إنْ كانت تونس ما زالت تعاني من جرّاء حرائق الغابات، فاللافت هذا العام تقلّص نسبتها بالمقارنة مع العام الماضي، بفعل جهود المعنيين
"هذا العام، بلغت مساحة الغابات التي أتت عليها الحرائق نحو 300 هكتار. وعلى الرغم من أن المساحة ليست قليلة، إلا أنها تعدّ أقل بكثير من عام 2017، إذ قضت الحرائق على 17 ألف هكتار. كلّ هكتار هو خسارة للثروة الغابية التي تبلغ مليوناً و200 ألف هكتار، وهي مصدر عيش واستقرار نحو عشر سكان تونس، ونأمل ألا يتلف هكتار واحد. لكن للأسف، هناك أسباب وعوامل عدة تقف وراء حرائق الغابات"، كما يقول مدير عام إدارة الغابات سالم الطريقي لـ "العربي الجديد".
يضيف أن الحد من حرائق الغابات بنسبة 60 في المائة لهذا العام لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة أبحاث استقصائية لوزارة الزراعة، تمّ من خلالها تتبّع الآثار والأدلة التي تقف وراء الحرائق المسجلة، والبحث في أسبابها، خصوصاً أنها تتكرر سنوياً وتأتي على مساحات شاسعة من الثروة الغابية في تونس. ويشير إلى أنه بعد تسجيل 329 حريقاً في عام 2017، انخفض العدد إلى 135 حريقاً خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2018، وتراجعت المساحات المحترقة بنسبة 96 في المائة، كذلك تلك المتلفة، وبلغت خلال هذا العام نحو 300 هكتاراً في مقابل 9604 هكتاراً خلال العام الماضي.
ويؤكد مدير عام إدارة الغابات أن حرائق الغابات عادة ما تحدث خلال شهر مارس/ آذار، وتتقلص خلال شهري سبتمبر/ أيلول، وأكتوبر/ تشرين الأول. لكن حتى في فصل الشتاء، قد تندلع بعض الحرائق، مضيفاً أن من بين أسباب حرائق الغابات عوامل طبيعية كالشمس. أحياناً، البلور العاكس لأشعة الشمس قد يتسبب في اندلاع شرارة وبالتالي اشتعال حرائق، عدا عن الزوابع الرعدية التي عادة ما تكون سبباً لاندلاع الحرائق، مضيفاً أن هناك أسباباً من صنع الإنسان كالأسلاك الكهربائية وآلات الجني والحصاد. ويبيّن أن الإنسان قد يتسبب عن غير قصد في حرائق الغابات عندما يلقي بقايا سيجارة أو عند التخييم والاستجمام وإشعال النيران.
ويبيّن أن هناك من يتعمّد إحراق الغابات "نتيجة اضطرابات نفسية أو التغطية على سرقات تحدث في الغابات، مثل قطع الحطب والنيل من ثمار الغابات كـ "البندق" و"الزقوقو". ويوضح أن من بين الأسباب التي خلصوا إليها، وهي الأخطر، يتعمد البعض إحراق الغابات لاستغلال المساحات. ولدى إدراكهم عدم فوزهم بالصفقة، يرسلون بعض المنحرفين لحرق المساحة المطلوبة، على أن يتولوا استغلالها بعد سنتين من إحراقها، وهي عادة عمليات مدروسة ومخطط لها تشتّت جهود الإطفاء، خصوصاً في حال إشعال الحرائق في أماكن عدة في وقت واحد، "ما دفعنا إلى تكثيف الحراسة والمراقبة".
ويلفت الطريقي إلى وجوب الحفاظ على الغابات لأنها رئة تونس وثروة الأجيال المقبلة، مؤكداً أن جهود العديد من الأطراف، من دفاع مدني وأمن وحراس غابات، ساهمت في الحد من الحرائق، علماً أنه ما زال هناك العديد من الإشكاليات والصعوبات، إذ يوجد ثلاثة آلاف حارس غابات، بمعدل حارس لكل 13 هكتار، وهو عدد غير كاف لأن الأفضل هو وجود حارس لكل هكتار. بالتالي، هناك حاجة ماسة دائماً لدعم عدد حراس الغابات. ويؤكد أنهم ينتظرون إنشاء ديوان الغابات، الذي من شأنه توحيد المعلومات والجهود للحد من المشاكل والظواهر السلبية التي تشهدها الغابات التونسية.
