وينتظر أن يتوجه الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، بكلمة إلى التونسيين، في اجتماع عام الأسبوع القادم، يوضح فيها مواقفه من الاحتجاجات الاجتماعية، والوضع السياسي، والحكومة، وقانون المصالحة، الذي تباينت بشأنه المواقف الحزبية والشعبية في الأيام الأخيرة، خصوصًا بعد موقف حليفه في الحكم، "حركة النهضة"، التي رفضت المشروع في صيغته الحالية ودعت إلى تعديله.
من جهته، دعا "الاتحاد العام التونسي للشغل" إلى بلورة مبادرة وطنية جديدة لإنقاذ البلاد في ظل الأوضاع التي تعيشها.
وحذّر الاتحاد، في بيان صادر عن هيئته الإدارية، كلّ الأطراف من تأزُّم الأوضاع في البلاد على جميع المستويات، مسجلًا "احتداد التجاذبات السياسية التي تشكًّل مؤشّرات على أزمة سياسية عمّقت تدهور الوضع الاقتصادي، وزادت من ارتفاع منسوب التوتُّر الاجتماعي، والذي تمظهر في تحرّكات احتجاجية شعبية في عدد من الجهات".
واعتبر البيان أن التعامل مع الاحتجاحات لم يكن إيجابيًّا، "وظلّت السياسات حبيسة الوعود والحلول المسكّنة، ممّا خلق حالة من الغضب وعمّق انعدام الثقة، خاصّة بين الشباب والحكومة والأحزاب ومؤسّسات الدّولة".
واعتبر الاتحاد أن حلّ هذه الأزمة ينبغي أن يكون داخل إطار النهج التشاركي الفعلي، ويفرض وضوح الأهداف والبرامج، معبِّرًا عن انشغال الاتحاد إزاء هذا الوضع الذي يستدعي بلورة مبادرة وطنية تنقذ البلاد وتجنّبها الاحتقان.
ودعا الاتحاد الأطراف الاجتماعية إلى "الشروع في التفاوض الثنائي والثلاثي (أي منظمة رجال الأعمال و منظمة الفلاحين)، وفي إطار العقد الاجتماعي حول الملفّات الكبرى لإصلاح المنظومات التي تعاني، بسبب السياسات الخاطئة والخيارات الفاشلة، من تدهور موازناتها وأوضاعها وتردّي الخدمات فيها وتدنّي مستويات دعمها العمومي، كمنظومات الجباية والصحَّة والتعليم والحماية الاجتماعية وغيرها.. واستكمال ما تمّ الشروع فيه حول إصلاح التعليم بين الأطراف الثلاثة، دون سواها، على قاعدة دعم التعليم العمومي المبني على الديمقراطية والتقدّم وتكافؤ الفرص".
وجدّدت النقابة مساندتها "للانتظارات المشروعة التي يرفعها أبناء شعبنا في الجهات المهمّشة في الداخل، وفي المناطق الحدودية، للمطالبة بالتنمية والتشغيل"، داعيةً "جميع الأطراف إلى التفاعل مع هذه الانتظارات، وتحقيق طموحات شبابنا المعطّل عن العمل والمفروزين أمنيّا منهم، وننبّه إلى محاولة بعض الأطراف توظيف هذه التحرّكات السلمية ورفع سقف المطالب والدفع إلى إعادة توزيع الأوراق وإلى الفوضى والمجهول".
من جهةٍ أخرى، أعلنت رئيسة منظمة رجال الأعمال، وداد بوشماوي، أن المنظمة بصدد التحضير مع "الاتحاد العام التونسي للشغل" لإعلان مبادرة "قيادة التحول الاقتصادي في تونس، وسيتم خلال الأسابيع القليلة القادمة الكشف عن ملامح هذه المبادرة، التي ستكون خارطة طريق لطمأنة المستثمرين الأجانب والتونسيين بعيدًا عن التجاذبات السياسية، من أجل توفير فرص العمل، وتوفير مناخ اجتماعي واقتصادي يشجع على الاستثمار"، وفق تعبيرها.
وقالت بوشماوي، لإذاعة "موزاييك"، على هامش مشاركتها في ملتقى "تونس أمل في المتوسط" في روما، إنها ستقوم بالتنسيق مع الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، بجولة ستكون أولى محطاتها مدينة بروكسل البلجيكية، خلال شهر يوليو/تموز 2017، "لحث المنظمات الاجتماعية الدولية، بصوت واحد، على دعم التحول الاقتصادي في تونس".
وتعكس هذه المبادرة تقاربًا جديدًا بين المنظمتين، بعد فترة جفاء وصراع بسبب الاختلاف حول عدد من الملفات الاجتماعية خلال السنتين الأخيرتين، علمًا أنهما قادتا معًا مراحل الحوار الوطني، الذي نجح في تجنيب البلاد مآزق الانزلاق إلى مربع العنف، وصولًا إلى انتخابات 2014.