حرب الطائرات المسيّرة في سماء الخليج... الرواية الإيرانية عن 3 مواجهات

20 يوليو 2019
"يو إس إس بوكسر" في الخليج (كرايج رودرات/ Getty)
+ الخط -
عقب يومين من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأنّ المدمرة الأميركية "يو إس إس بوكسر" أسقطت طائرة مسيرة إيرانية الخميس الماضي، وهو ما نفته طهران، أشارت القوات المسلحة الإيرانية اليوم السبت إلى ثلاث مواجهات "عملياتية" ضد الطائرات المسيرة الأميركية في سماء المنطقة.

ورغم تأكيدات طهران وواشنطن أنهما لا تسعيان إلى الحرب، إلا أن ما يجري على الميدان في الخليج، ينفي بطريقة أو أخرى تلك الرسائل "المطمئنة"، فيزداد الوضع سخونة وقتامة يوماً بعد يوم، لتتصاعد في رحابه شرارة حروب تختلف عن الحروب التقليدية.

ولا يضمن أحد عدم خروج الوضع عن السيطرة في لحظة ما، وألا تتحول هذه الحروب "الصغيرة" والتصعيدات المتبادلة إلى مواجهة عسكرية شاملة في المنطقة، ما دامت المواجهة دخلت الدائرة المفرغة، وسلسلة أفعال وأفعال مضادّة.

وكما أن حرب الناقلات لم تعد تقتصر على المياه في المنطقة، لتنتقل إلى ما هو أبعد، في مياه جبل طارق، وربما إلى مياه دولية أخرى لاحقاً، فإن حرب الطائرات المسيرة أيضاً لا تدور رحاها فوق المياه الخليجية فحسب، وإنما انتقلت العدوى إلى ساحات مواجهة أخرى مثل العراق، وذلك بعد أن أعلنت وزارة الدفاع العراقية تعرض معسكر تابع لـ"الحشد الشعبي" الحليف لإيران في محافظة صلاح الدين وسط في العراق، إلى قصف بواسطة طائرة مسيرة "مجهولة".

ثلاث عمليات إيرانية ضد الطائرات الأميركية المسيّرة 

من جانبه، قال مساعد عمليات الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، مهدي رباني، اليوم السبت من مدينة إصفهان وسط إيران، إن القوات المسلحة الإيرانية نفذت خلال الشهرين الأخيرين "ثلاث عمليات ضد الطائرات الأميركية المسيرة" في أجواء المنطقة.

وعن العملية الأولى، قال رباني إنه "في السادس والعشرين من شهر مايو/ أيار الماضي، أقلعت طائرة مسيرة أميركية من قاعدة في الكويت وحلقت لمدة عشرين ساعة بالقرب من الحدود الجوية الإيرانية، واقتربت عدة مرات كثيراً بأجواء مياهنا الإقليمية"، لافتاً إلى أن الدفاع الجوي الإيراني "صوّب سلاحه نحو الطائرة المسيرة وأخطرها"، وأن القوات الأميركية بعد تلقيها هذا الإنذار وبعد إقفال أجهزة الطائرة، تمت إعادة الطائرة إلى قاعدة الانطلاق.

ولفت المسؤول العسكري الإيراني إلى أن طائرة مسيرة أخرى من نفس طراز تلك التي أقلعت من الكويت، كانت قد أقعلت في الثالث عشر من يونيو/حزيران الماضي من دولة أخرى في المنطقة، قائلاً إنه بعد اقترابها من المياه الإقليمية الإيرانية في منطقة "كوه مبارك" بالقرب من مضيق هرمز، "أطلقنا رصاصات تحذير صوبها وأقفلنا أجهزتها إلى أن اضطروا لسحبها".

وحول العملية الثالثة، أشار رباني إلى إسقاط الطائرة المسيرة الأميركية العملاقة من طراز "غلوبال هوك" في العشرين من الشهر الماضي، مضيفاً أن الدفاع الجوي الإيراني "سوم خرداد"، أسقطها بعد توجيه ثلاثة تحذيرات لها.
وكانت القوات الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، قد أسقطت هذه الطائرة المتطورة، بالقرب من مضيق هرمز، وقالت إنها قد اخترقت الأجواء الإيرانية، لكن الإدارة الأميركية رفضت ذلك، معلنة أن الطائرة المسيرة أسقطت فوق المياه الدولية.

