حرب القرصنة

17 يناير 2017
أوروبا واثقة من تلاعب بوتين بديمقراطيتها (ألكسي دروزينين/Getty)
+ الخط -

بقدر ما تنشغل الأوساط السياسية، الرسمية والحزبية، في أوروبا، بخطوات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، المرتبطة ليس بالقرصنة وحدها، بل بما تحمله من بروباغندا تذكر المختصين بأيام "برافدا"، فإن مشهداً أوروبياً في أقصى اليمين يرى في بوتين "بطلاً".

لم يعد سراً منذ أعوام أن الكرملين يعمل على تعزيز نفوذه بين أطراف أقصى اليمين، ويتحامل، بطريقة مشابهة للرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. "الترامبيون" في أوروبا يطربون للخطابين، وإن كان بوتين لم يتأثر بلده كثيراً بما سمي "أزمة اللاجئين"، فتركيزه على أدوار الأوروبيين الفاعلين، في قضايا العقوبات وشبه جزيرة القرم والتوعد بحماية دول البلطيق وبولندا، أهم بكثير له من العودة للحديث عن أكاذيب اغتصاب اللاجئين لطفلة من أصل روسي في برلين.

القرصنة، وسرقة المعلومات والتجسس من خلف الشاشات، لا تشبه ما كان أيام الحرب الباردة. لذا، فالذعر الأوروبي من لعبة بوتين، أو التلاعب بأحزاب شرعية وبرلمانية، لترجيح كفتها ضد خصومه الغربيين، صارت مسألة مؤرقة لمستويات عدة في القارة المنهكة والخائفة على تركيبتها في انفراط عقد الاتحاد. استطاع الكرملين أن يركز الأنظار على اليمين الشعبوي، وحركات فاشية، بينما تقارير الاستخبارات الغربية تنبه إلى أن "هناك أيضاً يساراً شعبوياً متطرفاً" يمكن أن يشكل أحصنة طروادة في معركة بوتين للاختراق ولي الذراع.

في السياق ذاته، وعلى الرغم من كل النفي عما أشيع عن امتلاك الروس ملفاً فضائحياً بحق ترامب، جاءت فكرة الاستخبارات الأميركية، على لسان رئيسها المنصرف، جون برينان، بأن ينتبه ترامب لتصريحاته التي تبرّئ الروس من القرصنة لترمي حجراً يعكر مخططات الأخير، وخصوصاً في جملته الموجهة لترامب: "الأمر يتعدّى ترامب، بل يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية". أوروبا المتوجسة من ترامب، وواثقة من تلاعب بوتين بديمقراطيتها، ستجد نفسها أمام خيارات صعبة. وعلى الرغم من ذلك يبدو في الأفق أن دولاً عدة، مقبلة على انتخابات، وأخرى تتحسس رأسها من القرصنة باتت أجهزة استخباراتها تتصرّف وكأن سخونة الحرب الباردة عادت. لذا فتقاريرها، في معظمها، تذهب نحو "تشكيل وحدات رد إلكتروني"، وبعضها يقول صراحة "علينا الضرب أولاً". نحن أمام سياسة قرصنة وحرب إلكترونية يظن بوتين أنه كاسبها، بينما قادم الأيام ربما يكشف عن مفاجآت قد لا تروق كثيراً لجيش بوتين الإلكتروني. هذا على الأقل ما تحمله ما بين سطور التقارير الأمنية والحزبية الغاضبة من تأييد من يجلسون تحت ذات القبة البرلمانية لفلاديمير بوتين.

المساهمون