اقــرأ أيضاً
من جهته، يقول محافظ جندوبة (تضم غابات طبرقة وعين دراهم) محمد صدقي بوعون لـ "العربي الجديد": "خلال هذا الموسم، تمّت السيطرة على ظاهرة حرائق الغابات بالمقارنة مع الموسم الماضي"، مبيّناً أن هناك جهود كثيرة بذلت لتفعيل عمل حراس الغابات وأخذ الاحتياطات من خلال التقصي وتلافي كل ما من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع الحرائق.
ويبين صدقي القيام بـ "عمليات بيضاء" للسيطرة على حرائق الغابات والوقوف على الأسباب التي تكون عادة وراء الحرائق، ووضع الخطط المطلوبة، وتوفير الوسائل اللوجستية والمادية والبشرية لتأمين التدخلات لدى اندلاع الحرائق، ما مكن من الحد من المشكلة خلال 2018.
إلى ذلك، يرى رئيس جمعية "موطني بيئتي" عنتر دخيل أنّ الحل الوحيد لحماية الغابات يكمن في توعية أهالي الغابات وتشجيعهم على الاستقرار وتأمين فرص عمل يقتاتون منها، حتى لا تتحول العلاقة بين الإنسان والغابة إلى عداء. يضيف لـ "العربي الجديد": "غالبية سكان الغابات مهمشون ومقصيون من الدورة الاقتصادية. بالتالي، فقد كثيرون الرغبة في حماية غاباتهم وهجروا بيوتهم بحثاً عن فضاءات أخرى". ويبين أنّه بعيداً عمّا إذا كانت حرائق الغابات بفعل فاعل أو نتيجة عوامل طبيعية، لابد من النهوض بسكان الغابات لأنّهم الأقدر على حمايتها من المشاكل، ووحدهم يعرفون خباياها وأسرارها، وبإمكانهم الدفاع عنها وحمايتها.
اقــرأ أيضاً
وتفيد وزارة الفلاحة بأن تراجع الحرائق وبالتالي المساحات التي تتلف خلال عام 2018، يرتبط بجلسات العمل الاستباقية وجلسات العمل المشتركة بين الإدارة العامة للغابات والأطراف المتدخلة في مقاومة الحرائق والخطة الوطنية لحماية الغابات من الحرائق (2015 ـ 2024) الرامية أساساً إلى دعم الإنذار المبكر والتدخل السريع والعمل على دعم مكونات البنية الأساسية وصيانتها دورياً ودعم الامكانيات المادية والبشرية.
وتشير في بيان إلى صيانة أبراج المراقبة، وتدعيمها بمعدات أولية لمقاومة الحرائق، وصيانة شبكة الأجهزة اللاسلكية والمحمولة والمنقولة، وتنظيم برامج توعية مع الساكنين في الغابات حول الوقاية من الحرائق، وتشجيع الفلاحين على تجنب إشعال النار لحرق بقايا الحصاد.
يضيف أن الحد من حرائق الغابات بنسبة 60 في المائة لهذا العام لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة أبحاث استقصائية لوزارة الزراعة، تمّ من خلالها تتبّع الآثار والأدلة التي تقف وراء الحرائق المسجلة، والبحث في أسبابها، خصوصاً أنها تتكرر سنوياً وتأتي على مساحات شاسعة من الثروة الغابية في تونس. ويشير إلى أنه بعد تسجيل 329 حريقاً في عام 2017، انخفض العدد إلى 135 حريقاً خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2018، وتراجعت المساحات المحترقة بنسبة 96 في المائة، كذلك تلك المتلفة، وبلغت خلال هذا العام نحو 300 هكتاراً في مقابل 9604 هكتاراً خلال العام الماضي.
ويؤكد مدير عام إدارة الغابات أن حرائق الغابات عادة ما تحدث خلال شهر مارس/ آذار، وتتقلص خلال شهري سبتمبر/ أيلول، وأكتوبر/ تشرين الأول. لكن حتى في فصل الشتاء، قد تندلع بعض الحرائق، مضيفاً أن من بين أسباب حرائق الغابات عوامل طبيعية كالشمس. أحياناً، البلور العاكس لأشعة الشمس قد يتسبب في اندلاع شرارة وبالتالي اشتعال حرائق، عدا عن الزوابع الرعدية التي عادة ما تكون سبباً لاندلاع الحرائق، مضيفاً أن هناك أسباباً من صنع الإنسان كالأسلاك الكهربائية وآلات الجني والحصاد. ويبيّن أن الإنسان قد يتسبب عن غير قصد في حرائق الغابات عندما يلقي بقايا سيجارة أو عند التخييم والاستجمام وإشعال النيران.
