ويوضح الناشط، يوسف الحمصي، الذي يعيش في دوما (كبرى مدن الغوطة الشرقية): "منذ إغلاق معبر مخيم الوافدين ومعارك أحياء دمشق الشرقية لم تدخل الأدوية والأغذية إلى جميع بلدات ومدن الغوطة الشرقية، لقد دخلنا بالشهر الثاني ونحن على هذا الحال، فالأنفاق التي كانت تصل بين الغوطة المحاصرة وأحياء دمشق الشرقية، والتي كانت تدخل منها المنتجات تم إغلاقها جميعاً مع بدء المعارك، بسبب سيطرة النظام على أجزاء كبيرة من الأحياء الشرقية، التي يقع فيها الطرف المقابل للأنفاق".
إغلاق الأنفاق تزامن أيضاً مع إغلاق النظام لمعبر الوافدين الذي يصل الغوطة الشرقية بأوتوستراد دمشق، والذي يسيطر عليه النظام، وكان يسمح من خلاله بإدخال كميات محدودة من الأغذية عن طريق عقد صفقات مع بعض التجار.
ويوضح يوسف "كانت معظم المواد التموينية الحبوب والسكر والطحين والأعلاف تدخل الغوطة عبر تاجر معروف باسم المنفوش. طبعاً كل ما كان يدخل أو يخرج كان بتوقيع من النظام، وهو الآمر الناهي بدخول المواد إلى الغوطة، وللمنفوش معامل ألبان وأجبان داخل الغوطة، لذا كان يقوم بإدخال مواد غذائية للغوطة مقابل إخراج الألبان والأجبان منها".
ويردف الناشط: "إن ما تبقى من المخزون الغذائي في الغوطة يباع اليوم بسعر غال جداً، وما يزيد الطين بلة هو احتكار بعض التجار للمواد. وقد توقفت معظم الأفران عدا تلك المدعومة بواسطة المكاتب الإغاثية والتي تعتمد على مخزونها من الطحين، علماً أنها تبيع الخبز بسعر مختلف"، مؤكداً أن "أبرز ما تسبب به الحصار هو اختلاف أسعار تصريف العملات الأجنبية بين داخل الغوطة والعاصمة بسبب توقف تبادل جميع عمليات البيع والشراء بيننا وبين العاصمة".
من جانبه، يقول أبو معين وهو سائق يعمل في دوماً، "طفت دوماً كلها ولم أجد علبة حليب أطفال بأقل من 4 آلاف ليرة، أنا لا أجني أكثر من 1500 ليرة في الأيام التي يتوفر فيها البنزين. لم يمض وقت طويل على انقطاع الطرق وقد اختفى كل شيء من الأسواق، النظام يقصف ويحاصر والتجار يمصون دمنا، من أين لنا، أن نأتي بالمال، الذهب والدولار الذي كنا نملكه بعناه منذ زمن، لم يبق في بيتي أكثر من كيس طحين، كل ما نأكله هو الخس والخضر من بقعة الأرض التي نملكها، ووضعنا أحسن من غيرنا بكثير".
ويضيف "تعطلت عن العمل بسبب نفاد المحروقات، سيارتي مركونة، منذ أسبوعين، لم تتحرك، وجرة غاز الطبخ صار سعرها فوق المائة دولار".
يذكر أن مدن وبلدات غوطة دمشق تعيش حصاراً مستمراً على يد قوات النظام، منذ عام 2013، تسبب باستنزاف ممتلكات جميع أهالي الغوطة، التي تحولت إلى واحدة من أفقر المناطق السورية. هذا الحصار شهد بداية عام 2015 انفراجاً محدوداً حين بدأ تسريب كميات من المواد الغذائية عن طريق أنفاق تصل الغوطة بالأحياء المتاخمة لها في العاصمة إلا أنه توقف أخيراً.
ووفقاً لناشطين، فالمساعدات الأممية الغذائية التي تم إدخالها للغوطة الشرقية طوال السنوات الماضية لم تغط أكثر من 10 بالمائة من احتياجات المحاصرين من الغذاء والدواء.