يعلق عدد من القطاعات السودانية المتأزمة الآمال على الحكومة الجديدة التي صاحبها تقليص عدد الوزارات، خاصة الاقتصادية بنحو الثلث في مواجهة أزمة اقتصادية متفاقمة، ما سيؤدي إلى خفض الإنفاق الحكومي المتزايد وإعطاء مساحة لحل العديد من المشكلات الحياتية.
وفي الوقت الذي تعاني الحكومة من ضائقة مالية بسبب تراجع الإيرادات العامة، شهدت البلاد عدة أزمات اقتصادية خانقة، خلال الفترة الأخيرة، منها ارتفاع أسعار السلع ونقص الوقود وتراجع العملة المحلية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين.
ويحاول السودان خفض الإنفاق في الوقت الذي يواجه الاقتصاد أزمة، إذ تضرر في الشهور القليلة الماضية بسبب نقص العملة الصعبة والسلع الأساسية مثل الوقود والخبز.
وأصدر الرئيس السوداني عمر البشير، الأحد الماضي، قرارا بحل حكومة بكري حسن صالح، وتسمية معتز موسى سالم رئيسا جديدا للحكومة.
وقال البشير، الإثنين، إن بلاده ستشكل حكومة جديدة في غضون يومين، مشددا على أن الحكومة الجديدة سوف تتطلع إلى خفض الإنفاق إلى حده الأدنى، دون أن يحدد طبيعة التخفيضات.
وأكد محللو اقتصاد لـ"العربي الجديد" أهمية خطوة تغيير الحكومة، خاصة المجموعة الاقتصادية، في دعم خطط خفض الإنفاق الحكومي المترهل والذي فشلت في تحقيقه الحكومات السابقة حتى قفز الإنفاق إلى مستوى عال، مع زيادة عدد الوزارات في آخر حكومة "الوفاق الوطني" لـ31 وزارة، في حين تم خفضها إلى 21 وزارة في التشكيل الجديد.
وخرجت مظاهرات نادرة في أنحاء البلاد بسبب ارتفاع أسعار الخبز إلى المثلين، بعدما ألغت الحكومة الدعم في وقت سابق هذا العام.
وتسبب النقص الحاد في العملة الصعبة في القطاع المصرفي الرسمي في انتعاش السوق السوداء للدولار، حيث يجري تداول العملة الأجنبية حاليا بزيادة تبلغ نحو 40%، ورفعت تلك الزيادة كلفة الواردات وأسهمت في وصول التضخم إلى حوالي 64% في يوليو/ تموز.
وشحّت السيولة بالعملة المحلية أيضا في البنوك التجارية خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث يصطف الناس في طوابير طويلة أمام البنوك، كما انخفض حد السحب اليومي في بعض الأماكن إلى 500 جنيه (17.06 دولارا).
ويعاني السودان من مصاعب اقتصادية، منذ انفصال جنوب السودان عنه، في يوليو/تموز 2011؛ بسبب فقدان الخرطوم 75% من مواردها النفطية، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات العامة، في ظل محدودية الصادرات غير النفطية، وحرمان الخرطوم من مصدر حيوي للعملة الصعبة.
وتعثرت كافة جهود الحزب الحاكم السابقة في الوصول بالإنفاق العام إلى النحو الذي أعلنه في البرنامجين الثلاثي والخماسي الإسعافيين، لإنقاذ الاقتصاد والذي تبناهما منذ عام 2012 وحتى 2019، حيث أطل الإخفاق برأسه في السنوات الأولى من تطبيق البرنامجين لأسباب أرجعها محللون إلى عدم قدرة الجهاز التنفيذي على تجاوز عقدة ترشيد الإنفاق وإدارته نحو دفة الأولويات الحيوية كزيادة الإنتاج ورفع الصادرات وتحسين المستوى المعيشي وزيادة الصرف المنحاز للفقراء.
وأقر الوكيل الأسبق لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وأمين الأمانة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني السابق حسن أحمد طه لـ"العربي الجديد" بحدوث نمو متصاعد في الإنفاق الحكومي، خلال السنوات الماضية لعدة أضعاف وزيادة الإنفاق على الدفاع والأمن على حساب التنمية.
وأشار طه إلى أن تقليص الحكومة الوزارات هو خطوة في الاتجاه الصحيح، خاصة بعد أن تجاوز الإنفاق حجم الإيرادات الحكومية وأدى إلى ارتفاع الاستدانة من النظام المصرفي وزيادة التضخم بنسبة كبيرة.
اقــرأ أيضاً
وقال إن كلفة الوظائف التنفيذية القيادية لا تزيد عن نسبة 1% فقط من كلفة الإنفاق الحكومي العام، الأمر الذي يتطلب خفض كافة هياكل الحكومة وتحديد مكونات الإنفاق العام والنسب والقطاعات المستهدفة بالخفض، مبينا زيادته في الميزانية الحالية 2018 بنسبة 50% حتى الآن مقارنة بالميزانية السابقة، مما يعضد من أهمية التركيز الحقيقي والفعلي على هذه القضية.
