حقوق التأليف والنشر: انتهاء المعركة في البرلمان الأوروبي

07 يوليو 2018
بداية معركة شرسة مع الشركات العملاقة مثل "غوغل" (Getty)
+ الخط -
صوّت البرلمان الأوروبي، قبل يومين ضد إصلاح قانون "حقوق التأليف والنشر". وهو ما خفّض احتمال قيام معركة شرسة مع الشركات العملاقة مثل "غوغل" بسبب محتوى القرار. لكن قبل التصويت ضدّ القرار كان المشهد التكنولوجي في العالم متوتراً لأسباب مختلفة.



طيلة الأسبوع الماضي كان المارون عبر ساحة لوكسمبورغ، المجاورة لمقر البرلمان الأوروبي في بروكسل، يحصلون على فنجان قهوة مجاناً من شركة إديما، التي تدافع عن مصالح شركات مثل "غوغل" و"آبل" و"فيسبوك". قهوة يوزعها موظف يحمل على ظهره شعاراً "تصفية القهوة، وليس الإنترنت" تستهدف خاصة البرلمانيين الأوروبيين المارين عبر الساحة. تسويق في الشارع يوضح مدى شراسة المعركة التي عرفتها المؤسسات الأوروبية بخصوص حقوق التأليف والنشر.
فقد قدمت المفوضية الأوروبية، في سبتمبر/ أيلول 2016، مقترحاً لإصلاح الإطار التشريعي الأوروبي بشأن حقوق المؤلفين. ومن بين التدابير المقترحة، إلزام منصات مثل "يوتيوب" باتخاذ إجراءات "مناسبة ومتناسبة" لضمان حماية المحتوى المحمي بحقوق التأليف والنشر. على سبيل المثال، مقطع فيديو خاص لمستخدم يظهر فيه شخصٌ يرقص على أغنية محمية بحقوق التأليف.
وكانت فكرة المفوضية تسعى إلى ردم الفجوة بين إيرادات الإعلانات التي تحصل عليها شركة "يوتيوب" جراء بث مقاطع الفيديو هذه وما يحصل عليه المؤلفون. والأمر كان يتعلق بتعزيز موقع قطاع تسويق الموسيقى في مواجهة منصات مثل شركة "غوغل" العملاقة.
وقد "واجهت هذه المنصات نكسة مع الدول الأوروبية. إذ ذهبت الدول الأعضاء أبعد من المقترح الأصلي للمفوضية"، بحسب ما تفسر لـ"العربي الجديد"، إيلودي ليمار، الخبيرة في الشؤون الاقتصادية. وتضيف "في حين أن تشريعات التجارة الإلكترونية ظلّت تكفل لمدة عشرين عامًا تقريبًا بأن المنصات غير مسؤولة عن المحتوى الذي ينشره مستخدموها، فإن نص البلدان الأوروبية ينص في الأساس على أن المضيفين سيكونون مسؤولين عن انتهاك حقوق التأليف والنشر التي يرتكبها مستخدموها، ما لم يثبتوا أنهم فعلوا كل ما في وسعهم لمنع هذه الانتهاكات".






ويعتقد مسيّرو قطاع تسويق الموسيقى أن هذا القرار لو كان قد أقرّ كان سيؤدي إلى تثبيت أنظمة لمراقبة جميع التحميلات ومنع نشر مقاطع فيديو تحمل موسيقى غير مدفوع عنها. "بلجيكا لم تكن مع هذا الإجراء. لذا دعت الدائرة القانونية لمجلس الاتحاد الأوروبي، حيث يتم تمثيل الدول الأعضاء، لمعرفة ما إذا كانت متوافقة مع الحقوق الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير"، تقول إيلودي ليمار، وتشير إلى أن "محامي المجلس ردوا بأن الأمر متروك للدول الأعضاء لاتخاذ قرار بشأن التوازن بين مختلف الحقوق. الحق في حرية التعبير والحق في التأليف والنشر. وهو ما دفع بالدول الأوروبية إلى المصادقة على هذا الموقف التفاوضي في نهاية شهر مايو/ حزيران، دون دعم بلجيكا".


وللتأثير على عملية اتخاذ القرار من قبل البرلمان الأوروبي، اختارت المنصات العمل الدعائي الموجه إلى صناع هذه القرارات، أي أعضاء البرلمان الأوروبي. وأصرّ عضو البرلمان الذي يشرف على المفاوضات، الألماني أكسل فوس، من كتلة حزب الشعب، على ضرورة اعتماد تدابير مماثلة لتلك التي صادق عليها المجلس الأوروبي. "لقد حاولنا إيجاد حل وسط بين المجموعات السياسية في البرلمان الأوروبي لكن إذا لم يكن ذلك ممكنا، فسوف يتعين علينا الاتجاه نحو التصويت وسنرى النتيجة"، كما فسر لـ"العربي الجديد". "كان السبب من اقتراح المفوضية لهذا الإجراء هو التأكد من أن يوتيوب تدفع فعلياً لمالكي حقوق الموسيقى التي تبثها. لكن ما يتضمنه اقتراح البرلمان الأوروبي يجعل المراقبة إلزامية من دون فرض دفع الحقوق"، تنتقد من جهتها، جوليا ريدا، من حزب القراصنة الألماني. وترى في هذا الاقتراح أداة للرقابة في يد عمالقة شبكة الإنترنت. بينما تعتقد مود ساككيت، التي تمثل مجموعة من المنصات أن القرار "سيسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه للحقوق الأساسية للمستخدمين وللابتكار والإبداع والاقتصاد في أوروبا".


وتتعلق المعركة الرئيسية الأخرى لمقترح المفوضية الأوروبية في فرض تقاسم عادل للمداخيل بين الصحافة الإلكترونية ومجمعي الأخبار، مثل "غوغل". "هذه النقطة تعتبر حساسة لبعض الدول الأوروبية مثل بلجيكا، التي شهدت رفع شركات الصحف البلجيكية الناطقة باللغة الفرنسية دعوى ضد "غوغل" بين عامي 2007 و2011 حول هذا الأمر"، تفسر إيلودي ليمار. ويتوخى الإصلاح إنشاء حق لناشري الصحف. وفي موقفهم التفاوضي، قررت الدول الأعضاء أن تقاسم مقتطفات من مادة ما سيظل مجانياً، ولكن سيكون لكل بلد الخيار في تحديد ما يعنيه بـمقتطفات. وهو ما تعتبره جوليا ريدا "ضريبة على روابط الإنترنت". وتوضح أنّ أكثر من 100 عضو في البرلمان الأوروبي وقعوا رسالة إلى أكسل فوس طالبين سحب هذا الإجراء. "أعضاء البرلمان الأوروبي يتعرضون لضغوط شديدة حول هذه القضية"، كما تقول جوليا ريدا، التي ترى في بأن مجموعة الصحافة الألمانية أكسل سبرينغر هي التي تقف وراء هذه الضغوط التي تدفع ببعض النواب إلى دعم المقترح رغم مناقضته لآرائهم، وذلك خوفًا من ردود فعل أعضاء البرلمان الأوروبي الألمان المحافظين.