يمثّل القبض على المستشار هشام جنينة، الرئيس الأسبق للجهاز المركزي للمحاسبات وعضو حملة ترشح الفريق سامي عنان للرئاسة المصرية، وإحالته إلى النيابة العسكرية بتهمة إهانة الجيش ورموزه، خطوة جديدة على طريق إثبات التوحّد التام بين الجيش المصري والنظام الحاكم بقيادة عبدالفتاح السيسي، إلى حد تنكيل الجيش بشخصية مدنية عادية، لم تكن يوماً تنتمي للمؤسسة العسكرية، لأنها عارضت النظام وهددته بظهور وثائق ومستندات تفضح بعض تصرفات المجلس العسكري الأسبق الذي كان يضم المشير حسين طنطاوي إلى جانب عنان والسيسي، وشهدت فترة حكمه العديد من الأحداث الدامية والمذابح بحق المتظاهرين بعد ثورة 2011.
وألقت قوات الأمن القبض على جنينة ظهر الثلاثاء الماضي من منزله واصطحبته إلى قسم شرطة التجمّع الأول، ثم أقلته مجموعة أخرى من الشرطة العسكرية إلى النيابة العسكرية، حيث تم استدعاء محاميه علي طه، لحضور التحقيق معه في بلاغات مقدمة من وزير الدفاع وقيادة الجيش، بالإضافة لبلاغ مقدم من المحامي ناصر أمين بتكليف من موكله سامي عنان ونجله سمير، على الرغم من علاقتهما الجيدة سابقاً بجنينة، إلى حد إعلان عنان أن جنينة سيكون نائباً له في حال فوزه بالرئاسة.
وجاء هذا بعد ساعات معدودة من إصدار المتحدث الرسمي باسم الجيش المصري، بياناً توعد فيه جنينة بالتحقيق والمساءلة القانونية حول ما صرح به أخيراً من احتفاظ عنان بوثائق وأدلة تدين بعض شخصيات الدولة، وقال فيه إن "تصريحات المدعو هشام جنينة عن احتفاظ الفريق مستدعى سامي عنان بوثائق وأدلة يدعي احتواءها على ما يدين الدولة وقيادتها، وتهديده بنشرها في حال اتخاذ أي إجراءات قانونية قبل عنان، هو أمر بجانب ما يشكله من جرائم، يستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها، في الوقت الذي تخوض فيه القوات المسلحة معركة الوطن في سيناء لاجتثاث جذور الإرهاب".
ويبرهن تقديم عنان ونجله بلاغاً ضد جنينة، مع إصدار نجله بياناً ينتقده فيه ويؤكد وقوفه إلى جانب الجيش، على الوضع السيئ الذي بات فيه عنان ونجله في التحقيقات الحاصلة مع الأول بتهمة مخالفة الاستدعاء العسكري وإدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، ومع كليهما في بلاغات الكسب غير المشروع المتراكمة بالنيابة والتي كانت مجمّدة منذ عام 2012 في وقائع تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من تجارة أراض حصل عليها عنان بحكم وظيفته العسكرية، والتي تم على أساسها إصدار قرار بالتحفظ على أموال جميع أفراد أسرة عنان.
ومن الواضح أن عنان الذي سبق ورفض الاعتذار وإصدار بيان للتهدئة مع السيسي في اتصال مع طنطاوي، لا يرغب في فتح مزيد من الجبهات بعدما أصبح مستقبل أسرته في يد السيسي، فمن الممكن أن يترتب على قضية الفساد المالي تحديداً تجريد عنان من ثروته السائلة والعقارية التي كان يعتقد أنها تؤمّن مستقبل عائلته.
