حكومة أقلية في الدنمارك... خطوة نحو التشدد الداخلي والخارجي

29 يونيو 2015
تسلم سبعة عشر وزيراً الحقائب كحكومة أقلية (العربي الجديد)
+ الخط -

قدم رئيس وزراء الدنمارك الجديد، لارس لوكا راسموسن، أسماء وزرائه لملكة الدنمارك اليوم، الأحد، وجميعهم من حزبه، "فينسترا"، الليبرالي اليميني، وهو حزب لم يحصل سوى على 19 في المائة من أصوات الناخبين في الانتخابات التي جرت يوم 18 الشهر الجاري.

وتسلم سبعة عشر وزيراً ووزيرة الحقائب كحكومة أقلية، وهي المرة الثانية في تاريخ هذا الحزب منذ عام 1973 التي يحكم فيها بعيداً عن تحالفات مع أحزاب اليمين المختلفة معه في السياسات الاجتماعية والاقتصادية. وعلى الرغم من أن التسلم والتسليم جرى، كما هي العادة، في الديمقراطيات الاسكندنافية، إلا أن المرارة لم تغب هذه المرة عن أكبر الأحزاب البرلمانية، حزب الاشتراكيين الديمقراطيين، وهم يسلمون الحقائب وعينهم على انتخابات مبكرة، وهو أمر يتنبأ به كثير من السياسيين وخبراء الانتخابات المحليين.

ويواجه لارس لوكا راسموسن، كحكومة أقلية، الكثير من المعارضة من اليمين واليسار وغياباً كليّاً لانسجام معسكره. ويبدو من الأسماء، التي اختارها، أن التشدد سيطبع توجهات حكومة الدنمارك بدءاً من يوم الإثنين.

فقد تسلمت السياسية المثيرة للجدل في تشددها مع الدنماركيين من أصول مهاجرة، وتحديداً المسلمين، انغا ستويبرغ، حقيبة دُمجت فيها وزارتان أطلق على إحداهما "وزارة دمج الأجانب" وعلى الأخرى وزارة السكن.

وفي غياب أي أمل لأن تتغير سياسة ستويبرغ، لا يبدو أن عملية الدمج واستقبال الدنمارك بضعة آلاف من اللاجئين ستحمل أية مضامين إيجابية في المستقبل المنظور، بل يعتبر كثيرون أن "ستويبرغ حصلت ربما على مرادها للعمل بوجه الراديكالية الإسلامية وإغلاق مسجد مدينة أرهوس في غريمهوي".

بل على العكس من ذلك، يتوقع المراقبون أن تذهب نحو المزيد من التشدد وبالفعل طرح "من اليوم الأول للعمل"، بحسب الوصف الذي أطلقته الحكومة على بدء عملها، تنفيذ الوعود الانتخابية بـ"خفض المساعدات للاجئين" وتعقيد قضايا لم الشمل بشروط تعتبرها أحزاب أخرى بعيدة عن وجهتها الإنسانية، بينما تسلم وزارة العدل سورن بيند، الذي يحمل أيضاً مواقف متشنجة داخلياً مع من هم من أصول مهاجرة وخارجياً في تركيزه الناقد للإسلام والعديد من الدول العربية، رغم أنه يتميز بقبوله الاعتراف بدولة فلسطينية على عكس توجهات اليمين.

كما حل في الخارجية اسم كان كثيراً ما ينظر إليه كمنافس للارس راسموسن، وهو السياسي كريستيان ينسن، الذي أعلن على الفور أن الدنمارك ستتوجه قبل نهاية العام لاستفتاء شعبي حول علاقتها بقضايا الاتحاد الأوروبي.

الأثمان التي تدفعها حكومة الأقلية اليمينية للحصول على قاعدة برلمانية سرعان ما تبين بعض أهم أوجهها، وهو في تأييد رئيس الوزراء شخصية يمينية متطرفة، مثل بيا كيرسغوورد، لترؤس البرلمان الدنماركي، خطوة ليست سارة بالمطلق للأحزاب السياسية في الوسط ويسار الوسط، لما تشكله مواقف كيرسغوورد من جدل ليس في مصلحة صورة الدنمارك داخلياً وخارجياً.

ومن بين الوزراء السبعة عشر لم تحظ النساء سوى بـ 5 حقائب في حكومة راسموسن، وفي نفس الوقت الذي أثار ذلك استغراب المراقبين، كان "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" في مؤتمره العام يقوم بنقل قيادة الحزب من رئيسة الوزراء السابقة، هيلي تورنينغ شميت، التي تأمل أن تخلف وزير الخارجية الأسبق، موينز لوكاتوفت، في رئاسة البرلمان، إلى شخصية شابة في الحزب هي الوزيرة السابقة، ميتا فرديريكسن، التي تعتبر على يسار الاشتراكيين الديمقراطيين.


ويعتبر مراقبون أن انتقال زعامة الحزب من امرأة إلى أخرى سيعزز فرص الحزب للعودة إلى الحكم في أية انتخابات قادمة، وخصوصاً أن التوقعات لا تعطي راسموسن الكثير من الوقت في حكومة الأقلية التي شكلها.

ويقدر أكثر المتفائلين من خبراء الانتخابات، ومن الأحزاب الأخرى، أن تستمر هذه الحكومة فقط لمدة عامين، بسبب تهربها من الوعود الانتخابية ووقوعها تحت ضغط الابتزاز، الذي تمارسه قوى وأحزاب تقع على يمين الحزب وسياساتها الاقتصادية، ومن تلك الأحزاب حزب "الشعب" الدنماركي المتشدد وحزب "التحالف الليبرالي" الذي يذهب نحو المطالبة بالخصخصة وتخفيض الإنفاق العام وتخفيض الضريبة عن الأثرياء وأصحاب المداخيل المرتفعة.

اقرأ أيضاً التحدّي الأوروبي الجديد: الدنمارك نحو اليمين

دلالات