05 نوفمبر 2024
حرب الإبادة في الغوطة
مع اشتداد الحملة العسكرية التي تشنها مليشيات النظام السوري والمقاتلات والقاذفات الروسية ومليشيات حزب الله اللبناني ومليشيات نظام الملالي الإيراني الأخرى على بلدات غوطة دمشق الشرقية وقراها، يبرز التساؤل عن التوقيت والأهداف من وراء حرب الإبادة التي يشنها حلف الأنظمة الديكتاتورية الثلاثة، الأسدي والبوتيني ونظام الملالي الإيراني الظلامي ضد أهل الغوطة، والمدافعين عنها.
ولا تخرج الإجابة خارج سعي كل من النظام البوتيني ونظام الملالي الظلامي إلى تثبيت مناطق نفوذهما في سورية وتوسيعها، واستكمال المخطط الذي بدأه النظام السوري ونظام الملالي، الساعي إلى التهجير القسري لسكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وفق منهجية التغيير الديمغرافي في سورية التي بدأت، منذ إعلانهم الحرب على الحاضنة الاجتماعية للثورة السورية، عبر تطبيق الحصار الخانق حتى الموت، إلى جانب القصف الهجمي المستمر، بواسطة البراميل المتفجرة، ومختلف أنواع الصواريخ والقنابل الفراغية والارتجاجية والعنقودية والنابالم والفوسفور وكل الأسلحة المحرمة دولياً، بما فيها الأسلحة الكيميائية التي دأب النظام على استخدامها، منذ مجزرة غوطة دمشق ومعضمية الشام في أغسطس/ آب 2013، وكرّرها مرات كثيرة، ليس آخرها مجزرة خان شيخون في أبريل/ نيسان الماضي.
ولعل النموذج المتبع في الهجوم الوحشي على الغوطة في أيامنا هذه هو نموذج مدينة العاصمة الشيشانية، غروزني، الذي طبقه ضابط الاستخبارات السوفييتية السابق، فلاديمير بوتين، حين كان رئيساً للوزراء إبّان عهد بوريس يلتسين، وأباد فيه المدنية وسكانها، ثم أعاد هندستها وفق متطلبات النظام البوتيني القمعي. وهو نموذج متأصل في العقلية السياسية الروسية، يرجع إلى حملات الإبادة والتهجير التي تكرّرت في تاريخ روسيا، بدءاً من حملات التهجير التي قامت بها روسيا القيصرية ضد الشعب الشركسي في إقليم القوقاز، مروراً بحملات التهجير القسري ضد الشعب التتاري في شبه جزيرة القرم، وصولاً إلى حملات التهجير القسري في سورية.
وشهدت سورية هذا النموذج من حملات الإبادة والتهجير القسري في أكثر من مدينة وبلدة، بدأها حزب الله اللبناني وجيش النظام السوري ضد أهالي منطقة القصير الذين آووا اللاجئين اللبنانيين من مناصري حزب الله، وتقاسموا معهم المسكن ولقمة العيش، إبّان الحرب الإسرائيلية على لبنان في 2006، وأظهر وقتها حزب الله وجهه الحقيقي غير الأصيل، والناكر للمعروف الذي قدمه أهل القصير لمناصريه. وكان رد الحزب، الرافع يافطة الممانعة والمقاومة الزائفة، هو تدمير المدينة وتهجير سكانها قسراً، وتوطين مقاتليه وعائلاتهم فيها، تنفيذاً لأوامر الولي الفقيه القابع في طهران، والمتربع على سدة نظام الملالي الثيوقراطي المستبد والجاثم على صدور الشعوب الإيرانية منذ ثورة الخميني في 1979.
وتكرر سناريو غروزني في أحياء حمص القديمة، حيث هجّر سكانها قسراً بعد حصار جائر دام أكثر من سنتين، وقصف همجي طاول البشر والحجر، وتحول أكثر من مليون إنسان سوري من سكانها إلى نازحين ولاجئين، واضطر المدافعون عنها إلى توقيع اتفاق مع الروس والإيرانيين في 5 مايو/ أيار 2014، والمخزي أن اتفاق التهجير القسري تمّ برعاية الأمم المتحدة آنذاك.
