أقدم مقاتلون مبايعون لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الأيام الأخيرة على قتل عشرات المقاتلين التابعين لفصائل الجيش السوري الحر في محافظتي إدلب ودرعا، وذلك بعد وقوعهم في الأسر، إذ تم إعدامهم رمياً بالرصاص أو ذبحاً، ما يشير الى أجندة هؤلاء وغلوائهم وتقديمهم قتل عناصر الجيش الحر، الذين يصفونهم بالمرتدين والصحوات، على قتال النظام السوري والمليشيات الإيرانية.
ووصل أكثر من مئة عنصر من تنظيم "لواء الأقصى"، وهو أحد مجموعات فصيل "جند الأقصى" المنحل، إلى ريف الرقة الغربي، الخاضع لسيطرة "داعش"، شرقي سورية، قادمين من محافظة إدلب، شمالي البلاد، وذلك بعد ارتكابهم مجزرة جماعية بحق عشرات من مقاتلي الجيش الحر. ونقلت وكالة "سمارت نيوز" عن مصادر محلية قولها إن العناصر وصلوا مع نحو 50 من عائلاتهم، بسيارات النقل العام، حاملين أسلحة فردية، وذلك بعد أن سلموا أسلحتهم الثقيلة إلى "داعش" في ريف حماة الشرقي، أو قاموا بإحراقها وتعطيلها. وأشارت المصادر إلى أن العناصر والمقاتلين، خصوصاً السوريين منهم، سيخضعون لدورات "شرعية" وعسكرية تمتد لنحو شهر ونصف الشهر. وكان هؤلاء آخر دفعة خرجت الأربعاء الماضي من معسكر الخزانات قرب مدينة خان شيخون، جنوبي إدلب، إلى محافظة الرقة، وذلك بموجب اتفاق توصلت إليه "هيئة تحرير الشام" وتنظيم "لواء الأقصى"، قضى بخروج عناصر التنظيم إلى محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة "داعش"، بعد اشتباكات في إدلب وحماة أسفرت عن مقتل العشرات من الطرفين.
وقال الدفاع المدني في إدلب إنه عثر على جثث 145 مقاتلاً من الجيش السوري الحر، كان "لواء الأقصى" أعدمهم. وأضاف أن فرق الهندسة التابعة للدفاع المدني، تحاول نزع الألغام وتأمينها، والبحث عن مفقودين كانوا معتقلين لدى "لواء الأقصى"، فيما انتشلت فرق الدفاع المدني جثث المقاتلين، ومن بينهم جثة الملازم أول المنشق محمد دخان، من "جيش النصر"، وإبراهيم عواد قائد كتيبة "أم المؤمنين عائشة". وأوضح الدفاع المدني أن الجثث وجدت مدفونة في مناطق متفرقة من المعسكر، الذي كان يسيطر عليه "لواء الأقصى"، وتم إعدام المقاتلين إما رمياً بالرصاص أو نحراً بالسكين، مشيراً إلى أن الجثث سلمت إلى أهالي المقاتلين، بعد التعرف عليها، فيما تتواصل عملية البحث عن باقي الجثث والمفقودين في أرجاء المعسكر الواسعة، فيما ما زال هناك نحو مائة مقاتل مفقودين. وكان "لواء الأقصى"، وخلال سيطرته على مقرات لفصائل الجيش الحر في مدينة كفرزيتا بريف حماة، شن حملة اعتقالات طاولت العشرات، غالبيتهم من "جيش النصر" و"الفرقة الوسطى" التابعين للجيش السوري الحر. كذلك تعرضت محكمة قرية موقة، شمالي مدينة خان شيخون، التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، للهجوم، وقام عناصر "اللواء" بتصفية أكثر من 40 عنصراً من "الهيئة" رمياً بالرصاص وذبحاً بالسكاكين وهم مكبلو الأيدي، غالبيتهم من ريف إدلب الجنوبي.
