"الدهشة" هي التعبير الأصدق حول الحفلات الغنائية والموسيقية التي تُقام داخل المملكة العربية السعودية، هذه الأيام. في الشكل، هي حفلات غنائية صحيح، لكن في المضمون هي مجرد ادعاء للهروب إلى واقع مُستجد على المملكة، من باب تعزيز ما يُسمى بالانفتاح الفني والاجتماعي، الذي ظهر فجأة، داخل المملكة، مع بداية "انتفاضة" ولي العهد محمد بن سلمان الإعلامية والفنية، بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
لا داعي لشرح مفصّل حول ما يجري في هذه المناسبات، لكن في نظرة سريعة على ردود الفعل المتابعة لها، تجدنا أمام مشهد سوريالي سمته التناقض.
بعد القرار الذي اتخذ في الخريف الماضي من قبل الهيئات السعودية بالموافقة على إقامة الحفلات الغنائية في أرجاء المملكة، استبشر الناس والفنانون خيراً. وحسنًا تأتي قرارات الإدارة السعودية لمزيد من الحرية، والانفتاح، لكن ذلك لا يبدد خوف القائمين على الحفل من أي ردة فعل "غبية" تقلب الطاولة.
بداية، لم يكن أمام المسؤولين السعوديين إلّا البحث عن الموقف السياسي للفنانين الذين اختيروا للمشاركة في هذه الفعاليات. مثلاً، من الطرائف التي حصلت أن كاظم الساهر مُنع من الغناء لأنه يحمل الجنسية القطرية فقط، ليس ذلك فحسب، بل جرت مساومة بعض الفنانين على مواقفهم. أحياناً، لا يكون للفنانين موقف من طرح سياسي حال المغنية يارا.
لكن بعض الفنانين يضعف أمام "الطلب" السعودي، فيقبل بالشروط التي يفرضها عليه نظام المال، لمجرد أن يذهب ويلتزم ببنود عقد، وكأنه يدخل إلى جناح هيئة المخابرات لمدة يوم واحد، شروط تتخذ من مراعاة الأجواء العامة والالتزام بالعادات والتقاليد المفروضة، ولها مساحة أكبر من الغناء والحفل نفسه. أليسا، مثلاً، وللمرة الأولى في حفلها الذي أقيم السبت الماضي في الرياض، التزمت بلباس فضفاض، غير مكشوف، واستبسلت في أحاديث صحافية حماساً للقاء جمهورها السعودي، محاولةً أن تتأقلم مع واقع المملكة لساعات.
اقــرأ أيضاً
راغب علامة، من جهته، في بهو الفندق في جدّة، يكسر التقاليد والعادات، ويقف مصافحاً النسوة، كاسراً نمطاً، ليُسارع ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نشر الفيديو الذي جمع راغب علامة بالمعجبات في الفندق، ويوجهون إليه سيلاً من الانتقادات، ويوبخون المسؤولين عن الحفل بطريقة الوعظ.
السؤال، هنا: لو كان راغب علامة لم يلتزم بالعادات السعودية؛ فلماذا لم يُلفت نظره، ويصافح النسوة؟ حالة من التناقض، تولد هنا، وتحملنا السؤال: ماذا لو كانت المعجبات السعوديات براغب علامة التقينه في دبي؟ هل كانت المحاسبة أو إثارة الموضوع على لسان الناشطين بالشكل الذي حصل في جدة؟
يوم الإثنين الماضي، وصلت الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب إلى السعودية لإحياء حفل، بعد أشهر من قرار إلغاء حفلها في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في المملكة بسبب سوء إدارة وإخراج تصاريح خاصة بالحفل، بحسب هيئة الترفيه.
هذه الأيام، انتشر على موقع "تويتر" وسم "#عيدكم_مع_شيرين_بجدة" الذي كشف وجود انقسام بين السعوديين، بين المرحبين بإقامة الحفل وبين معارضين يرفضون الإعلان في هذا التوقيت عن الحفلات الغنائية، وآخرين رفضوا اختيار شيرين تحديدًا لإحياء الحفل، في إشارة إلى أنها سبق أن أساءت إلى السعودية، في مقابلة تلفزيونية. كتب مغرد: "من شروط الظهور في الإعلام السعودي ودعم هيئة الترفيه أن يكون الفنان أو الفنانة قد سبق وتطاول على السعودية ودينها! تكرر ذلك كثيراً وهذا يدل على أن من يجلب هؤلاء غرضه التشفّي بالشعب والوطن".
