حصار قطر... من وجهة نظر مقيم

15 يوليو 2017
+ الخط -
يعتقدون أنه بعد الحصار على قطر، ستنحني الدولة بكل مقوماتها لتعلن للأشقاء المقاطعين مهلة قصيرة لتنفيذ مطالبهم التي يزعمون أنها مشروعة وذات مصداقية. لكنها في الواقع ما هي إلا شروطٌ وابتزازات، تم تصميمها حتى تكون مستحيلة التنفيذ.

الغباء السياسي للأشقاء المقاطعين جعلهم يعتقدون أن الحصار البري والبحري والجوي اللاقانوني المفروض على قطر، سيحد من عزيمتها في الدفاع عن القضايا العادلة في مختلف أنحاء المعمورة.

أراد هؤلاء الأشقاء المقاطعون أن يفرضوا على قطر فتوتهم وزعامتهم بغير وجه حق لأنها في نظرهم خارج الصف، بل أصبحت قوة صعبة ومعادلة ليست بالسهلة، يمكن أن تغير من مخططاتهم في المنطقة، وتكسر بذلك كل تحالفاتهم الصهيونية والأميركية لبناء شرق أوسط جديد على مقاس خريطة إسرائيل في المنطقة وأمها أميركا.

عزموا كل العزم أن يرسموا للعالم بوسائلهم الإعلامية السخيفة صورة توحي بشيطنة قطر في المنطقة بكونها المصدر الرئيسي في تمويل الإرهاب ودعم حركاته، علما أن تحالفاتهم مع الجماعات الإرهابية الحقيقية أصبحت واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.

مزاعمهم أصبحت مكشوفة للعيان، والغرض منها هو فرض وصاية على قطر متجاهلين أنها دولة ذات سيادة.

فبرجوعنا إلى مطالب الإخوة المقاطعين، أو بالأحرى استفزازاتهم، نجدها لا تستند على أي أساس قانوني واضح أو معيار أخلاقي متعارف عليه، بل تضرب في الصميم عمق وكيان دولة كان لها الفضل الكبير في بناء وتأسيس معالم الرقي والازدهار إقليمياً ودولياً، وهذا ما أكدت عليه عدد كبير من عواصم دول العالم. ادعاءاتهم في دعم دولة قطر للإرهاب تنم عن بغض وكراهية، ولا ترتكز على دلائل واقعية وملموسة، تجعل منها مدانة بأي شكل من الأشكال.

أزمة الخليج العربي معلقة ما لم تبادر الأطراف المقاطعة إلى رفع الحصار كلياً، وعقلنة الحوار الدبلوماسي مع دولة قطر في إطار الوعي السياسي والحضاري الذي تقتضيه المواثيق الدولية في حل الخلافات السياسية. خصوصاً وأن قطر ظلت، ومنذ اندلاع الأزمة منفتحة ولبقة في تعاملها مع الأشقاء المقاطعين، ولم تعامل الأطراف المعادية بالمثل.

سياسة التحدي والعنترة التي يمارسها المعسكر السعودي سوف لن تؤسس لبناء حوار سياسي تفاوضي حضاري بناء يفضي إلى إيجاد حلول للأزمة الراهنة، بل سيزيد من تأزم الوضع في المنطقة.

في العرف الدبلوماسي، الحوار السياسي لا ينبغي أن يمارس بأي شكل من الأشكال تحت أي نوع من أنواع الضغط. رفع الحصار كليا عن دولة قطر، ومن تم يبدأ التفاوض بحسن النية هذا ما سيؤدي إلى انفراج الأزمة خصوصاً وأنه حصار ظالم ولا يرتكز على أية مرتكزات صلبة. واستمراره سيضرب بكل أبجديات التفاوض السياسي، بل سيؤثر لا محالة على أمن المنطقة برمتها، خاصة وأن تداعياته الاقتصادية والاجتماعية سيكون لها الأثر الوخيم على مستقبلها، ومستقبل شعوبها أيضاً.

قطر جزء لا يتجزأ من المنظومة العربية الخليجية، حصارها غير مبرر، ولن يشل من حركاتها أو من عزيمتها في تنفيذ برامجها ومشاريعها الإنمائية. فبفضل سياستها الاقتصادية واستراتيجياتها المالية، ومساندتها من طرف حلفائها، استطاعت أن تدبر الأزمة، وتواجه حصارها المفروض. خاصة وأنها مندمجة في نظام العولمة، وفي منظمة التجارة العالمية، وبذلك صارت أكثر قوة مما كانت عليه قبل الحصار.

2532C901-60C5-4BDC-9F15-56B487148E37
حسن أيت سوس

من مواليد مدينة تمارة بالمغرب، حاصل على الإجازة من جامعة "محمد الخامس الرباط أكدال" من شعبة العلوم الإدارية وعلى دبلوم في الموارد.

مدونات أخرى