وبعد تهجير سكان حمص القديمة، تكرّرت حملات التهجير القسري، لتطاول مدينة داريا التي دمرتها تماماً قوات النظام ومليشيات حزب الله بعد حصار دام أربع سنوات، وأفرغت من سكانها في نهاية 2016 الذين كان عددهم 250 ألف إنسان. وطبق السيناريو نفسه على الزبداني منذ 2015، حيث طالب نظام الملالي الإيراني بمبادلة سكان بلدتي كفريا والفوعة في إدلب بسكان الزبداني في ريف دمشق. وتحقق ذلك فيما عرف باتفاق المدن الأربع (كفريا - الفوعة - الزبداني – مضايا). وطاول التهجير القسري مدينتي قدسيا والهامة في ريف دمشق في 13 أغسطس/ آب 2016، ثم معضمية الشام في 19 الشهر نفسه.
ولعل أكبر عمليات التهجير القسري ارتكبها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون بحق سكان حلب الشرقية، حيث هجـر أغلـب سـكانها، البالغ نحو ثلاثة ملايين في عام 2012 تحـت قصـف الطائرات الحربية والبراميـل المتفجرة والصواريخ. ومع اشتداد الحصار الخانق والقصف الروسي، اضطر المقاتلون فيها لتوقيع اتفاق في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2016، نص على تهجير (ونقل) المقاتلين وعشرات آلاف المدنيين إلى ريف حلب ومحافظة إدلب.
وتحاول، في أيامنا هذه، مليشيات النظام ومليشيات حزب الله اللبناني وسائر مليشيات نظام الملالي اقتحام قرى غوطة دمشق الشرقية وبلداتها، باستخدام كل أنواع القصف المدفعي والصاروخي، فضلاً عن البراميل المتفجرة وغاز الكلور السام، ومنع وصول المساعدات الغذائية والإنسانية إلى قرابة 400 ألف مدني، فيما تستهدف طائرات النظام الحربية والقاذفات الروسية المساكن المأهولة، والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات والطواقم الطبية والأسواق والمحال التجارية، وحتى محطات الكهرباء ومحطات تنقية مياه الشرب، كي يتم كسر إرادة الناس، وإجبارهم على ترك أماكن عيشهم، وتنضم قرى الغوطة الشرقية وبلداتها إلى قائمة مناطق التهجير القسري الطويلة في سورية.
وعلى الرغم من أن الساسة الروس هم الذين هندسوا اتفاقات مناطق خفض التصعيد مع نظرائهم الأتراك والإيرانيين في اجتماعات أستانة، إلا أنهم لم يحترموها، ولم يوفوا بتعهداتهم وضماناتهم، خصوصا أن منطقة الغوطة الشرقية ضُمت خلال مفاوضات جرت في القاهرة إلى "مناطق خفض التصعيد" في 22 يوليو/ تموز 201، برعاية روسية مصرية، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، هدد سكان الغوطة الشرقية علنا بسيناريو تدميري مماثل لسيناريو حلب، ويقصد بذلك سيناريو غروزني، وما يستتبعه من إخراج مقاتلي المعارضة منها، وتهجير سكانها المدنيين.
وحاول ساسة النظام البوتيني إخفاء أهدافهم مما سموها زيفاً "مناطق خفض التصعيد"، بغية التستر وراءها، والسعي، بالاعتماد على مليشيات النظام ومليشيات نظام الملالي، للسيطرة على كل مناطق المعارضة، بدءاً من ريف إدلب والغوطة الشرقية وشمال مدينة حمص وانتهاء بمناطق ريف حماة، وتهجير كل سكانها، وذلك بعد فشل مسار أستانة واستكمال غاياته التكتيكية، وصفعة الإخفاق التي تلقوها في مؤتمر سوتشي، الأمر الذي يثبت أنهم اجترحوا اتفاقات تلك المناطق، لتحقيق غاية خاصة بهم، تتمثل في تجميد القتال فيها مؤقتاً، ثم الاستفراد بها، لتسهيل عملية قضم كل مناطق سيطرة المعارضة، الواحدة تلو الأخرى، خصوصاً أن مليشيات النظام ومليشيات نظام الملالي والمرتزقة الروس لن يستطيعوا الاقتراب من مناطق النفوذ الأميركية في شرق نهر الفرات ومنطقة الجزيرة السورية بكاملها، بعد أن لقنهم الأميركان درساً، حين حاولوا الاقتراب منها، وقتلوا مئاتٍ من مليشيات نظام الملالي والمرتزقة الروس.
