياسي التي قدمتها مصر قبل أيام، وقال إنها من "طرف غير محايد في الصراع كتكتيك مرحلي لوقف تقدم قوات الوفاق وإنقاذ الطرف المهزوم من مصيره المحتوم".
وأشاد الحزب بتمكن حكومة الوفاق من تحييد بعض حلفاء حفتر في الصراع الليبي، لاسيما روسيا وفرنسا "مما أضعف الكيان الانقلابي وسيكون له أثر إيجابي في مستقبل الصراع خاصة في الجانبين السياسي والدبلوماسي".
وأكد الحزب دعمه جهود حكومة الوفاق الشرعية في ليبيا لبسط سيطرتها علي كامل التراب الليبي وتحقيق السلام وعودة المهجرين الذين تضرروا بالحرب الى مدنهم وقراهم، داعياً الحكومة السودانية إلى الاصطفاف مع المجتمع الدولي في دعم الحكومة الشرعية.
كما دعا البيان، كل القوى الخارجية إلى الكف عن دعم عناصر الانقلاب غير الشرعية في بنغازي وسحب كل المرتزقة من التراب الليبي والسعي لجمع الفرقاء لتحقيق السلام والتوافق عبر حوار عادل وشفاف لمصلحة الشعب الليبي حتى تعود ليبيا دولة فاعلة في المنظومة الدولية.
لكن كمال كرار، القيادي بـ "الحزب الشيوعي"، أحد مكونات التحالف الحاكم في السودان، رفض فكرة دعم حكومة طرابلس، واقترح طرح حكومة حمدوك غير المحسوبة على أي طرف، مبادرة سودانية لحل الأزمة في ليبيا، وجمع الأطراف في الخرطوم بدلاً من عواصم تدعم طرفاً على حساب الآخر.


وانتقد كرار في حديث لـ "العربي الجديد" بطء الدبلوماسية السودانية في التعاطي مع التطورات الأخيرة في ليبيا، في ظل اتفاق الجميع على أهمية الملف الليبي الذي "سيؤثر مباشرة على السودان ويهدد ثورته بوجود فرص لتسلل مسلحين إلى داخل البلاد". وأبدى كرار تأييده لإصدار قرار سريع بإغلاق الحدود البرية المشتركة.