وأعلن حفتر، في 27 من إبريل/نيسان الماضي، عن توليه زمام قيادة البلاد بناء على ادعائه الحصول على "تفويض" شعبي، معلنا أيضا إسقاط الاتفاق السياسي الموقّع في الصخيرات بالمغرب، وما نتج عنه من هيئات سياسية، بما فيه مجلس النواب المنعقد في طبرق، الذي مثل له الواجهة السياسية لسنوات.
وفي الصدد، كشفت مصادر برلمانية من طبرق، وشخصيات من الدائرة الأولى لحفتر، النقاب عن استعداده لإطلاق "إعلان دستوري مؤقت"، بناء على "تفويض الشعب الليبي للقيادة العامة للقوات المسلحة"، خلال الأسبوع الجاري.
ولفت أحد تلك المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى أن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، يمكن أن يعرقل إعلان حفتر بسبب رفضه "المطلق" للخطوة، رغم سماحه لمجلس النواب بالاستمرار في البقاء كواجهة سياسية لشكل الحكم الجديد الذي يسعى إليه حفتر.
وتشير المصادر، التي فضلت عدم نشر هويتها، إلى أن "الإعلان الدستوري المؤقت" المنتظر يتوفر على أكثر من 60 مادة، تبدأ بالمبادئ العامة عن اسم الدولة وشكل علمها، لكن أهم مواده هي المتعلقة بالمرحلة الانتقالية المقبلة التي سيتولاها حفتر تحت مسمى رئاسة "المجلس الوطني الليبي"، سيضم معه في قيادته قيادات عسكرية من الضباط الموالين له، مع احتفاظه بمسمى "القائد العام للجيش".
وبحسب المصادر ذاتها، فإن إعلان حفتر ينص على نقل كل اختصاصات وصلاحيات مجلس النواب إلى مجلسه، وحصر مهمة مجلس النواب في المصادقة على قرارات مجلسه الجديد، كإقرار الحكومة التي سيعلن عنها برئاسة عبد الرحمن العبار، رئيس المجلس البلدي الحالي لمدينة بنغازي، والذي يعد أحد رموز نظام العقيد الراحل معمر القذافي.
كما سيناط بمجلس النواب برئاسة صالح، بحسب إعلان حفتر المنتظر، المصادقة على قرارات "المجلس الوطني الليبي" في زمن محدد لا يتجاوز الأسبوعين، قبل إعادة اختصاص المصادقة إلى مجلس حفتر في حال فشل مجلس النواب. ومن بين تلك القرارات المحتملة تعيين رؤساء المناصب القيادية والسيادية، وإنشاء هيئات جديدة، منها صناديق إعمار المدن، و"الهيئة الوطنية للتنمية".
كما يخول إعلان حفتر الدستوري مجلسه مهمة تشكيل هيئة لتعديل "مقترح الدستور" الذي قدمته الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في منتصف عام 2017، ويتولى مجلسه مهمة الإشراف على إجراء استفتاء على الدستور من قبل الشعب.
وتفيد بعض مواد الإعلان، بحسب معلومات المصادر، بإشراف مجلس حفتر أيضا على انتخابات عامة لانتخاب مجلس للنواب وحكومة تنفيذية.
وإزاء الرفض الكلي من قبل صالح، الذي يقود منذ فترة معارضة قبلية داخلية في معسكر حفتر، قالت المصادر المسؤولة ذاتها إن حفتر يحاول قلب الأوضاع لصالحه من خلال إنشاء "المجلس الأعلى لقبائل ليبيا" الذي سيترأسه زعيم قبيلة الزوية، السنوسي الحليق، وعدد من زعماء القبائل الموالية له، على رأسها القبائل الموالية للنظام السابق.
ويحاول حفتر بذلك استقطاب بعض القبائل في الشرق الليبي التي لا تعيش في وفاق مع قبيلة العبيدات التي يعتمد عليها صالح في معارضته لحفتر ومن خلالها يسعى لحشد الدعم القبلي لمبادرته السياسية، تزامنا مع حملة تجريها قوات حفتر تحت مسميات عمليات أمنية في شرق ليبيا، جردت من خلالها عددا من المعسكرات التابعة لقبيلة العبيدات وحلفاءها من أسلحتها واعتقلت قادتها، آخرها معسكري مرتوبة وأم الرزم.
وقالت بعض المصادر المقربة من الدائرة الأولى لحفتر إن مشروع "الإعلان الدستوري" تم تمويله بالكامل من دولة الإمارات، التي عملت على إنقاذ حفتر من خلال أنصار النظام السابق، وهم آخر حلفائه في ليبيا، على أن تتولى الشخصيات السياسية والقبلية المنتمية للنظام السابق الترويج إعلاميا وقبليا لمشروع حفتر. ولا ترجح المصادر أن يلقى إعلان حفتر قبولا محليا أو دوليا، بعد موجة الرفض التي لاقى بها المجتمع المحلي والدولي إعلانه السابق بخصوص إسقاط الاتفاق السياسي وتوليه زمام قيادة البلاد بناء على ادعائه الحصول على "تفويض" شعبي.