سيُصبح للبنان رئيس جديد الإثنين المقبل. على الأقل هذا ما تُشير إليه معظم التحليلات والمعطيات. سيُنهي انتخاب رئيس للجمهورية، ويُرجح أن يكون النائب ميشال عون، نحو سنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي الذي بدأ في 25 أيار/مايو 2014. قبل هذا التاريخ بحوالى عشرين يوماً، صدر قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري. ومنذ ذلك الوقت، وحتى منتصف هذا العام، سجّل القضاء أكثر من 175 قرار حماية للنساء من العنف الأسري، وقتلت عشرات النساء على أيدي أزواجهن بجرائم مروّعة، ووثّقت مئات الشكاوى لدى الجمعيات والجهات المختصة.
يتنافس عون مع رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية. المرشّحان، بمعزل عن كونهما رئيسين طائفيين، لم يقدما أي مشروع انتخابي. ليس في الأمر غرابة. منذ متى أصلاً يتم الانتخاب على أساس برنامج انتخابي؟ من يتابع تصريحات ومواقف وعناوين المرشّحين لموقع رئاسة الجمهورية في الأشهر السابقة، يجد أنه من المخزي عدم ذكر أي برنامج أو خطة عمل تعكس الالتزام بوضع حدّ للتمييز أو العنف أو القتل الذي تواجهه النساء في لبنان. غابت القضايا الحقوقية أصلاً عن معركة الرئاسة. الحاضر الوحيد (سلباً) من المسائل الحقوقية، كان تكريس خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين في خطاب عون، عبر صهره وزير خارجية لبنان، جبران باسيل. ليس بعيداً بالزمن ما أتحفنا به من تصريح حول منع حق النساء اللبنانيات المتزوجات من فلسطينيين أو سوريين من منح الجنسية وتمتع أولادهن وأزواجهن بحق التعليم أو الاستشفاء.
ثمة مفهوم مركّب يدعى بـ "العناية الواجبة" تحت سلطة رئاسة الجمهورية، والذي يُخرج قضية العنف ضد النساء من مفهوم حماية النساء حصراً إلى تفعيل سياسات وقوانين وقائية للحد من العنف ومكافحته وتوفير أوسع حماية للمتضررات. يوم الإثنين المقبل، قد يصبح الجنرال عون رئيساً للجمهورية. إذا حصل ذلك، سيكون أمامنا سنوات ستّ من القلق الحقوقي. إذا لم تُلحظ قضايا النساء وهمومهن أثناء المعركة الإنتخابية، فهذا سيعني تعقيد مسار أي تغيير سياساتي أو تعديل قانوني. سيبقى المغتصب معفياً من العقاب بقوة القانون، وسيبقى قتلة النساء بلا عقاب، وستبقى معاناة النساء لحظوية.
بالرغم من بديهية الفكرة، إلا أنه لأمر مخز ومعيب فعلاً أن يغيب البعد الحقوقي عن خطاب أي من المرشّحين، ليسيطر خطاب الشحن أو التجاذب المذهبي والطائفي أو العنصري. وقد يكون من المخزي أيضاً أن أتردد في كتابة هذا المقال معتبرة أن هذه الفكرة بديهية جداً وعدم جديرة بمقال. كم هو مؤلم أن يصبح الوضع الطارئ سائداً، والوضع الشاذ طبيعياً. في كل مرة، يُريد النظام الحاكم إقناعنا بأن حقوقنا ليست سوى ديكور. كم هو مقلق مستقبلنا في هذه البلاد.
*ناشطة نسوية