وأكد الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء السوداني عمر محمد صالح، في وقت سابق، تركيز الميزانية الجديدة على خفض الإنفاق الحكومي، من خلال وقف تشييد العقارات الحكومية، وترشيد المشاركات الرسمية الخارجية وايقاف شراء السيارات الحكومية، وإيقاف الصرف على موازنات الشركات والهيئات العامة، وعدم صرف أية حوافز إلا بموافقة وزير المالية.
وكان المجلس الوطني (البرلمان) قد شكل لجنة لإيقاف تمدد الإنفاق الحكومي برئاسة رئيس اللجنة الاقتصادية وزير المالية الأسبق علي عبد الرسول، لمراجعة مصروفات الحكومة وتكاليفها ورفع توصية إلى رئيس الدولة بإيقاف أي صرف حكومي غير مهم من الميزانية، في إطار سياسة التقشف التي أقرتها الحكومة أخيراً للخروج بالبلاد من الضائقة الاقتصادية التي تمر بها.
ورهن المحلل الاقتصادي، هيثم فتحي، نجاح عملية ترشيد الإنفاق الحكومي بالسودان بتحديد أهداف واضحة ودقيقة للبرامج الحكومية، سواء كانت أهدافًا طويلة أم متوسطة الأجل، وتحديد الأولويات في ظل محدودية الموارد.
وذهب في قوله لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحكومة يتعين عليها تحديد المشاريع والبرامج وفق سلم للأولويات بحسب درجة إشباعها حاجات المواطنين الأكثر أولوية وإلحاحا لأن ترشيد النفقات العامة لا يتحقق برفع الشعارات، مشترطا على الحكومة والبرلمان قياس برامج الإنفاق العام، وتقييم مدى كفاءة وفعالية أداء الوحدات والأجهزة الحكومية عند قيامها بتنفيذ البرامج والمشاريع الموكلة إليها وحسن تصرف الحكومة في إنفاق الأموال وإحكام الرقابة عليها والوصول بالتبذير والإسراف إلى الحد الأدنى، وتلافي النفقات غير الضرورية وزيادة الكفاية الإنتاجية لقطاعات الاقتصاد ومحاولة الاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادية والبشرية المتوفرة للدولة.
ودعا فتحي إلى أهمية أن تضع الحكومة في الاعتبار مكافحة الفساد والحد من الهدر في المال العام، وأن يسعى القائمون على ضبط النفقات إلى تحقيقها من أجل تحقيق كفاءة أعلى.
وأكد الوزير الأسبق بوزارة التجارة الخارجية السودانية، الكندي يوسف، لـ"العربي الجديد" أن البذخ الحكومي يؤدي إلى هدر الموارد، موضحاً أن تقليص الحكومة الوزارات لـ21 وزارة يؤكد جديتها في تقليل صرفها والتركيز بشكل أكبر في إنفاقها على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقضايا الإنتاج ومعاش الناس.
وفي الوقت الذي تعاني الحكومة من ضائقة مالية بسبب تراجع الإيرادات العامة، شهدت البلاد عدة أزمات اقتصادية خانقة، خلال الفترة الأخيرة، منها ارتفاع أسعار السلع ونقص الوقود وتراجع العملة المحلية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين.
ويحاول السودان خفض الإنفاق في الوقت الذي يواجه الاقتصاد أزمة، إذ تضرر في الشهور القليلة الماضية بسبب نقص العملة الصعبة والسلع الأساسية مثل الوقود والخبز.
وأصدر الرئيس السوداني عمر البشير، الأحد الماضي، قرارا بحل حكومة بكري حسن صالح، وتسمية معتز موسى سالم رئيسا جديدا للحكومة.
وقال البشير، الإثنين، إن بلاده ستشكل حكومة جديدة في غضون يومين، مشددا على أن الحكومة الجديدة سوف تتطلع إلى خفض الإنفاق إلى حده الأدنى، دون أن يحدد طبيعة التخفيضات.
وأكد محللو اقتصاد لـ"العربي الجديد" أهمية خطوة تغيير الحكومة، خاصة المجموعة الاقتصادية، في دعم خطط خفض الإنفاق الحكومي المترهل والذي فشلت في تحقيقه الحكومات السابقة حتى قفز الإنفاق إلى مستوى عال، مع زيادة عدد الوزارات في آخر حكومة "الوفاق الوطني" لـ31 وزارة، في حين تم خفضها إلى 21 وزارة في التشكيل الجديد.
وخرجت مظاهرات نادرة في أنحاء البلاد بسبب ارتفاع أسعار الخبز إلى المثلين، بعدما ألغت الحكومة الدعم في وقت سابق هذا العام.
