06 سبتمبر 2022
حالات عن السلطة والرؤساء
على الرغم مما هو معروف عن لذة السلطة وشهوتها الدائمة، كذلك عما هو معهود بالاستبداد وسطوته، إلا أن بعض الحكام العرب يخرجون عن القوانين العامة في هذه وتلك إلى درجة يحار بها المرء كيف يصفهم أو يصنفهم، وخصوصا الذين تتمثل فيهم اللذة والشهوة الدائمة وعنف الاستبداد الذي يلوث أيديهم بالدم، ويجرُّون الويلات على بلادهم، والعالم أيضاً.. وعلى الرغم من ذلك، تراهم متمسكين بسلطتهم، والأغرب من ذلك، بل الأبشع، ترى بعض الأعوان المجرّدين من أية صفة إنسانية أو خلقية يهللون لهم ويطبلون.. ونصير، نحن شعوب هذه المنطقة، مهزلة أمام عالم متحضر غادر هذه النماذج منذ زمن بعيد. وعلى الرغم من أن الحالات الشاذة هذه كثيرة في حياتنا، إلا أنَّ المقالة ستتعرض إلى ثلاث منها فقط.
.. في الوقت الذي يزداد فيه الوضع الاجتماعي السوداني سوءاً، إذ يقود الرئيس السوداني، عمر البشير، بلاده فيما يتسع الفقر، والغلاء، وانقطاع التيار الكهربائي، وندرة رغيف الخبز، ما أدى إلى تدني المستوى الاجتماعي أكثر مما هو عليه أصلاً، فانعكس بؤسُه على أوضاع الأسرة السودانية، ما أوصل عدد حالات الطلاق إلى نسبٍ عاليةٍ تقترب من ثلث عدد حالات الزواج 30%، يترافق ذلك مع تدهور الوضع الاقتصادي العام.. إذ ترتفع معدلات التضخم، فمن 25% في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017، إلى 55.6% في نهاية مارس/ آذار 2018.. ما يعني أن الأسعار ارتفعت بنسبة 121% في الربع الأول من العام. وهذا يشير إلى أنَّ معدل النمو الحقيقي المقدّر رسمياً نحو 4% قد لا يخرج من دائرة الصفر.
في هذا الوقت بالذات، يتقدم 294 نائباً سودانياً، جميعهم من حزب المؤتمر الوطني (الحاكم)، حزب الدولة، بل حزب الرئيس نفسه بحسب ما هو دارج في البلاد العربية، يتقدّم بعريضة إلى رئيس البرلمان، يطالبون فيها بتعديل الدستور، بما يسمح للرئيس البشير بالترشح لولايات مفتوحة، من دون أيِّ تحديد، بدلاً من حصرها بولايتين. (يبلغ عدد أعضاء البرلمان 481 نائباً، ولحزب المؤتمر الوطني الحاكم 325 نائباً). وفوق ذلك، يطلب النواب تعديل مادة ثانية هي المادة 178، لتعطي الحق بعد التعديل، "لرئيس البلاد بعزل الوالي المنتخب، حال عدم الإيفاء بقسم الولاء، أو حدوث خلافات أو فوضى تحتم عزل الوالي". ما يعني تمكين الرئيس البشير أكثر فأكثر.. وكيف لا، وهو الذي نزل إلى الشعب يرقص معه، معبراً عن تواضع وديمقراطية غير مسبوقة. وذلك حين أصدر المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية مذكّرة توقيف بحقه في قضية إقليم دارفور، إذ هو متهم بارتكاب جرائم حرب.. وكان البشير قد أتى إلى الحكم بانقلاب عسكري في 30 يونيو/ حزيران 1989، على حكومة الأحزاب الديمقراطية برئاسة رئيس الوزراء الصادق المهدي، وبإيعاز من الجبهة القومية الإسلامية، ورئيسها حسن الترابي الذي مكّنه البشير من رئاسة مجلس الوزراء، لكنه أقاله بعيد الانقلاب بزمن قصير، ليصبح هو رئيساً للجمهورية ولمجلس الوزراء.
يعدُّ الرئيس السوداني عمر البشير الأطول حكماً من ضمن قائمة الرؤساء السودانيين إذ بلغت فترة حكمه 29 عاماً حتى عام 2018 وبهذا يساوي مدة حكم حافظ الأسد، وقد يتفوق عليه ليصبح الأطول حكماً في الشرق الأوسط من بين الذين حكموا بانقلابات عسكرية. وقد اندلعت، في العام 2013، احتجاجات شعبية ضد نظام حكم البشير، سقط فيها برصاص الأمن ما يزيد على مائتي متظاهر.. وشهد عهده كثيرا من الاعتقالات السياسية والتعذيب وقمع الاحتجاجات الطلابية والعمالية، إضافة إلى ارتفاع مستوى الفقر وانخفاض مستوى دخل الفرد. وكان أن صرح للشعب السوداني بأنه لن يترشح في انتخابات 2015 لكن حزب المؤتمر الوطني (حزبه) قرّر، في العام 2014، فامتثل لديمقراطية الحزب ونجح.. على الرغم من مقاطعة أحزاب المعارضة الرئيسية الانتخابات في المرتين. وكان الاتحاد الأوروبي قد وصفها بأنها "لم ترق للمعايير الدولية".