ويستعجل النظام السوري وحلفاؤه في نظامي بوتين والملالي أمرهم، لعلهم يحققون حسماً عسكرياً، مهما كان ثمنه في الغوطة الشرقية المحاصرة، حتى لو كان على على حساب دماء مئات آلاف المدنيين، وذلك بعد أن أكمل مختلف اللاعبين الدوليين والإقليميين تثبيت نفوذهم على الأرض السورية، خصوصاً بعد الاشتباك الذي حصل بين نظام الملالي والإسرائيليين، وما يتمخض عنه من تحدياتٍ على النفوذ والسطوة الروسية فيها، إلى جانب الاستهداف المتكرّر
للقواعد العسكرية الروسية البرية والبحرية في حميميم واللاذقية وطرطوس، الذي يوضح أن الانتصار الذي أعلنه الرئيس بوتين من قاعدة حميميم كان سراباً أو وهماً.
المحيّر في الأمر أن حرب الإبادة التي يخوضها النظام السوري وحليفاه، البوتيني ونظام الملالي، تجري تحت مرأى العالم وبصره، وفي ظل عجز المجتمع الدولي عن فعل أي شيء لحماية المدنيين في الغوطة، وفي سواها من المناطق والمدن السورية، في حين أن الأهم بالنسبة إليها هو تثبيت مناطق نفوذها، وتفعل أي شيءٍ لحمايتها، بما فيها استخدام القوة. ومن المخزي أن غالبية دول مجلس الأمن، وخصوصا من تمتلك حق النقض (الفيتو)، تتظاهر وكأنها تحاول فعل شيء حيال حرب الإبادة والجرائم التي ترتكب بحق السوريين، وأقصى ما يمكن أن تفعله محاولة إصدار قرارٍ يرضي الروس والنظام.
وسبق أن عجزت دول مجلس الأمن، حتى عن إصدار قرارٍ يدين الجرائم البشعة بحق الشعب السوري، بل إنها لم تفعل شيئاً حيال مجزرة السلاح الكيميائي التي استخدم فيها النظام غاز السارين، أو غاز الأعصاب، بحق سكان الغوطة الشرقية والمعضمية وسواها، وذهب ضحيتها أكثر من ألف وأربعمائة شخص يوم 21 أغسطس/ آب 2013، بينهم مئات الأطفال، حين داس الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، على الخط الأحمر الذي وضعه بنفسه، مكتفياً بصفقةٍ مريبةٍ مع نظيره الروسي، ثم داس عليه بعدئذ النظام السوري مراراً وتكراراً، وارتكب مجازر عديدة، لم يحاسب عليها أي من مجرمي الحرب في سورية.
ولا تخرج الإجابة خارج سعي كل من النظام البوتيني ونظام الملالي الظلامي إلى تثبيت مناطق نفوذهما في سورية وتوسيعها، واستكمال المخطط الذي بدأه النظام السوري ونظام الملالي، الساعي إلى التهجير القسري لسكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وفق منهجية التغيير الديمغرافي في سورية التي بدأت، منذ إعلانهم الحرب على الحاضنة الاجتماعية للثورة السورية، عبر تطبيق الحصار الخانق حتى الموت، إلى جانب القصف الهجمي المستمر، بواسطة البراميل المتفجرة، ومختلف أنواع الصواريخ والقنابل الفراغية والارتجاجية والعنقودية والنابالم والفوسفور وكل الأسلحة المحرمة دولياً، بما فيها الأسلحة الكيميائية التي دأب النظام على استخدامها، منذ مجزرة غوطة دمشق ومعضمية الشام في أغسطس/ آب 2013، وكرّرها مرات كثيرة، ليس آخرها مجزرة خان شيخون في أبريل/ نيسان الماضي.
ولعل النموذج المتبع في الهجوم الوحشي على الغوطة في أيامنا هذه هو نموذج مدينة العاصمة الشيشانية، غروزني، الذي طبقه ضابط الاستخبارات السوفييتية السابق، فلاديمير بوتين، حين كان رئيساً للوزراء إبّان عهد بوريس يلتسين، وأباد فيه المدنية وسكانها، ثم أعاد هندستها وفق متطلبات النظام البوتيني القمعي. وهو نموذج متأصل في العقلية السياسية الروسية، يرجع إلى حملات الإبادة والتهجير التي تكرّرت في تاريخ روسيا، بدءاً من حملات التهجير التي قامت بها روسيا القيصرية ضد الشعب الشركسي في إقليم القوقاز، مروراً بحملات التهجير القسري ضد الشعب التتاري في شبه جزيرة القرم، وصولاً إلى حملات التهجير القسري في سورية.
