تصاعدت وتيرة النضال النسوي في العامين الأخيرين، بحيث باتت القضايا المطلبية لحقوق النساء هي التي تتصدر الجهود النسوية، مقارنة بالسياق الخدماتي للنساء والفتيات الذي كان سائداً منذ بداية الثورات العربية تقريباً. هل تعتبر هذه المرحلة مفصلية في العودة إلى النفس المطلبي الذي كان سائداً منذ حوالي العشر سنوات فيما خص حقوق النساء الإنسانية في لبنان؟
من ينظر إلى جهود الحركة النسائية والنسوية، خلال السنوات العشر الماضية، يجد أن حقوق النساء بالمواطنة قد وصلت إلى ذروتها بين عامي 2008 و2011 حين نشطت حملة حق المرأة في منح الجنسية لأولادها وزوجها في حال تزوجت من غير لبناني، وحملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري. كنتيجة أساسية لهذه الجهود، أقرّ قانون حماية النساء من العنف، وبات مطلب الجنسية من أبرز المطالب التي خلقت وعياً ورأياً عاماً حولها في تلك الفترة.
لكن مع بداية عام 2011 وفترات الثورات وما بعد الثورات والحروب وأزمات الديمقراطية التي سادت معظم البلدان العربية، عادت معظم المنظمات والهيئات النسائية إلى "وضع الطوارئ"، حيث عادت الحاجات الفردية للنساء من مأوى ومأكل وحماية تطغى على أولوية المناصرة، من أجل تحسين أوضاع النساء عامةً وحشد الرأي العام للمطالبة بحقوقهن. دامت هذه الفترة حتى منتصف عام 2015، وبقي العمل تحت عنوان "الإغاثة" سائداً، وبقي الوضع "طارئاً" طيلة خمس سنوات وأكثر.
منذ عامي 2015 و2016 وأجندة الحركات النسائية في لبنان في وتيرة مطلبية تصاعدية. منذ ذلك الحين والأصوات المطلبية بتعددها تطالب بتحسين أوضاعهن ومكانتهن. تشمل هذه الأصوات والجهود المطلبية تلك الآيلة إلى إقرار قانون لرفع الحد الأدنى للزواج وتوحيده بين جميع الطوائف بعمر 18 سنة، وإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات التي تعفي المغتصب من الجريمة إذا ما تزوّج من الضحية (وذلك ضمن جملة مواد أخرى من قانون العقوبات اللبناني)، وتجريم التحرّش الجنسي للنساء في الأماكن العامة، ووضع كوتا نسائية لضمان مشاركة فاعلة للنساء في السياسة. وهكذا باتت هذه القضايا على جدول أولويات العمل النسوي للمرحلة الحالية والمتوقّع أن تستمر خلال المرحلة القادمة.
لا يمكن، بأي حال من الأحوال، فصل هذه التحوّلات في الأجندات والأولويات عن الواقع السياسي والأمني والاقتصادي والتكنولوجي السائد. لا يمكن، بأي حال من الأحوال، الادعاء أن هذا الانتقال من النفس الخدماتي إلى النفس المطلبي جاء بشكل عشوائي أو بالصدفة. هو في الواقع سياق تراكمي جمع بين الخاص (قصص النساء ومعاناتهن في ظل الحروب والتي جُمعت خلال مراحل تقديم الخدمات) وبين العام (أي ما استخدم في تلك الحروب والثورات من أدوات لإقصاء النساء ولتعنيفهن). والأهم، أنه لا يمكن فصل هذا التحوّل في الخطاب النسوي عن الحراك الاجتماعي والشعبي العام الذي ساد في لبنان منذ اندلاع أزمة النفايات وما بعدها.
*ناشطة نسوية
اقــرأ أيضاً
من ينظر إلى جهود الحركة النسائية والنسوية، خلال السنوات العشر الماضية، يجد أن حقوق النساء بالمواطنة قد وصلت إلى ذروتها بين عامي 2008 و2011 حين نشطت حملة حق المرأة في منح الجنسية لأولادها وزوجها في حال تزوجت من غير لبناني، وحملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري. كنتيجة أساسية لهذه الجهود، أقرّ قانون حماية النساء من العنف، وبات مطلب الجنسية من أبرز المطالب التي خلقت وعياً ورأياً عاماً حولها في تلك الفترة.
لكن مع بداية عام 2011 وفترات الثورات وما بعد الثورات والحروب وأزمات الديمقراطية التي سادت معظم البلدان العربية، عادت معظم المنظمات والهيئات النسائية إلى "وضع الطوارئ"، حيث عادت الحاجات الفردية للنساء من مأوى ومأكل وحماية تطغى على أولوية المناصرة، من أجل تحسين أوضاع النساء عامةً وحشد الرأي العام للمطالبة بحقوقهن. دامت هذه الفترة حتى منتصف عام 2015، وبقي العمل تحت عنوان "الإغاثة" سائداً، وبقي الوضع "طارئاً" طيلة خمس سنوات وأكثر.
منذ عامي 2015 و2016 وأجندة الحركات النسائية في لبنان في وتيرة مطلبية تصاعدية. منذ ذلك الحين والأصوات المطلبية بتعددها تطالب بتحسين أوضاعهن ومكانتهن. تشمل هذه الأصوات والجهود المطلبية تلك الآيلة إلى إقرار قانون لرفع الحد الأدنى للزواج وتوحيده بين جميع الطوائف بعمر 18 سنة، وإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات التي تعفي المغتصب من الجريمة إذا ما تزوّج من الضحية (وذلك ضمن جملة مواد أخرى من قانون العقوبات اللبناني)، وتجريم التحرّش الجنسي للنساء في الأماكن العامة، ووضع كوتا نسائية لضمان مشاركة فاعلة للنساء في السياسة. وهكذا باتت هذه القضايا على جدول أولويات العمل النسوي للمرحلة الحالية والمتوقّع أن تستمر خلال المرحلة القادمة.
لا يمكن، بأي حال من الأحوال، فصل هذه التحوّلات في الأجندات والأولويات عن الواقع السياسي والأمني والاقتصادي والتكنولوجي السائد. لا يمكن، بأي حال من الأحوال، الادعاء أن هذا الانتقال من النفس الخدماتي إلى النفس المطلبي جاء بشكل عشوائي أو بالصدفة. هو في الواقع سياق تراكمي جمع بين الخاص (قصص النساء ومعاناتهن في ظل الحروب والتي جُمعت خلال مراحل تقديم الخدمات) وبين العام (أي ما استخدم في تلك الحروب والثورات من أدوات لإقصاء النساء ولتعنيفهن). والأهم، أنه لا يمكن فصل هذا التحوّل في الخطاب النسوي عن الحراك الاجتماعي والشعبي العام الذي ساد في لبنان منذ اندلاع أزمة النفايات وما بعدها.
*ناشطة نسوية