حكواتي: ولقد حلمتُ

03 مايو 2014
حلم في بهو فندق للرقص
+ الخط -
غابرييل غارسيا ماركيز محقّ طبعاً. لا نستطيع كتابة تضاهي الحلم. الحلم بصوره الوحشية.

كان حلماً طويلاً. لا أعرف كم ساعة، لكن يبدو أنّه طويل. ممّا أعرفه أنّني هجمت على بهو الفندق مسرعاً باتجاه صالة القمار.

كان مدرّب الرقص في البهو يعلّم البنات رقصة لا أعلم اسمها. رأيته يمسك بأيديهنّ ويثبّت أقدامهنّ ويوازن الأكتاف، ثم يقول لهنّ: هكذا، فيفعلن البنات مثله هكذا، ثم يبدي المدرب ملاحظاته: لا لا ليس هكذا.

كتمتُ صيحتي لأنّني في فندق، لكنّ موظفة الاستقبال رأتني وأنا أضرب كفّي مرّة واحدة. قالت لي: هل تحتاج إلى مساعدة؟ قلت: طبعاً لا أحتاج إلى مساعدة. ورفعت حاجباً مع ابتسامة مدروسة. وقبل أن أدخل صالة القمار رجعت مخطوفاً إليها وقلت: على فكرة، تعلّم الرقص أحلى من الرقص.

خارج الفندق مصطبة حيث يتربّع الشاعر ويقرأ رواية جيب. وفي آخر سور الفندق بيت طيني يدخل فيه رئيس رابطة الكتاب الأردنيين ومعه رهط يلبسون ملابس فضفاضة، وقال مشيراً بإصبعه إليّ: اذهب وصلّ الفجر أحسن لك.

يسألني زميلي المخرج الصحافي: من هذه؟

كان يسأل عن صبية تراقب حصّة تعليم الرقص وتشرب القهوة بفنجان أحمر. لم أتذكر اسمها في الحلم،  لكن على الأرض في الواقع تعمل موظفة علاقات عامة. غالباً ما تتحدث بالإنكليزية، وهي ذات مواصفات قياسية دون أي خلل، وهذا ما لا يعجبني.

حين تمرّ في المؤسسة الثقافية تلتوي أعناق الرجال والنساء لتأمّل جسدها المشغول بمزاج جواهرجي. تزوّجت الصبية رجل أعمال لعام واحد ثم طُلقت.

الزميل يكرّر في الحلم: من هذه؟ وأنا أقول: لا أعرف.

زميلي المخرج التقيته قبل يومين من الحلم. دعوته إلى تناول القطّين (التين المجفّف) فقال: تعرف محمد؟ قريتي أشهر قرية في فلسطين تعمل القطّين. قلت: ما اسم قريتك؟ قال: لن أقول لك. فقط اسأل أيّ شخص في الضفة الغربية، وحتماً لن يذكر لك إلا قريتي. فسألت خمسة أصدقاء، وعدّدوا لي جميع القرى التي تتبع مدينة نابلس ما عدا قريته.

زميلي الذي نختصر اسمه الطويل المليء بالعبيد، إلى اسم "ابو العبد" يدخّن "روثمان"، وأجوبته دائماً قصيرة: لا، نعم، لا أعرف، ربما. وهو مبدئي جداً، بل حمار صبور على مبادئه.

أبو العبد كان السبب في أنّنا خسرنا أموالنا في القمار، لا أعرف كيف، ولا أعرف أيضاً نوع هذا القمار. ما حصل أنّ "أبو العبد" لاحظ مشكلة في الكهرباء التي انطفأت غير مرّة، فقيل له: هل نكمل؟ قال: ليس لي أيّ علاقة في الموضوع.

كان على الجريدة أن تغطّي تكاليف مهمة صحافية لي، لم ترِد في الحلم، أو لا أتذكرها، فكانت التكاليف باهظة. ثم استيقظت من النوم "على غير عادتي" كما يقول القصّاصون الرديئون.

المساهمون