وشهدت سورية هذا النموذج من حملات الإبادة والتهجير القسري في أكثر من مدينة وبلدة، بدأها حزب الله اللبناني وجيش النظام السوري ضد أهالي منطقة القصير الذين آووا اللاجئين اللبنانيين من مناصري حزب الله، وتقاسموا معهم المسكن ولقمة العيش، إبّان الحرب الإسرائيلية على لبنان في 2006، وأظهر وقتها حزب الله وجهه الحقيقي غير الأصيل، والناكر للمعروف الذي قدمه أهل القصير لمناصريه. وكان رد الحزب، الرافع يافطة الممانعة والمقاومة الزائفة، هو تدمير المدينة وتهجير سكانها قسراً، وتوطين مقاتليه وعائلاتهم فيها، تنفيذاً لأوامر الولي الفقيه القابع في طهران، والمتربع على سدة نظام الملالي الثيوقراطي المستبد والجاثم على صدور الشعوب الإيرانية منذ ثورة الخميني في 1979.
وتكرر سناريو غروزني في أحياء حمص القديمة، حيث هجّر سكانها قسراً بعد حصار جائر دام أكثر من سنتين، وقصف همجي طاول البشر والحجر، وتحول أكثر من مليون إنسان سوري من سكانها إلى نازحين ولاجئين، واضطر المدافعون عنها إلى توقيع اتفاق مع الروس والإيرانيين في 5 مايو/ أيار 2014، والمخزي أن اتفاق التهجير القسري تمّ برعاية الأمم المتحدة آنذاك.
وبعد تهجير سكان حمص القديمة، تكرّرت حملات التهجير القسري، لتطاول مدينة داريا التي دمرتها تماماً قوات النظام ومليشيات حزب الله بعد حصار دام أربع سنوات، وأفرغت من سكانها في نهاية 2016 الذين كان عددهم 250 ألف إنسان. وطبق السيناريو نفسه على الزبداني منذ 2015، حيث طالب نظام الملالي الإيراني بمبادلة سكان بلدتي كفريا والفوعة في إدلب بسكان الزبداني في ريف دمشق. وتحقق ذلك فيما عرف باتفاق المدن الأربع (كفريا - الفوعة - الزبداني – مضايا). وطاول التهجير القسري مدينتي قدسيا والهامة في ريف دمشق في 13 أغسطس/ آب 2016، ثم معضمية الشام في 19 الشهر نفسه.
ولعل أكبر عمليات التهجير القسري ارتكبها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون بحق سكان حلب الشرقية، حيث هجـر أغلـب سـكانها، البالغ نحو ثلاثة ملايين في عام 2012 تحـت قصـف الطائرات الحربية والبراميـل المتفجرة والصواريخ. ومع اشتداد الحصار الخانق والقصف الروسي، اضطر المقاتلون فيها لتوقيع اتفاق في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2016، نص على تهجير (ونقل) المقاتلين وعشرات آلاف المدنيين إلى ريف حلب ومحافظة إدلب.
وتحاول، في أيامنا هذه، مليشيات النظام ومليشيات حزب الله اللبناني وسائر مليشيات نظام الملالي اقتحام قرى غوطة دمشق الشرقية وبلداتها، باستخدام كل أنواع القصف المدفعي والصاروخي، فضلاً عن البراميل المتفجرة وغاز الكلور السام، ومنع وصول المساعدات الغذائية والإنسانية إلى قرابة 400 ألف مدني، فيما تستهدف طائرات النظام الحربية والقاذفات الروسية المساكن المأهولة، والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات والطواقم الطبية والأسواق والمحال التجارية، وحتى محطات الكهرباء ومحطات تنقية مياه الشرب، كي يتم كسر إرادة الناس، وإجبارهم على ترك أماكن عيشهم، وتنضم قرى الغوطة الشرقية وبلداتها إلى قائمة مناطق التهجير القسري الطويلة في سورية.