ويبيّن أن هناك من يتعمّد إحراق الغابات "نتيجة اضطرابات نفسية أو التغطية على سرقات تحدث في الغابات، مثل قطع الحطب والنيل من ثمار الغابات كـ "البندق" و"الزقوقو". ويوضح أن من بين الأسباب التي خلصوا إليها، وهي الأخطر، يتعمد البعض إحراق الغابات لاستغلال المساحات. ولدى إدراكهم عدم فوزهم بالصفقة، يرسلون بعض المنحرفين لحرق المساحة المطلوبة، على أن يتولوا استغلالها بعد سنتين من إحراقها، وهي عادة عمليات مدروسة ومخطط لها تشتّت جهود الإطفاء، خصوصاً في حال إشعال الحرائق في أماكن عدة في وقت واحد، "ما دفعنا إلى تكثيف الحراسة والمراقبة".
ويلفت الطريقي إلى وجوب الحفاظ على الغابات لأنها رئة تونس وثروة الأجيال المقبلة، مؤكداً أن جهود العديد من الأطراف، من دفاع مدني وأمن وحراس غابات، ساهمت في الحد من الحرائق، علماً أنه ما زال هناك العديد من الإشكاليات والصعوبات، إذ يوجد ثلاثة آلاف حارس غابات، بمعدل حارس لكل 13 هكتار، وهو عدد غير كاف لأن الأفضل هو وجود حارس لكل هكتار. بالتالي، هناك حاجة ماسة دائماً لدعم عدد حراس الغابات. ويؤكد أنهم ينتظرون إنشاء ديوان الغابات، الذي من شأنه توحيد المعلومات والجهود للحد من المشاكل والظواهر السلبية التي تشهدها الغابات التونسية.
من جهته، يقول محافظ جندوبة (تضم غابات طبرقة وعين دراهم) محمد صدقي بوعون لـ "العربي الجديد": "خلال هذا الموسم، تمّت السيطرة على ظاهرة حرائق الغابات بالمقارنة مع الموسم الماضي"، مبيّناً أن هناك جهود كثيرة بذلت لتفعيل عمل حراس الغابات وأخذ الاحتياطات من خلال التقصي وتلافي كل ما من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع الحرائق.
ويبين صدقي القيام بـ "عمليات بيضاء" للسيطرة على حرائق الغابات والوقوف على الأسباب التي تكون عادة وراء الحرائق، ووضع الخطط المطلوبة، وتوفير الوسائل اللوجستية والمادية والبشرية لتأمين التدخلات لدى اندلاع الحرائق، ما مكن من الحد من المشكلة خلال 2018.
إلى ذلك، يرى رئيس جمعية "موطني بيئتي" عنتر دخيل أنّ الحل الوحيد لحماية الغابات يكمن في توعية أهالي الغابات وتشجيعهم على الاستقرار وتأمين فرص عمل يقتاتون منها، حتى لا تتحول العلاقة بين الإنسان والغابة إلى عداء. يضيف لـ "العربي الجديد": "غالبية سكان الغابات مهمشون ومقصيون من الدورة الاقتصادية. بالتالي، فقد كثيرون الرغبة في حماية غاباتهم وهجروا بيوتهم بحثاً عن فضاءات أخرى". ويبين أنّه بعيداً عمّا إذا كانت حرائق الغابات بفعل فاعل أو نتيجة عوامل طبيعية، لابد من النهوض بسكان الغابات لأنّهم الأقدر على حمايتها من المشاكل، ووحدهم يعرفون خباياها وأسرارها، وبإمكانهم الدفاع عنها وحمايتها.
وتفيد وزارة الفلاحة بأن تراجع الحرائق وبالتالي المساحات التي تتلف خلال عام 2018، يرتبط بجلسات العمل الاستباقية وجلسات العمل المشتركة بين الإدارة العامة للغابات والأطراف المتدخلة في مقاومة الحرائق والخطة الوطنية لحماية الغابات من الحرائق (2015 ـ 2024) الرامية أساساً إلى دعم الإنذار المبكر والتدخل السريع والعمل على دعم مكونات البنية الأساسية وصيانتها دورياً ودعم الامكانيات المادية والبشرية.
وتشير في بيان إلى صيانة أبراج المراقبة، وتدعيمها بمعدات أولية لمقاومة الحرائق، وصيانة شبكة الأجهزة اللاسلكية والمحمولة والمنقولة، وتنظيم برامج توعية مع الساكنين في الغابات حول الوقاية من الحرائق، وتشجيع الفلاحين على تجنب إشعال النار لحرق بقايا الحصاد.