حزب الله قلق على الحدود الشمالية..ويترقب معركة حمص

01 أكتوبر 2014
لاجئون سوريون في بلدة عرسال اللبنانية (بلال جاويش/الأناضول)
+ الخط -

لم تعد التحذيرات من انتقال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة من سورية إلى لبنان حكراً على تقارير غربية، أو تمنيات ورغبات أميركية، إذ يعتقد المسؤولون العسكريون في حزب الله أن هناك احتمالاً كبيراً لانتقال آلاف المقاتلين من هذين التنظيمين من الرقة ودير الزور باتجاه حلب ثم إدلب أو حماه فحمص وريفها.

ويكشف مصدر رفيع المستوى في حزب الله، لـ"العربي الجديد"، أن المسؤولين العسكريين في الحزب، إضافة إلى الجيش اللبناني، يتوقعون هذا النزوح للمقاتلين. وبرأيهم، قد يصل رقم المقاتلين إلى نحو عشرة آلاف مقاتل. ويعتقد هؤلاء أن وصول هؤلاء إلى منطقة ريف حمص يعني حكماً الوصول إلى القلمون، والسيطرة الكاملة على الشريط الحدودي اللبناني ــ السوري، إن لجهة الحدود الشرقية للبنان، أو لجهة الحدود الشمالية وصولاً للبحر. وبرأي المسؤولين العسكريين في الحزب، فإن حمص يُمكن أن تخرج من سيطرة النظام السوري للمرة الثالثة منذ اندلاع الثورة في سورية، وهو ما استدعى من طائرات الجيش السوري الإغارة بشكلٍ كثيف على ريف حماه في الأيام الماضية (عشرات الغارات) بهدف قطع الطريق على المسلحين الإسلاميين.

وتُشير مصادر في حزب الله إلى أن هذا الأمر لا يزال في إطار التوقعات والتحليلات العسكرية. برأيهم، إن المسؤولين في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، هددوا "داعش" كثيراً في العراق، بحيث نقل هذا التنظيم العديد من قواته إلى سورية، وإذ بالضربات العنيفة والمركزة تأتي على التنظيم في سورية.

لكن هل يقوى لبنان على مواجهة هذه الوقائع؟ يؤكّد مسؤولون في حزب الله أن قوات الحزب تسيطر على الشريط الحدودي الممتدة من جرود بعلبك إلى شمالي الهرمل (أقصى شرق لبنان). برأيهم، إن الخطورة الحقيقية لدخول المسلحين تأتي من الحدود الشمالية للبنان، ذات الغالبية السنية. هنا يُطرح السؤال "الحساس": من يحمي هذه الحدود؟ وهل الجيش اللبناني قادر على ذلك؟ لا يزال المسؤولون في حزب الله عند قناعتهم بضرورة حصول تنسيق أمني بين الجيشين اللبناني والسوري لأنه "لا يُمكن لجيشين في بلدين مجاورين، يحميان حدود بلديهما الملاصقة، ولديهما عدوّ مشترك، ألّا يُنسّقا". لكن المتحدث عينه، يُشير لاحقاً في كلامه إلى أن التنسيق الميداني بين الجيشين سبق القرار السياسي. ويقول الرجل إن تيار المستقبل رفض إعطاء الجيش اللبناني صلاحية عزل عرسال (شرقي لبنان) عن جرودها، والتنسيق مع الجيش السوري. لكن الضغوط الميدانية، وداخل المؤسسة العسكرية، أدت إلى حصول التنسيق الأمني وإقفال الجرود بالحد الممكن إقفاله، "إذ لا يُمكن إقفالها بشكل تام، لكن بدل أن تمر شاحنة مازوت، تُنقل المواد على البغال".

يعتقد المسؤولون في حزب الله، أن التعاون بين حزب الله والجيشين اللبناني والسوري سيسرع من عملية حسم معركة القلمون. ينفي هؤلاء حصول أي تقدم لجبهة النصرة في بلدات القلمون، إذ سبق للجبهة أن أعلنت سيطرتها على بلدة عسال الورد، لا بل يُضيف أن جبهة النصرة "تشعر بضغط كبير بسبب ضبط الحدود بشكلٍ كبير".

يبقى إذاً سؤال حماية الحدود الشمالية معلقاً. ينفي المسؤولون في حزب الله إمكانية حصول نقاشات مع تيار المستقبل بخصوص حماية الحدود اللبنانية السورية من قبل الحزب، إذ يعترفون بأن هناك أموراً أسهل من ذلك بكثير، عصية على الحلّ والتفاهم بين الطرفين، فكيف الحال إزاء فكرة حسّاسة كتسلم حزب الله الحدود الشمالية للبنان؟

كذلك ينفي هؤلاء المسؤولون وجود أي نية لدى حزب الله للقيام بعمل أمني في البقاع، وهو أمر يتخوّف منه مسؤولون في تيار المستقبل والجماعة الإسلامية (الجناح اللبناني للإخوان المسلمين)، إذ يعتقد هؤلاء، وخصوصاً "المستقبل"، أن الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، حمل في طياته مؤشرات لعملٍ أمني.

أمّا بالنسبة إلى تهديدات كتائب عبدالله عزام وجبهة النصرة الأخيرة لحزب الله، فإن مسؤولي الحزب، يعتقدون أن الإمكانية الوحيدة الممكنة لهؤلاء لتوجيه ضربة للحزب هي عبر الضربات الأمنية، كالتفجيرات الانتحارية أو زرع العبوات. يشير هؤلاء إلى أن أحداً لم يستطع منع هذا النوع من التفجيرات كلياً، وخصوصاً مع التطور التقني التي باتت هذه الجماعات تملكه في سورية. يُشيرون إلى تجربة الأميركيين في العاصمة الأفغانية كابول، وإلى تجربة المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية، والعمليات الأخيرة لـ"القاعدة" في صنعاء، "فرغم كلّ الإجراءات الأمنيّة المتخذة لم يتمكنوا من منع السيارات المفخخة". ويكمل المسؤول في الحزب حديثه قائلاً إن "قيادات الجماعات تبحث عن انتصار ما لرفع المعنويات، ولو جاء على شاكلة تفجير انتحاري هنا أو هناك"، معترفاً بأن "البيئة السنية في لبنان محبطة وتعرضت للكثير من الضغوط، ما يؤدي إلى سهولة وجود انتحاريين بينها".

يبدو أن الجميع مقتنع بأن الضربات الجوية في سورية يجب أن تليها ضربات بريّة، وإلا فلن تكون لها قيمة جدية. ويبدو أن التقديرات والتحليلات لدى الأوروبيين والأميركيين وحزب الله تصب في خانة واحدة: سيُحاول المقاتلون الإسلاميون الهروب غرباً باتجاه الحدود اللبنانيّة السورية. الوقائع ستُصدّق أو تُكذب هذه التحليلات، خصوصاً في حمص، فهل تحصل معركة ثالثة أم لا؟ تبقى حمص مقياساً للوضع الميداني في سورية، وهذا ما يُقال في الكثير من صالونات بيروت السياسيّة.

المساهمون