وقال الناشط الإعلامي في ريف إدلب الجنوبي، أبو محمد، لـ"العربي الجديد"، إن أفراد الدفاع المدني وأهالي المعتقلين قاموا بعد خروج عناصر "لواء الأقصى" بساعات بانتشال الجثث، التي رمي بعضها في الآبار وأخرى دفنت في مقابر جماعية، ومعظم الجثث كانت مكبلة اليدين، وبعضها تم ذبح أصحابها، مشيراً إلى أن "لواء الأقصى" أحرق، قبل خروجه، معظم الآليات الثقيلة. وكان "اللواء" بدأ قبل أيام في إخلاء مقراته من مدينة خان شيخون ومحيطها، متجهاً إلى مناطق سيطرة تنظيم "داعش" وفقاً للاتفاق المبرم مع "هيئة تحرير الشام" ووساطة الحزب "التركستاني الإسلامي"، والذي قضى بخروجهم بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة، من دون الثقيلة، والإفراج عن المعتقلين الأحياء، وذلك بعد معارك دامت أربعة أيام سيطرت خلالها "الهيئة" على مناطق واسعة خاضعة لسيطرة "اللواء". و"لواء الأقصى" هو الفريق الثالث من جماعة "جند الأقصى" التي كانت "حركة أحرار الشام" أعلنت الحرب عليها الشهر الماضي، فأعلنت اندماجها في "هيئة تحرير الشام" لكنها لم تندمج فعلياً، وانقسمت إلى ثلاث مجموعات، واحدة قبلت بالاندماج، والثانية، وتضم المقاتلين التركستان وقفت على الحياد، والثالثة هي "لواء الأقصى"، الذي يعتقد أنه مبايع لـ"داعش"، ودخل في مواجهات مع فصائل المعارضة. وأعرب ناشطون عن استغرابهم من سكوت فصائل المعارضة في المنطقة عن جرائم وارتكابات "لواء الأقصى" بحق مقاتلي المعارضة، وتركهم يغادرون بسلام إلى مناطق "الدولة الإسلامية"، مع علمهم مسبقاً بأنهم ارتكبوا إعدامات جماعية بحق مقاتليهم. كما لفت هؤلاء إلى تغاضي طيران التحالف والطيران الروسي، وكذلك طيران النظام، عن تحرك هؤلاء في مناطق مكشوفة، ووصولهم إلى الرقة بسلام من دون أن يعترض طريقهم الطيران الذي يتواجد في سماء المنطقة على مدار الساعة.
وهذا المشهد في الشمال السوري تكرر في الجنوب في الوقت ذاته تقريباً. وأحصى مكتب توثيق الشهداء في محافظة درعا مقتل 110 مقاتلين من فصائل الجيش الحر، غالبيتهم جرى إعدامهم ميدانياً، بالرصاص أو ذبحاً، على يد مقاتلي "جيش خالد ابن الوليد" المبايع لتنظيم "داعش"، وذلك بعد أن اجتاح عناصر هذا "الجيش" بعض القرى المحيطة في منطقة وادي اليرموك في محافظة درعا أخيراً. ويتمركز "جيش خالد" في عدد من قرى حوض اليرموك المحاذي لحدود الأردن وفلسطين المحتلة، وتفرض فصائل المعارضة حصاراً على المنطقة منذ عدة أشهر. واجتاح مقاتلو "جيش خالد"، قبل ثلاثة أيام، قرى تسيل وعدوان وجلين وسحم الجولان وتل الجموع، وقتل العشرات من مقاتلي المعارضة، قبل أن تتمكن فصائل الجيش الحر من استعادة بعض تلك القرى، وسط تحذيرات من إمكانية معاودته الهجوم على قرى أخرى، مستغلاً انشغال فصائل المعارضة بمعركة "الموت ولا المذلة" ضد قوات النظام في حي المنشية بدرعا البلد.
وتواصل قوات المعارضة محاولاتها لاستعادة جميع المناطق التي تقدم إليها "جيش خالد"، وقصفت براجمات الصواريخ، أول من أمس، تل الجموع الذي استولى عليه "جيش خالد". وقال المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران"، أبو محمد الحوراني، لـ"العربي الجديد"، إنه تمت حتى الآن استعادة جلين وسد عدوان وتأمين قرية حيط، مشيراً إلى العثور على عشرات الجثث في البلدات المحررة، بعضها ذبح أصحابها بالسكين، وتم فصل رؤوسهم عن أجسادهم. ورأى أن في مقدمة وظائف تنظيم "داعش" وأنصاره هي مشاغلة فصائل الجيش الحر عند كل اشتباك بينها وبين قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية، ليس في محافظة درعا وحسب بل في عموم المحافظات السورية، مشيراً إلى أن نجاح التنظيم في السيطرة على بعض القرى بسرعة، مرده إلى وجود خلايا نائمة له داخل تلك القرى، تحركت بالتوازي مع دخول عناصر "جيش خالد".