هكذا تريد هيئة الانفتاح الفني، السعودي، أن تتناسب الحفلات الغنائية مع مزاجها تحت مُسمى العادات والتقاليد؛ فتفرق بين حفل مخصص للنساء، وآخر للرجال، وتحاول الهروب أو الإيحاء بأنها تحافظ على العادات والتقاليد.
لا داعي لشرح مفصّل حول ما يجري في هذه المناسبات، لكن في نظرة سريعة على ردود الفعل المتابعة لها، تجدنا أمام مشهد سوريالي سمته التناقض.
بعد القرار الذي اتخذ في الخريف الماضي من قبل الهيئات السعودية بالموافقة على إقامة الحفلات الغنائية في أرجاء المملكة، استبشر الناس والفنانون خيراً. وحسنًا تأتي قرارات الإدارة السعودية لمزيد من الحرية، والانفتاح، لكن ذلك لا يبدد خوف القائمين على الحفل من أي ردة فعل "غبية" تقلب الطاولة.
بداية، لم يكن أمام المسؤولين السعوديين إلّا البحث عن الموقف السياسي للفنانين الذين اختيروا للمشاركة في هذه الفعاليات. مثلاً، من الطرائف التي حصلت أن كاظم الساهر مُنع من الغناء لأنه يحمل الجنسية القطرية فقط، ليس ذلك فحسب، بل جرت مساومة بعض الفنانين على مواقفهم. أحياناً، لا يكون للفنانين موقف من طرح سياسي حال المغنية يارا.
لكن بعض الفنانين يضعف أمام "الطلب" السعودي، فيقبل بالشروط التي يفرضها عليه نظام المال، لمجرد أن يذهب ويلتزم ببنود عقد، وكأنه يدخل إلى جناح هيئة المخابرات لمدة يوم واحد، شروط تتخذ من مراعاة الأجواء العامة والالتزام بالعادات والتقاليد المفروضة، ولها مساحة أكبر من الغناء والحفل نفسه. أليسا، مثلاً، وللمرة الأولى في حفلها الذي أقيم السبت الماضي في الرياض، التزمت بلباس فضفاض، غير مكشوف، واستبسلت في أحاديث صحافية حماساً للقاء جمهورها السعودي، محاولةً أن تتأقلم مع واقع المملكة لساعات.
راغب علامة، من جهته، في بهو الفندق في جدّة، يكسر التقاليد والعادات، ويقف مصافحاً النسوة، كاسراً نمطاً، ليُسارع ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نشر الفيديو الذي جمع راغب علامة بالمعجبات في الفندق، ويوجهون إليه سيلاً من الانتقادات، ويوبخون المسؤولين عن الحفل بطريقة الوعظ.
السؤال، هنا: لو كان راغب علامة لم يلتزم بالعادات السعودية؛ فلماذا لم يُلفت نظره، ويصافح النسوة؟ حالة من التناقض، تولد هنا، وتحملنا السؤال: ماذا لو كانت المعجبات السعوديات براغب علامة التقينه في دبي؟ هل كانت المحاسبة أو إثارة الموضوع على لسان الناشطين بالشكل الذي حصل في جدة؟
يوم الإثنين الماضي، وصلت الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب إلى السعودية لإحياء حفل، بعد أشهر من قرار إلغاء حفلها في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في المملكة بسبب سوء إدارة وإخراج تصاريح خاصة بالحفل، بحسب هيئة الترفيه.
هذه الأيام، انتشر على موقع "تويتر" وسم "#عيدكم_مع_شيرين_بجدة" الذي كشف وجود انقسام بين السعوديين، بين المرحبين بإقامة الحفل وبين معارضين يرفضون الإعلان في هذا التوقيت عن الحفلات الغنائية، وآخرين رفضوا اختيار شيرين تحديدًا لإحياء الحفل، في إشارة إلى أنها سبق أن أساءت إلى السعودية، في مقابلة تلفزيونية. كتب مغرد: "من شروط الظهور في الإعلام السعودي ودعم هيئة الترفيه أن يكون الفنان أو الفنانة قد سبق وتطاول على السعودية ودينها! تكرر ذلك كثيراً وهذا يدل على أن من يجلب هؤلاء غرضه التشفّي بالشعب والوطن".
هكذا تريد هيئة الانفتاح الفني، السعودي، أن تتناسب الحفلات الغنائية مع مزاجها تحت مُسمى العادات والتقاليد؛ فتفرق بين حفل مخصص للنساء، وآخر للرجال، وتحاول الهروب أو الإيحاء بأنها تحافظ على العادات والتقاليد.