حرائق الحقول... حرب منظمة لتدمير زراعة العراق

27 مايو 2019
المزارعون أكبر المتضررين من حرق الحقول(حيدر حمداني/ فرانس برس)
+ الخط -
للأسبوع الثاني على التوالي تتواصل حرائق حقول القمح والشعير في العراق، مسجلة خسائر كبيرة قدرت بمئات الملايين من الدنانير وتلف آلاف الهكتارات الزراعية في مناطق صلاح الدين ونينوى وكركوك (شمال) وديالى (شرق) والمثنى والديوانية (جنوب) والأنبار (غرب)، وسط اتهامات متبادلة داخل العراق حول المتسبب فيها.
وأمس الأحد، أعلنت وزارة الزراعة العراقية في بيان وصفه مراقبون بالمتأخر جداً، عن تشكل ما سمته غرفة عمليات مشتركة مع وزارات وجهات عدة لإيقاف مسلسل حرائق بالحقول الزراعية.

وقالت الوزارة في بيان لها، تلقت "العربي الجديد" نسخة منه، إنه "تم تشكيل غرفة عمليات بالتعاون مع وزارات الدفاع والداخلية والحكومات المحلية من أجل الحد من هذه الحرائق"، وبحسب البيان فإن "الوزارة ومنذ اللحظة الأولى للحرائق أرسلت وفوداً للاطلاع على الحوادث".
مسؤول في الحكومة العراقية أقر في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" بأن 90 بالمائة من الخسائر التي ترتبت على عمليات الحرق المتعمدة لحقول القمح والشعر تسببت في أضرار بالغة للفلاحيين، مبينا أن مجلس الوزراء قد يناقش بالجلسة المقبلة منح تعويضات لهم.

وكشف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، عن أن الخسائر باهظة إذا ما أخذ بالاعتبار حجم المحصول وسعره والآليات ومنظومات الري التي دمرت خلال الحرائق والقروض وفوائدها المترتبة على الفلاحين وكذلك الجهد الذي سيبذل لإعادة استصلاح الأرض مرة أخرى.
وعلى الرغم من تبني تنظيم "داعش" عمليات حرق عدة لحقول القمح والشعير في العراق بمناطق عدة من شمالي البلاد، إلا أن قوى سياسية عراقية وأعضاء في مجلس النواب ما يزالون يتهمون أطرافاً محلية أو ربما خارجية، منها المليشيات المسلحة التي تعمل لصالح إيران، من أجل ضمان استمرار استيراد الدقيق الإيراني وضرب الاقتصاد العراقي، وعصابات مأجورة تعمل لصالح سياسيين ومسؤولين للنيل من بعضهم البعض.

واقعياً ما يزال تنظيم "داعش" يسعى بعد أن خسر كافة مناطق نفوذه في سورية والعراق إلى أن يعود إلى الواجهة، عبر استهداف المدنيين ومحاصيلهم، وفي تقريرٍ أوردته صحيفة "النبأ" التابعة للتنظيم، اعترف داعش بوقوفه وراء الحرائق التي نشبت في العراق، وتبناها مفتخراً.
مسؤول من محافظة ديالى قال إن "إعلان تنظيم داعش تبنيه الحرائق لا يعني أن المحافظة خالية من العصابات التي تحمل نفس أفكار داعش التخريبية، لضرب الاقتصاد الوطني، وتحديداً ما يتعلق بالحبوب، خصوصاً أن العراق كان على وشك إعلان الاكتفاء الذاتي من حبوب القمح، وهذا الأمر نفسه وقع حين أعلن الاكتفاء من الأسماك، وقد شهدنا حادثة نفوق الآلاف منها، وكذلك مع الطماطم، وقد أصيب بمرضٍ غريب في البصرة".

وتابع في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "المليشيات المسلحة قد تكون ساهمت مع داعش بتنفيذ الحرائق بطريقة أو بأخرى، وفي نينوى مثلاً حتى، وإن كانت الحرائق تمت بفعل داعش، إلا أن فصائل الحشد الشعبي مسؤولة هي الأخرى، لأنها مسؤولة عن أمن تلك المناطق النائية".
وأوضح المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن "خلايا داعش من الممكن أن نقول إنها في ديالى وصلاح الدين ونينوى، ولكن أن تصل الحرائق إلى النجف وبابل والديوانية، هو أمر غير مقنع، وقد يكون للفاسدين في البلاد دور فيما يحدث".

وفي تصريح صحافي، أشار عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، محمد الكربولي، إلى تورط من وصفهم بأتباع إيران بالموضوع.
وأضاف: "إيران عليها حصار ومنتجاتها الزراعية مكدسة ورئيس الوزراء أعلن عن أن استيراد القمح سيكون خارج الخطة السنوية وهذا يعني أنه سيكون هناك تهريب من إيران إلى العراق ثم يباع للدولة على أنه منتج وطني بسعر 580 ألف دينار للطن الواحد".
وتابع الكربولي: "يحرقون مليوناً ونصف المليون طن ثم يستوردونها أو يهربونها من إيران".
من جهته، قال عضو مجلس النواب عن محافظة نينوى لطيف الورشان، لـ"العربي الجديد" إن "الاضطراب الحاصل في المحافظات التي تعرضت المزارع فيها إلى الاحتراق، يأتي بسبب وجود أخطاء أمنية لدى التشكيلات العسكرية التي تمسك الأراضي هناك، إذ ليس من المعقول أن كل هذه القوات والحشود، لم تكن قادرة على حماية المزارع".

وأوضح أن "داعش تبنى الهجمة الأخيرة على مزارع الحبوب، إلا أن هذا الملف لا يعني أنه انتهى، ونواب نينوى مع نظرائهم بمجلس النواب من المحافظات المتضررة الأخرى، سيبحثون الثغرات الأمنية في المناطق المحررة من التنظيم، ومعالجتها، منعاً لتكرار مثل هذه الحوادث".
وكشف رئيس لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب سلام الشمري، عن خسائر العراق من الحرائق التي استهدفت الحنطة (القمح) في المحافظات، قائلاً إن "هناك أضراراً كبيرة حصلت في مزارع الحنطة بأكثر من ست محافظات، والمجهولون أحرقوا أكثر من 4000 دونم، في نحو 36 موقعا خلال وقت واحد تقريبا".


دلالات
المساهمون