حرب العملات!

20 ابريل 2015
يتم تقييم عملات الدول بناءً على قوة ومتانة اقتصاداتها(Getty)
+ الخط -
انطلق عام 2015 وسط تقلب شديد لأسعار العملات العالمية، مقارنة بتداولات هادئة نسبياً خلال السنوات الماضية. في منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، تخلت سويسرا بشكل مفاجئ عن ربط عملتها باليورو، مما تسبب في ارتفاع تصاعدي للفرنك السويسري بواقع 16%، بالتزامن مع بدء إعادة تقييم شاملة للفرنك، وبالمثل، فقدت عملات دول هامة عديدة مثل روسيا، وتركيا، جزءاً كبيراً من قيمتها أمام الدولار مع تنامي المخاوف من عملية رفع تدريجي وشيك لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة.

أدت السياسات الدولية، الساعية إلى تخفيض قيم عملات دول، إلى حرب عملات حقيقية. المثير للدهشة، أنه تم الاعتراف بحقيقة حرب العملات هذه، فقط، خلال الاجتماع الأخير لوزراء مالية دول مجموعة العشرين، ورغم أن انخفاض قيمة العملات يساعد البلدان التي تعتمد على التصدير بشكل أساسي، في جعل منتجاتهم التصديرية أقل تكلفة في الأسواق الخارجية، إلا أن تراجعها بشكل قياسي في بلد، مثل روسيا، يعتمد على تصدير البترول والغاز، تسبب في تآكل إيراداته.

عموما، يتم تقييم عملات دول العالم بناءً على قوة ومتانة اقتصاداتها، مع الأخذ بعين الاعتبار حجم العجز في موازناتها العامة، والدين العام كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. فالدول التي تعاني من عجز مزمن تصبح عملتها عرضة لتراجع قيمتها.

وقد تسببت أزمة الديون الأوروبية خلال عامي 2010 و2011 بهبوط اليورو ما يقرب من 20% مقابل الدولار، لكن قيام مؤسسة ستاندرد آند بورز بخفض تصنيف ديون الولايات المتحدة الحكومية في شهر أغسطس/ آب من عام 2011، أفقد الدولار زخمه. اليوم، وبعد مرور أربع سنوات، نمت ديون الولايات المتحدة بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار، رغم ذلك، ما يزال الدولار يسجل ارتفاعات قياسية مقابل جميع العملات.

العالم في حالة اضطراب وعدم استقرار جيوسياسي طال أمده، لأسباب ليس أقلها بزوغ نجم الجهاديين الإسلاميين الراديكاليين في المنطقة، والمغامرة العسكرية الروسية المحفوفة بالمخاطر في أوكرانيا، وهو ما دفع المصارف المركزية في كثير من دول العالم إلى زيادة طبع النقود بشكل غير مسبوق، مما أدى إلى تهاوي عملاتها في نهاية المطاف. تواجه أوروبا اليوم، أزمة ديون ثانية، تقودها، مرة أخرى، اليونان، ذلك البلد المتجه بسرعة صاروخية نحو الإفلاس.

في مواجهة كل هذا الغموض، يُنظر إلى الدولار الأميركي، في الوقت الراهن، باعتباره ملاذاً آمناً، يوفر سوقاً أكثر عمقاً وسيولة للمستثمرين. ويمكن تبرير ذلك، جزئياً، بالثقة التي يوليها المستثمرون بالاقتصاد الأميركي، مقارنة بالبلدان الأخرى، وقدرته على الخروج من أزماته الاقتصادية في كل مرة. يحدث ذلك رغم أن مشاكل الديون في الولايات المتحدة في وضع أسوأ من أي من الدول الأوروبية الكبرى، رغم تراجع العجز في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين.

إقرأ أيضا: البطالة في الأردن: أرقام متصارعة
المساهمون