وللرد على الحادث، أعلن ترامب أنه قرر قصف إيران، لكنه تراجع عن ذلك قبل عشر دقائق من تنفيذه، معللاً ذلك بأن القصف كان يمكن أن يودي بحياة 150 إيرانياً، وهو رد غير مناسب على إسقاط طائرة مسيرة غير مأهولة، بحسب قوله. لكن طهران أكدت لاحقاً أنها أرسلت رسالة تحذيرية إلى واشنطن عبر جهة ثالثة، مفادها أنه في حال شنّ هجوم على إيران، فإنها سترد باستهداف جميع المصالح الأميركية.

وحول سرّ الوجود المكثف للطائرات الأميركية المسيرة أخيراً في الأجواء الإقليمية، أوضح رباني أن واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي وتشديد ضغوطها الاقتصادية على طهران، "بدأت عمليات الرصد والاستطلاع في المنطقة من خلال طائراتها المسيرة الأكثر تقدماً وتطوراً". إلا أنه أكد في الوقت نفسه، أن بلاده رفعت من خلال إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة "موازنة القوة في الدفاع الجوي"، قائلاً إن "استهداف هذه الطائرة التي تمتاز بتقنية التخفي من الرادارات، وهي التقنية الأكثر تقدماً في هذا المجال، يظهر جانباً آخر من قوة إيران".

وجدد قائد العمليات في الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، نفي بلاده أن تكون القوات الأميركية في المنطقة قد أسقطت طائرة مسيرة إيرانية، الخميس الماضي، متهماً الإدارة الأميركية بـ"زعزعة الأوضاع في المنطقة لعجزها عن الرد" على إيران، بحسب قوله.

إيران تسخر من "الرواية الأميركية"

وعلى خلفية إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس، أنّ البحرية الأميركية أسقطت طائرة إيرانية مسيّرة فوق مضيق هرمز، اندلعت حرب تصريحات "تأكيد ونفي" بين الجانبين، ليسارع ترامب مجدداً بعد نفي إيراني "قاطع" للحادث، إلى التشديد على أنّ الولايات المتحدة واثقة من أنّ قواتها أسقطت الطائرة بقوله: "ما من شك في أننا أسقطناها".

وبثت قنوات إيرانية، أمس الجمعة، شريطاً مصوراً للحرس الثوري، قالت إنه يثبت أن الطائرة الإيرانية المسيرة، التي قالت واشنطن إنه تم إسقاطها، عادت سالمة إلى قاعدتها. ويظهر الشريط الذي تصل مدته إلى قرابة 3 ساعات، أن طائرة إيرانية ترصد طيلة هذه الفترة تحركات المدمرة الأميركية "يو إس إس باكسر".

وفيما أعلن البنتاغون الخميس، أن المدمرة أسقطت الطائرة الإيرانية في تمام الساعة العاشرة بتوقيت محلي، حاولت إيران من خلال تسجيلاتها تفنيد هذه الرواية، من خلال إظهار أن طائرتها كانت تقوم بتسجيل تحركات المدمرة الأميركية قبل وبعد تلك الساعة.

من جهتها، قالت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، إنّ السفينة الحربية الأميركية "يو إس إس بوكسر"، وهي سفينة حربية برمائية هجومية، اتخذت "إجراءً دفاعياً" ضد طائرة مسيّرة بعدما اقتربت "إلى مدى يشكل تهديداً" في مضيق هرمز.

بدوره، قال مستشار الأمن القومي جون بولتون: "ما من شكّ في أنها كانت طائرة بدون طيار إيرانية".

واستخدمت السلطات الإيرانية لغة "السخرية" في التعامل مع الرواية الأميركية، إذ غرّد المساعد السياسي للخارجية الإيرانية عباس عراقجي مستهزئاً: "أخشى أن تكون مدمرة يو إس إس باكسر قد أسقطت طائرة مسيرة أميركية عن طريق الخطأ". كما أن قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زاده، ذهب أبعد من عراقجي بالقول إن القوات الأميركية في مياه الخليج "تتوهم أحياناً وجود طائرات إيرانية مسيرة فوق رؤوسها، فتتواصل مع القوات الإيرانية مطالبة بإبعاد طائرات إيرانية مسيرة، لكن من دون أن تكون هناك أي طائرة في الأساس". وتابع حاجي زادة: "لا نعرف في هذه الحالات ماذا ترى القوات الأميركية في الرادار، إنها مجرد أوهام".

دلالات
المساهمون