وعلى الرغم من أن الساسة الروس هم الذين هندسوا اتفاقات مناطق خفض التصعيد مع نظرائهم الأتراك والإيرانيين في اجتماعات أستانة، إلا أنهم لم يحترموها، ولم يوفوا بتعهداتهم وضماناتهم، خصوصا أن منطقة الغوطة الشرقية ضُمت خلال مفاوضات جرت في القاهرة إلى "مناطق خفض التصعيد" في 22 يوليو/ تموز 201، برعاية روسية مصرية، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، هدد سكان الغوطة الشرقية علنا بسيناريو تدميري مماثل لسيناريو حلب، ويقصد بذلك سيناريو غروزني، وما يستتبعه من إخراج مقاتلي المعارضة منها، وتهجير سكانها المدنيين.
وحاول ساسة النظام البوتيني إخفاء أهدافهم مما سموها زيفاً "مناطق خفض التصعيد"، بغية التستر وراءها، والسعي، بالاعتماد على مليشيات النظام ومليشيات نظام الملالي، للسيطرة على كل مناطق المعارضة، بدءاً من ريف إدلب والغوطة الشرقية وشمال مدينة حمص وانتهاء بمناطق ريف حماة، وتهجير كل سكانها، وذلك بعد فشل مسار أستانة واستكمال غاياته التكتيكية، وصفعة الإخفاق التي تلقوها في مؤتمر سوتشي، الأمر الذي يثبت أنهم اجترحوا اتفاقات تلك المناطق، لتحقيق غاية خاصة بهم، تتمثل في تجميد القتال فيها مؤقتاً، ثم الاستفراد بها، لتسهيل عملية قضم كل مناطق سيطرة المعارضة، الواحدة تلو الأخرى، خصوصاً أن مليشيات النظام ومليشيات نظام الملالي والمرتزقة الروس لن يستطيعوا الاقتراب من مناطق النفوذ الأميركية في شرق نهر الفرات ومنطقة الجزيرة السورية بكاملها، بعد أن لقنهم الأميركان درساً، حين حاولوا الاقتراب منها، وقتلوا مئاتٍ من مليشيات نظام الملالي والمرتزقة الروس.
ويستعجل النظام السوري وحلفاؤه في نظامي بوتين والملالي أمرهم، لعلهم يحققون حسماً عسكرياً، مهما كان ثمنه في الغوطة الشرقية المحاصرة، حتى لو كان على على حساب دماء مئات آلاف المدنيين، وذلك بعد أن أكمل مختلف اللاعبين الدوليين والإقليميين تثبيت نفوذهم على الأرض السورية، خصوصاً بعد الاشتباك الذي حصل بين نظام الملالي والإسرائيليين، وما يتمخض عنه من تحدياتٍ على النفوذ والسطوة الروسية فيها، إلى جانب الاستهداف المتكرّر
المحيّر في الأمر أن حرب الإبادة التي يخوضها النظام السوري وحليفاه، البوتيني ونظام الملالي، تجري تحت مرأى العالم وبصره، وفي ظل عجز المجتمع الدولي عن فعل أي شيء لحماية المدنيين في الغوطة، وفي سواها من المناطق والمدن السورية، في حين أن الأهم بالنسبة إليها هو تثبيت مناطق نفوذها، وتفعل أي شيءٍ لحمايتها، بما فيها استخدام القوة. ومن المخزي أن غالبية دول مجلس الأمن، وخصوصا من تمتلك حق النقض (الفيتو)، تتظاهر وكأنها تحاول فعل شيء حيال حرب الإبادة والجرائم التي ترتكب بحق السوريين، وأقصى ما يمكن أن تفعله محاولة إصدار قرارٍ يرضي الروس والنظام.
وسبق أن عجزت دول مجلس الأمن، حتى عن إصدار قرارٍ يدين الجرائم البشعة بحق الشعب السوري، بل إنها لم تفعل شيئاً حيال مجزرة السلاح الكيميائي التي استخدم فيها النظام غاز السارين، أو غاز الأعصاب، بحق سكان الغوطة الشرقية والمعضمية وسواها، وذهب ضحيتها أكثر من ألف وأربعمائة شخص يوم 21 أغسطس/ آب 2013، بينهم مئات الأطفال، حين داس الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، على الخط الأحمر الذي وضعه بنفسه، مكتفياً بصفقةٍ مريبةٍ مع نظيره الروسي، ثم داس عليه بعدئذ النظام السوري مراراً وتكراراً، وارتكب مجازر عديدة، لم يحاسب عليها أي من مجرمي الحرب في سورية.