حج الأقباط إلى القدس... تهديدات كنسية لا تمنع التطبيع

24 ابريل 2016
تسمح الكنيسة بالزيارة لحالات استثنائية (Getty)
+ الخط -
غادرت مطار القاهرة الدولي، اعتباراً من الخميس الماضي، أولى الرحلات التابعة لشركتَي طيران "إير سيناء" والخطوط الأردنية، متوجهة إلى تل أبيب، وعلى متنها 305 مصريين مسيحيين، لحضور أسبوع الآلام وعيد القيامة في القدس، مطلع شهر مايو/ أيار المقبل. وتؤكد مصادر في المطار أن 263 مسيحياً مصرياً غادروا على متن طائرة "إير سينا" متوجهين إلى تل أبيب، كما غادر 42 آخرون على متن طائرة خطوط الأردن ومنها إلى تل أبيب. واستمر مطار القاهرة الدولي، يومَي الجمعة وأمس السبت، في تسيير الرحلات لنقل المصريين الراغبين في الحج إلى القدس المحتلة والاحتفال بأعياد القيامة لغاية يوم 28 أبريل/نيسان الحالي.

ورغم التبريرات العديدة التي ساقتها الكنيسة أثناء الزيارة إلى الأراضي المحتلة لبطريرك الكرازة المرقسية، بابا الإسكندرية تواضروس الثاني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتأكيد المؤسسة الكنسية تجريم وتحريم الزيارة إلى القدس على الأقباط، فقد اكتفت الكنيسة الأرثوذكسية بالتصريح أنّ المسافرين سيتعرضون لعقوبات دينية. وحاولت بعض المصادر الإيحاء بأن الزيارة للقدس ليست تطبيعاً بمزاعم أن الطيران المستخدم ليس إسرائيلياً، وأن الإقامة ستكون بدور الكنائس أو فنادق غير إسرائيلية.

في المقابل، أكد المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية القس بولس حليم، أن موقف الكنيسة من رحلات الأقباط إلى القدس ثابت ولم يتغير، برفض الزيارة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الكنيسة تسمح فقط للحالات الكبيرة السن بالسفر إلى القدس لدوافع إنسانية، ولا تعطي تصاريح لغير ذلك.

وأكّد البابا تواضروس الثاني، في وقت سابق، أن الكنيسة تراعي رغبة الحالات الإنسانية من كبار السن في السفر إلى القدس، وكذلك الأقباط حاملي الجنسيات الأجنبية الذين لا تستطيع منعهم من السفر. وعاقبت الكنيسة بالحرمان الكنسي مَن كسر قرار المجمع المقدس وزار القدس، طوال السنوات الماضية، قبل أن تحدث خروقات منذ وفاة البابا شنودة صاحب قرار المنع، وصولاً إلى زيارة البابا تواضروس الثاني في ديسمبر 2015 لتأبين مطران القدس الراحل، الأنبا أبراهام، وهي الزيارة التي أثارت استياءً سياسياً بالأوساط المصرية وانتقادات واسعة.



كما هاجمت أحزاب وشخصيات عامة الزيارة، على اعتبار أنها تطبيع مع إسرائيل، ومسّ بالوطنية المصرية. وفي حينها، وصف حزب الكرامة الزيارة بأنها "تُحدث شرخاً في جدار مقاومة التطبيع". بينما قال حزب النور إن "الزيارة تمسّ الوطنية المصرية جمعاء، مسلمين وأقباطاً، إذ إن الكنيسة والأقباط جزء من النسيج الوطني المصري".

كما أصدر عدد من الشخصيات العامة بيانات تدين هذه الزيارة، منهم، رئيس حزب "مصر القوية" الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الذي وصف الزيارة بأنها "تطبيع مع الاحتلال"، والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي الذي أكد أن زيارة البابا إلى القدس "تُضعف القيمة الوطنيّة للكنيسة"، ونقيب الصحافيّين يحيى قلاش أعلن رفض النقابة للزيارة. وجاء سفر البابا تواضروس الثاني مخالفاً لموقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذي اتخذته بمنع الأقباط من السفر إلى القدس، وممارسة الشعائر الدينية، بدعوى ترؤس جنازة مطران القدس الأنبا أبراهام في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعاً بين الأوساط القبطية.

وبرّرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية سفر البابا تواضروس الثاني إلى القدس في بيان لها تحت عنوان "وطنية الكنيسة المصرية وهوية الوطن والفانتازيا الإعلامية"، رداً على الهجوم عليها، وقال البيان إنّ "الكنيسة المصرية القبطية أثبتت عبر التاريخ وطنيتها". وأكدت الكنيسة في بيانها أن "موقفها من زيارة القدس ثابت لم ولن يتغير، فلا زيارة إلى القدس إلا مع جموع المصريين يداً بيد، وسفر البابا يقتصر على صلاة الجنازة فقط".

ويبلغ عدد الحجاج هذا العام نحو 6 آلاف مصري، سيتم نقلهم عبر 11 رحلة، يومياً لمدة ثلاثة أيام متتالية، بالإضافة إلى 1500 وافدين من أميركا وفرنسا. وتنطلق جميع الرحلات من مطار القاهرة عبر شركة "آير سينا" التي نقلت العام الماضي نحو 4430 حاجاً إلى القدس على متن طائراتها. وتتنافس نحو 26 شركة لتنظيم حج المسيحيين. وقال عضو الجمعية العمومية لغرفة الشركات السياحية، المشرف على الحج للقدس صبري يني، في تصريحات صحافية إن "عدد الأقباط الذين سيؤدون الحج هذا العام سيبلغ نحو 6 آلاف قبطي بزيادة قدرها نحو 10 في المائة عن الأعوام الماضية، وستكون الإقامة بفنادق بيت لحم أو القدس". وأشار إلى أن أسعار الرحلات تتراوح بين 13 و20 ألف جنيه بارتفاع نحو 6 آلاف عن العام الماضي، ويتم الحصول على تصريح الزيارة من وزارة السياحة".

ويبدأ برنامج الحجاج المسيحيين لزيارة المعالم المسيحية في مدينة القدس للاحتفال بعيد القيامة، الأسبوع المقبل، بزيارة عين كارم، وكنيسة يوحنا المعمدان، ثم حقل الرعاة، وبيت لحم لزيارة مغارة الحليب وكنيسة المهد. كما يتضمن برنامج الزيارة الذهاب إلى أريحا (أقدم مدينة في العالم)، حيث الصعود إلى جبل التجربة، وزيارة الكنيسة في أعلى الجبل، ثم زيارة شجرة زكا، ووادي قمران)، ثم الانتقال إلى بحر الشريعة. كما يتضمن البرنامج التوجه إلى جبل الزيتون. تبدأ الزيارة من بيت فاجى ثم كنيسة الصعود وكنيسة أبانا ومشاهدة الكنيسة الروسية ذات التيجان الذهبية، ثم كنيسة الدمعة، والنزول حتى بستان جثسيماني لزيارة كنيسة كل الأمم وبعد ذلك قبر مريم، وغيرها الكثير من الأماكن المقدسة.

المساهمون