حرب نتنياهو على أوباما: رفع ثمن التعويض المطلوب

29 ديسمبر 2016
تتواصل الحملة الشرسة ضد أوباما وإدارته (مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال الحرب التي يشنّها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته وداعموه الأميركيون على الرئيس الأميركي باراك أوباما محتدمة، وذلك بسبب سماح الأخير بتمرير القرار 2334 الذي يدين المستوطنات في مجلس الأمن الدولي. بل تحوّلت هذه الحرب إلى حملة شرسة تبدو أنها هادفة لتحقيق هدفين: منع تكرار الخروج الأميركي والدولي عن "الممنوعات الإسرائيلية". وثانياً، لتكبير فاتورة الابتزاز وثمن "التعويض" المطلوب من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المتلهفة للسخاء على نتنياهو وربما المزايدة عليه في إطلاق يده وبما يتجاوز التوسع في الاستيطان. فنتنياهو ومؤيدوه الأميركيون، رأوا في قرار مجلس الأمن فرصة للتوظيف الكبير وربما الانقضاض النهائي على اتفاق أوسلو وما بقي منه على الورق وبالذات معادلة الدولتين، بقدر ما رأوا فيه مادة للتعبير عن الغضب من أوباما وإدارته.
وفي هذا السياق، حرص الثنائي الإسرائيلي - الأميركي الناقم، على تحريك جبهات عدة بشكل متوازٍ، تمهيداً لترجمة هجمته وقطف ثمارها مع مجيء إدارة ترامب في العشرين من يناير/ كانون الثاني المقبل، وبالتحديد جبهات الإعلام والكونغرس والقوى اليهودية الأميركية. فالحديث الأميركي عن القرار متواصل منذ صدوره أواخر الأسبوع الماضي، مع تسليط الأضواء على الخطاب الإسرائيلي وتقديمه بصيغة شكوى "المظلوم"، ولو أن هناك بعض التأفف من الوقاحة في التظلّم الإسرائيلي. وقد ساعد ذلك على تعميم انطباع أميركي عام بأن إدارة أوباما "خدعت" إسرائيل وأخذتها على حين غفلة. وهذا جانب تعوّل عليه الدعاية الإسرائيلية للتحريض على الطرف الفلسطيني، بما قد يبرر ما يجري الإعداد له من خطوات انتقامية لاحقة.
وصبّ في تعزيز هذا الخطاب، ما صدر عن بعض أقطاب الكونغرس من إدانة قاسية للقرار ومن توعّد ووعيد، إضافة إلى قدر كبير من الشجب لموقف الإدارة الأميركية ورئيسها، خصوصاً بعد أن زعمت إسرائيل بأن الطرف الأميركي شارك في رعاية القرار وإعداده وحبك عملية تمريره.


وفي امتداد لذلك، جرى استنفار "حراس" إسرائيل في واشنطن، من المنظمات اليهودية النافذة وعلى رأسها اللوبي الإسرائيلي، وقوى أخرى من هذا الصف ونخبه السياسية والفكرية. هذه الأطراف تعكف الآن على دراسة التداعيات المحتملة وما تستدعيه من خطوات استباقية في الأمم المتحدة، عن طريق إدارة ترامب المتوقع أن تكون جاهزة للاستجابة إلى حد بعيد للرغبات الإسرائيلية والمدافعين عنها بقوة في الساحة الأميركية. فهناك حالة اندفاع عارم لاغتنام هذه اللحظة بغية طي الصفحة والخلاص من الدعوة للتفاوض وللبحث عن سلام وحل "خيالي" كما يسميه جون بولتون، أحد أقطاب هذا الفريق. الحل العملي الوحيد برأيه يتمثل في الصيغة الدولية الثلاثية: "غزة تعود لمصر وبعض الضفة للأردن ثم إسرائيل". هذا التصور الذي لا يخفي متطرفو اليمين مجاهرتهم به منذ زمن، يبدو أن الفرصة جاءتهم اليوم للدفع نحو ترجمته.
الهستيريا الإسرائيلية وصداها الأميركي على القرار وعلى أوباما، تجاوزت العتب بكثير، وأخذت صيغة المحاكمة لمن يُفترض أن يكون حارساً للمصالح الإسرائيلية، ويعود ذلك في أساسه ليس فقط إلى تكبّر إسرائيل وتعاليها، بل أيضاً إلى تساهل هذا "الحارس" وتماديه الطويل في احتضان الحليف الاستثنائي وتوفير الغطاء لتجاوزاته وعدوانيته. وإدارة أوباما ليست بريئة من المغالاة في هذا الاحتضان، ولم تقو على التعبير عن إحباطها سوى في أواخر أيامها وبصورة أقرب إلى الرمزية منها إلى الحاسمة التي كان يمكن أن تشكل نقطة انعطاف ولو نسبي في مسيرة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. ولأنها تراخت وتراجعت أكثر من اللزوم، تشجعت إسرائيل على شن حرب عنيفة ضدها.

المساهمون