حصار مزدوج في دير الزور

11 فبراير 2016
أزمة خبز في الأحياء المحاصرة (فرانس برس)
+ الخط -

يحاصر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" سكان الأحياء الثلاثة الأخيرة الخاضعة لسيطرة النظام السوري في دير الزور منذ 13 شهراً. لكنّ ذلك ليس كلّ مصابهم. فالنظام بدوره يتاجر بلقمة عيشهم ويرفع أسعار المواد الغذائية والطبية. كذلك تنعدم بشكل شبه تام الخدمات الأساسية من كهرباء وماء واتصالات. ويمعن النظام في اعتقال الشباب من أجل تجنيدهم في الجيش ودفعهم إلى جبهات القتال.

تفيد معلومات متطابقة بأنّ قوات النظام ما زالت تشن حملة اعتقالات عشوائية في صفوف الشباب في مناطق سيطرتها المقتصرة على ثلاثة أحياء هي الجورة والقصور وهرابش، عبر الشرطة العسكرية التي تضعهم في اللواء 137 وتجبرهم عقبها على الالتحاق بجبهات القتال ضد "داعش".

يقول الناشط عامر هويدي إن "قوات النظام بدأت حملة اعتقالات طاولت الشباب من سنّ 18 عاماً إلى 45 عاماً، في الشوارع الرئيسية والمحال التجارية لحيَي الجورة والقصور. وطاردت الشباب واعتقلت عدداً منهم في شارع مديرية البيئة في حي القصور وشارع الوادي في حي الجورة، بغض النظر إن كانوا قد أجّلوا خدمتهم العسكرية لأسباب تعليمية، أو حتى كانوا وحيدين لوالديهم أي غير مشمولين بالخدمة، وذلك لإرغامهم على التطوع الاجباري في صفوف قوات النظام والقتال إلى جانبها". ويشير ناشطون آخرون إلى أنّ "النظام يدفع الشباب إلى الالتحاق بهذه الخدمة، في مقابل حصول عائلاتهم المقيمة في تلك الأحياء على بعض المساعدات الغذائية والمحروقات".

وعن الواقع المعيشي، يقول هويدي إنّ "أحياء دير الزور الخاضعة لسيطرة النظام تعاني من صعوبة في تأمين احتياجات الحياة في الحد الأدنى، فهناك انقطاع لفترات طويلة للخدمات الأساسية من كهرباء أو اتصالات أو مياه شرب. على سبيل المثال، يعاني حي الجورة وحي القصور من انقطاع المياه لليوم السادس على التوالي لعدم تزويد قوات النظام مؤسسة المياه بمادة المازوت الأساسية لتشغيل المولدات وضخ المياه للمنازل". يضيف أن "القوات النظامية وتجار الحرب شركاء في إدارة سوق المواد الغذائية، فهم يتحكمون في الكميات المطروحة فيه، باعتبار المطار العسكري البوابة الوحيدة لوصولها. كذلك ساهمت سيطرة داعش على قرية البغيلية وتضييقه الحصار على مناطق سيطرة النظام، في رفع الأسعار. مع العلم أنّ داعش يمنع دخول أيّ مواد أو خروج أو دخول الأشخاص من مناطق سيطرة النظام وإليها". وعدا عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات بشكل كبير جداً، فإن الأهالي لا يتمكنون من الوصول إليها في معظم الأحيان.

ويلفت هويدي إلى "نقص كبير في الخبز بسبب توقف معظم الأفران عن العمل في أحياء الجورة والقصور وهرابش، والسبب هو انقطاع المازوت. هذا الأمر يتسبب في ازدحام شديد عند ما تبقى من الأفران العاملة، ما يحول دون تمكن معظم الأهالي من الحصول على الخبز يومياً". ويشير إلى أنّ "سعر ربطة الخبز في الأفران يصل إلى 100 ليرة سورية (0.24 دولار أميركي) تحتوي على 10 أرغفة، لكنّ سعرها يتراوح في السوق السوداء ما بين 1.30 دولار و2.5 دولار.
كذلك، ارتفعت أسعار المحروقات في حال توفرها. فبلغ سعر لتر المازوت المكرر 1900 ليرة (4.7 دولارات)، ولتر البنزين المكرر 2500 ليرة (6 دولارات). أما الغاز فلا تتوفر أسطواناته في الأسواق على الإطلاق.

تبقى الإشارة إلى أنّ قوات النظام تمنع خروج الأهالي من مناطق سيطرتها، إلاّ في مقابل مبالغ مالية كبيرة. والرحلات الجوية تشكل المهرب الوحيد الآمن باتجاه العاصمة دمشق، بينما قد يتعرض السكان للقتل إذا سمح لهم بالخروج عن طريق البرّ، خصوصاً أنّ تنظيم "داعش" يتهم كلّ من يقيم في مناطق سيطرة النظام بـ"العمالة للنظام أو الإقامة في أرض الكفر".

اقرأ أيضاً: آخر رصد "العدالة من أجل الحياة في دير الزور"