اقــرأ أيضاً
كما يكشف الأمر انقطاع الاتصالات بين عنان داخل سجنه والفريق المقرب الذي كان يعمل معه في فترة التحضير للانتخابات، وهو ما يتماشى مع تصريحات أدلت بها مصادر مطلعة من قبل لـ"العربي الجديد" مفادها أن عنان لم يلتق خلال فترة حبسه التي بدأت في 23 يناير/كانون الثاني الماضي إلا مع زميلين سابقين له في المجلس العسكري فضلاً عن نجله ومحاميه والمحققين، كما أن أسرة عنان ممنوعة من التواجد في أي مقر سكني غير العقار الرئيسي للأسرة في القاهرة الجديدة، والذي خضع لتفتيش مطول خلال القبض عليه.
إلا أن أهم ما يكشفه التطور الأخير هو تأكيد قيادة الجيش السيطرة المطلقة للسيسي على وزارة الدفاع والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتحويل الجيش إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية بصورة غير صاخبة، ومن دون أن يتطلب الأمر تقديم بلاغات للنيابة العامة وتداولها في المحاكم ومن ثم خروج الأزمات للإعلام واستغراق الرأي العام في مناقشتها، وهو دور لم يكن الجيش يقوم به في السابق بهذه الصورة المباشرة.
وقالت مصادر عسكرية في الخدمة، إن السيسي كان يمكن أن يكتفي بقطع الطريق أمام عنان ليمنعه من الترشح للرئاسة بواسطة الهيئة الوطنية للانتخابات، كما كان بإمكانه الانتقام من هشام جنينة بطرق شتى أبسطها تقديم بلاغات ضده في النيابة العامة التي بينها وبين جنينة تاريخ من التربص، لكن دخول القيادة العامة للجيش على الخط بهذه الصورة الكبيرة، يمثّل رسالة من السيسي وشريكه وزير الدفاع صدقي صبحي للمراقبين داخل وخارج الجيش، مفادها أن السيسي متحكّم في الجيش بنسبة 100 في المائة، وأن الجيش لا يتخلف عن دعمه.
واعتبرت المصادر أن جنينة لم يحسن قراءة تطورات ما حدث مع عنان، فصدور أمر بالقبض على رئيس أركان سابق وإهانته في الشارع وانتهاك حرمة منزله وحبسه واتهامه بالفساد ثم التحفظ على أمواله وحبس نجله وإخلاء سبيله بكفالة قياسية، كلها إجراءات لا يمكن أن تصدر إلا بتعليمات من القائد الأعلى شخصياً، وهو السيسي، وبصورة يوافق عليها أعضاء المجلس الأعلى وعلى رأسهم وزير الدفاع. وبالتالي كان واضحاً أن السيسي رفع سقف استخدام الجيش في تصفية الحسابات السياسية، وأنه لن يكون مستغرباً إذا تم استخدام الجيش بالطريقة نفسها مع أي شخص آخر محسوب على عنان أو غيره.
وأكدت المصادر أن السيسي أصبح مسيطراً بالكامل على المجلس العسكري منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما أطاح بقائد سلاح الدفاع الجوي عبدالمنعم التراس، آخر القادة الذين عملوا مع عنان، الذي كان قائده في السلاح نفسه، وكان التراس آخر ممثلي جيل حرب 1973. ولم يعد بين قيادات الجيش من هو أكبر سناً من السيسي إلا صديقه الفريق محمد فريد حجازي، والذي عيّنه أخيراً رئيساً للأركان، واللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية والدستورية.
وجاء هذا بعد ساعات معدودة من إصدار المتحدث الرسمي باسم الجيش المصري، بياناً توعد فيه جنينة بالتحقيق والمساءلة القانونية حول ما صرح به أخيراً من احتفاظ عنان بوثائق وأدلة تدين بعض شخصيات الدولة، وقال فيه إن "تصريحات المدعو هشام جنينة عن احتفاظ الفريق مستدعى سامي عنان بوثائق وأدلة يدعي احتواءها على ما يدين الدولة وقيادتها، وتهديده بنشرها في حال اتخاذ أي إجراءات قانونية قبل عنان، هو أمر بجانب ما يشكله من جرائم، يستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها، في الوقت الذي تخوض فيه القوات المسلحة معركة الوطن في سيناء لاجتثاث جذور الإرهاب".
