حامد الهنداوي... 6 عقود مع الكاميرا

01 يوليو 2020
توقفت مسيرته بعد مرضه عام 2005 (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

 

لا يضيّع المصوّر الفلسطيني، حامد الهنداوي، فرصة الجلوس مع أبنائه أو بعض ضيوفه والحديث لهم عن عشرات الصور التي التقطتها عدسته منذ أن عمل في مهنة التصوير قبل أكثر من ستة عقود. وعلى مدار تلك السنوات الطويلة رصدت الكاميرات التي اقتناها الهنداوي عشرات الصور والأحداث بعضها رياضي وآخر سياسي مرتبط بالقضية الفلسطينية، وبعضها عائلي وثق خلاله الكثير من المناسبات والأعراس الفلسطينية.
اختار الهنداوي مهنة التصوير نتيجة لشغفه الشديد بالرسم حيث كان أحد الطلبة المتميزين في هذه المادة تحديداً طوال فترة دراسته، إذ كان يرسم الشخصيات والتفاصيل بقلمه، قبل أن يختار التصوير كونه وسيلة من وسائل توثيق الأحداث.
ولد "أبو هشام الهنداوي" عام 1939 في قرية بشيت إحدى القرى الفلسطينية المحتلة عام 1948، وانتقل بعدها إلى مدينة خان يونس جنوبي القطاع حيث أكمل دراسته في المراحل الابتدائية والإعدادية وتوقف عند الثانوية. بدأت رحلته مع التصوير بعد زواجه عام 1957، ليقرر بعدها بعامين في 1959 السفر إلى السعودية حيث عمل هناك في مجال التصوير لمدة عامين، رصدت خلاله عدسته الكثير من الصور العامة والخاصة، إذ يحتفظ بعدد قليل من صور تلك الحقبة.
عام 1961 عاد الهنداوي إلى قطاع غزة من جديد ليقرر المضي في مهنة التصوير التي ازداد حبه لها بمرور الوقت باعتبارها جاءت تتويجاً لتعلقه بالرسم، حيث اقتنى طوال مسيرته التي توقفت بعد مرضه عام 2005، أنواعاً عدة من الكاميرات.


ويقول الهنداوي لـ "العربي الجديد" إن مهنة التصوير كانت شغفه وعشقه إلى جانب كونها مصدراً لدخله الذي تمكن خلاله من توفير متطلبات عائلته وإتمام دراسة مجموعة من أبنائه البالغ عددهم 13 ابناً وابنة في المرحلة الجامعية. ويلفت المصور الفلسطيني البالغ من العمر (81 عاماً) إلى أن التصوير في الماضي كان معقداً أكثر من الحاضر خصوصاً في الفترة التي كان يتم بها التصوير بالأبيض والأسود فقط، قبل أن يتطور لاحقاً مع دخول الألوان لعالم التصوير.
وقبيل الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987 وثقت عدسة الهنداوي الكثير من التفاصيل والأحداث خصوصاً الوفود الأجنبية التي كانت تزور شواطئ القطاع، إلى جانب الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين في غزة. وشكل اندلاع الانتفاضة تحديا كبيرا أمام المصور الفلسطيني خصوصاً أنه أضحى ملاحقاً بعد محاولته التقاط صورة لشاب فلسطيني كان يهم برفع العلم الفلسطيني بدلاً من العلم الإسرائيلي على أحد الحواجز التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي. وفي أعقاب هذه المحاولة، أصيب الهنداوي برصاصة في أحد أصابع قدمه اليسرى، فيما بقي ملاحقاً لفترات حاول خلالها التخفي عن أنظار الجنود الذين باتوا يطاردونه لمنعه من توثيق أحداث الانتفاضة وانتهاكاتهم بحق الفلسطينيين.
ولا يخفي الهنداوي أن هذه الواقعة أثرت به كثيراً ودفعته للتراجع نوعاً ما، والاقتصار على التصوير العائلي وبعض المناسبات والأفراح التي كان يتم استدعاؤه للتصوير بها حيث يتذكر جيداً طبيعة الأفراح في حقبة الثمانينيات وبداية التسعينيات. ويشير المصور الفلسطيني إلى أنه طوال فترة عمله في مجال التصوير التي تزيد عن 60 عاماً تمكن من توثيق الأحداث الرياضية ومباريات كرة القدم التي كانت تجمع الفرق الرياضية في مدينة خان يونس إذ يحتفظ بمجموعة من الصور التي توثق تلك المباريات والحضور الجماهيري لها.

وفي أعقاب الانتفاضة الثانية، وتحديداً عام 2001، بدأ نظر الهنداوي يتدهور شيئاً فشيئاً نظراً لعمله الطويل في مجال التصوير ما دفعه لاعتزال المهنة كلياً عام 2005 بعد تعرضه لجلطة أثرت على حركته وقدرته على النطق بشكل سليم.
يحتفظ أبو هشام بالصورة الأخيرة التي التقطتها عدسته وهي لنجله الأصغر في عيد ميلاده الأول، حيث كانت هذه الصورة بمثابة إسدال الستار على مسيرته الطويلة في هذه المهنة التي كان مولعاً بها على مدار سنوات. ويبين الهنداوي أنه ومع مرور كل هذه السنوات على اعتزاله مهنة التصوير إلا أن مجرد النظر في عشرات الصور والألبومات التي التقطها يجعله يبكي كونه أضحى غير قادر على العودة للمهنة من جديد بفعل وضعه الصحي.

 

المساهمون