وتسبب النقص الحاد في العملة الصعبة في القطاع المصرفي الرسمي في انتعاش السوق السوداء للدولار، حيث يجري تداول العملة الأجنبية حاليا بزيادة تبلغ نحو 40%، ورفعت تلك الزيادة كلفة الواردات وأسهمت في وصول التضخم إلى حوالي 64% في يوليو/ تموز.
وشحّت السيولة بالعملة المحلية أيضا في البنوك التجارية خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث يصطف الناس في طوابير طويلة أمام البنوك، كما انخفض حد السحب اليومي في بعض الأماكن إلى 500 جنيه (17.06 دولارا).
ويعاني السودان من مصاعب اقتصادية، منذ انفصال جنوب السودان عنه، في يوليو/تموز 2011؛ بسبب فقدان الخرطوم 75% من مواردها النفطية، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات العامة، في ظل محدودية الصادرات غير النفطية، وحرمان الخرطوم من مصدر حيوي للعملة الصعبة.
وتعثرت كافة جهود الحزب الحاكم السابقة في الوصول بالإنفاق العام إلى النحو الذي أعلنه في البرنامجين الثلاثي والخماسي الإسعافيين، لإنقاذ الاقتصاد والذي تبناهما منذ عام 2012 وحتى 2019، حيث أطل الإخفاق برأسه في السنوات الأولى من تطبيق البرنامجين لأسباب أرجعها محللون إلى عدم قدرة الجهاز التنفيذي على تجاوز عقدة ترشيد الإنفاق وإدارته نحو دفة الأولويات الحيوية كزيادة الإنتاج ورفع الصادرات وتحسين المستوى المعيشي وزيادة الصرف المنحاز للفقراء.
وأقر الوكيل الأسبق لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وأمين الأمانة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني السابق حسن أحمد طه لـ"العربي الجديد" بحدوث نمو متصاعد في الإنفاق الحكومي، خلال السنوات الماضية لعدة أضعاف وزيادة الإنفاق على الدفاع والأمن على حساب التنمية.
وأشار طه إلى أن تقليص الحكومة الوزارات هو خطوة في الاتجاه الصحيح، خاصة بعد أن تجاوز الإنفاق حجم الإيرادات الحكومية وأدى إلى ارتفاع الاستدانة من النظام المصرفي وزيادة التضخم بنسبة كبيرة.
وقال إن كلفة الوظائف التنفيذية القيادية لا تزيد عن نسبة 1% فقط من كلفة الإنفاق الحكومي العام، الأمر الذي يتطلب خفض كافة هياكل الحكومة وتحديد مكونات الإنفاق العام والنسب والقطاعات المستهدفة بالخفض، مبينا زيادته في الميزانية الحالية 2018 بنسبة 50% حتى الآن مقارنة بالميزانية السابقة، مما يعضد من أهمية التركيز الحقيقي والفعلي على هذه القضية.
وأكد الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء السوداني عمر محمد صالح، في وقت سابق، تركيز الميزانية الجديدة على خفض الإنفاق الحكومي، من خلال وقف تشييد العقارات الحكومية، وترشيد المشاركات الرسمية الخارجية وايقاف شراء السيارات الحكومية، وإيقاف الصرف على موازنات الشركات والهيئات العامة، وعدم صرف أية حوافز إلا بموافقة وزير المالية.
وكان المجلس الوطني (البرلمان) قد شكل لجنة لإيقاف تمدد الإنفاق الحكومي برئاسة رئيس اللجنة الاقتصادية وزير المالية الأسبق علي عبد الرسول، لمراجعة مصروفات الحكومة وتكاليفها ورفع توصية إلى رئيس الدولة بإيقاف أي صرف حكومي غير مهم من الميزانية، في إطار سياسة التقشف التي أقرتها الحكومة أخيراً للخروج بالبلاد من الضائقة الاقتصادية التي تمر بها.
ورهن المحلل الاقتصادي، هيثم فتحي، نجاح عملية ترشيد الإنفاق الحكومي بالسودان بتحديد أهداف واضحة ودقيقة للبرامج الحكومية، سواء كانت أهدافًا طويلة أم متوسطة الأجل، وتحديد الأولويات في ظل محدودية الموارد.
ودعا فتحي إلى أهمية أن تضع الحكومة في الاعتبار مكافحة الفساد والحد من الهدر في المال العام، وأن يسعى القائمون على ضبط النفقات إلى تحقيقها من أجل تحقيق كفاءة أعلى.
وأكد الوزير الأسبق بوزارة التجارة الخارجية السودانية، الكندي يوسف، لـ"العربي الجديد" أن البذخ الحكومي يؤدي إلى هدر الموارد، موضحاً أن تقليص الحكومة الوزارات لـ21 وزارة يؤكد جديتها في تقليل صرفها والتركيز بشكل أكبر في إنفاقها على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقضايا الإنتاج ومعاش الناس.