ويبرهن تقديم عنان ونجله بلاغاً ضد جنينة، مع إصدار نجله بياناً ينتقده فيه ويؤكد وقوفه إلى جانب الجيش، على الوضع السيئ الذي بات فيه عنان ونجله في التحقيقات الحاصلة مع الأول بتهمة مخالفة الاستدعاء العسكري وإدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، ومع كليهما في بلاغات الكسب غير المشروع المتراكمة بالنيابة والتي كانت مجمّدة منذ عام 2012 في وقائع تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من تجارة أراض حصل عليها عنان بحكم وظيفته العسكرية، والتي تم على أساسها إصدار قرار بالتحفظ على أموال جميع أفراد أسرة عنان.
ومن الواضح أن عنان الذي سبق ورفض الاعتذار وإصدار بيان للتهدئة مع السيسي في اتصال مع طنطاوي، لا يرغب في فتح مزيد من الجبهات بعدما أصبح مستقبل أسرته في يد السيسي، فمن الممكن أن يترتب على قضية الفساد المالي تحديداً تجريد عنان من ثروته السائلة والعقارية التي كان يعتقد أنها تؤمّن مستقبل عائلته.
كما يكشف الأمر انقطاع الاتصالات بين عنان داخل سجنه والفريق المقرب الذي كان يعمل معه في فترة التحضير للانتخابات، وهو ما يتماشى مع تصريحات أدلت بها مصادر مطلعة من قبل لـ"العربي الجديد" مفادها أن عنان لم يلتق خلال فترة حبسه التي بدأت في 23 يناير/كانون الثاني الماضي إلا مع زميلين سابقين له في المجلس العسكري فضلاً عن نجله ومحاميه والمحققين، كما أن أسرة عنان ممنوعة من التواجد في أي مقر سكني غير العقار الرئيسي للأسرة في القاهرة الجديدة، والذي خضع لتفتيش مطول خلال القبض عليه.
إلا أن أهم ما يكشفه التطور الأخير هو تأكيد قيادة الجيش السيطرة المطلقة للسيسي على وزارة الدفاع والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتحويل الجيش إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية بصورة غير صاخبة، ومن دون أن يتطلب الأمر تقديم بلاغات للنيابة العامة وتداولها في المحاكم ومن ثم خروج الأزمات للإعلام واستغراق الرأي العام في مناقشتها، وهو دور لم يكن الجيش يقوم به في السابق بهذه الصورة المباشرة.
وقالت مصادر عسكرية في الخدمة، إن السيسي كان يمكن أن يكتفي بقطع الطريق أمام عنان ليمنعه من الترشح للرئاسة بواسطة الهيئة الوطنية للانتخابات، كما كان بإمكانه الانتقام من هشام جنينة بطرق شتى أبسطها تقديم بلاغات ضده في النيابة العامة التي بينها وبين جنينة تاريخ من التربص، لكن دخول القيادة العامة للجيش على الخط بهذه الصورة الكبيرة، يمثّل رسالة من السيسي وشريكه وزير الدفاع صدقي صبحي للمراقبين داخل وخارج الجيش، مفادها أن السيسي متحكّم في الجيش بنسبة 100 في المائة، وأن الجيش لا يتخلف عن دعمه.
وأكدت المصادر أن السيسي أصبح مسيطراً بالكامل على المجلس العسكري منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما أطاح بقائد سلاح الدفاع الجوي عبدالمنعم التراس، آخر القادة الذين عملوا مع عنان، الذي كان قائده في السلاح نفسه، وكان التراس آخر ممثلي جيل حرب 1973. ولم يعد بين قيادات الجيش من هو أكبر سناً من السيسي إلا صديقه الفريق محمد فريد حجازي، والذي عيّنه أخيراً رئيساً للأركان، واللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية والدستورية.