يعلن البشير اليوم عن نيته في الترشح، مدعوماً بمطالبة المجلس النيابي السوداني، وسط أنباء تتحدث عن التطبيع مع إسرائيل. فقد ذكرت القناة الإسرائيلية العاشرة استناداً إلى مصدر أجنبي مطلع أن مبعوثاً خاصاً عن الخارجية الإسرائيلية عقد اجتماعا سريا مع مسؤولين من الحكومة السودانية، بهدف "تجديد الحوار بين الدولتين"، بينما "تنقل وكالة الأناضول عن قيادي سوداني أن "إسرائيل تحتل دولة عربية مسلمة، وتعتدي على المقدسات الدينية، وتمنع المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية"، لكن ذلك القيادي يضيف: "فإذا ما كفّت إسرائيل عن ممارساتها العدائية تجاه فلسطين، يمكن للسودان تأسيس علاقة معها بعيداً عن التأثيرات الدينية".
الحالة الثانية في هذه المقالة الرئيس السوري بشار الأسد الذي وصل إلى السلطة بتعديل دستوري استغرق دقائق في مجلس الشعب. وقد رفع، منذ استلامه مهامه منتصف العام 2000، شعارات التطوير والتحديث، ومكافحة الفساد التي ظلت أجهزة إعلامه عشر سنوات كاملة تلوكها، من دون الوصول إلى نقطة البدء، على الرغم من كثرة ما قدِّم إليه من تقارير ودراسات وبرامج من دون جدوى، إلى أنْ حدث ما حدث في العام 2011، حيث نزلت جماهير الشعب إلى الشارع، إثر اندلاع ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا، فتقدّم الأسد إلى المحتجين، عبر رسل متنوعة، راغباً في فهم ما يريدونه، وكان هؤلاء واضحين، إذ لم يأتوا إلا على تلبية مضمون شعار التحديث والتطوير الذي يمكن أن يحل مشكلاتهم العالقة، ويحقق، في الوقت ذاته، ما يتصوّرونه عن مستقبل وطنهم الذي لا تزال أراضيه محتلة. وما زادوا عما كان يقال على منابر الدولة، وفي صحفها.. لكن "السيد الرئيس الشاب" لم يجد جواباً مناسباً غير الرصاص الحيِّ. عندئذ رفع المحتجون شعار: "يا الله ارحل يا بشار"، فجاءهم عندئذ ردّ زبانيته الحاسم: "الأسد أو نحرق البلد" متقدّماً بذلك على شعار الأب الذي اكتفى بـ: "إلى الأبد يا حافظ الأسد". وبوشر فعلاً بتدمير البلد، وتهجير أهلها، ووصل عدد القتلى إلى قرابة المليون، وإعاقة نحو 2.8 مليون سوري ما بين طفل وشاب وامرأة. ناهيك بجراح نفسية وذهنية ستظل إلى أمد طويل مفتوحة على المدى. ولا يزال لا يتنازل أمام الشعب قيد أنملة، ويعد نفسه منتصراً، على الرغم من أن أعلام الأجنبي ترفرف في أنحاء البلاد السورية كلها.
أما الحالة الثالثة، ففي الحادي والعشرين من يونيو/ حزيران عام ،2017 أصدر ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز آل سعود أوامر ملكية بتعيين نجله الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد وإعفاء محمد بن نايف من جميع مناصبه. وإلغاء منصب ولي ولي العهد المستحدَث سابقاً، مع احتفاظه بمنصبي نائب رئيس مجلس الوزراء واستمراره وزيراً للدفاع. وقد جاء هذا الأمر الملكي بعد قرابة عامين من تعيين الملك سلمان، في إبريل/ نيسان 2015، ملكاً على العربية السعودية.
ولن تدخل هذه المقالة في تفاصيل ما أحدثه وجود هذا الشكل من التوريث من تأثيراتٍ داخل العائلة المالكة، ولا داخل المملكة ذاتها، إذ إنَّ النظام السائر على وتيرة واحدة نحو مئة عام لابد لأيِّ نظام من أن تزعزع أركانه حادثةٌ ما، قد تكون عرضية.. فما بالك بنظامٍ خارجٍ عن إطار التاريخ كله.. ويأتي هذا الشاب، ليبذر ثروته وليفتت خيط عقده...؟! ما يعني هذه المقالة حادثة قتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في اسطنبول، وما تلاها، فعلى الرغم من بشاعة التخطيط والتنفيذ في المعايير كلها.. وعلى الرغم من إدانة الجريمة عالمياً إدانات إنسانية وسياسية وأخلاقية لما انطوت عليه نفس القاتل (الآمر بالقتل) من خوف وجبن وضعف وحقد وعبودية للسلطة والتسلط، إلا أن هذا القاتل لم يرف له جفن، وقد خرج متحدياً العالم في نوع من البجاحة إلى زياراتٍ يبغي منها تجاوز ما اقترفته يداه، فذهب إلى قمة العشرين، ومعظم الحاضرين كانوا قد دانوا فعلته. وصحيح أن معظمهم لم يأبه له، برز ذلك من خلال الصور في الوقفة الأخيرة، عدا الروسي فلاديمير بوتين، الذي ارتكب ما ارتكب بحق السوريين.. لكن ما يؤسف له أن بعض الرؤساء العرب قد استقبلوه، لعلهم يحظون ببعض ما يسدّ عجزهم، على الرغم من رفض شعوبهم الذي ظهر هنا وهناك على شكل وقفاتٍ احتجاجية، أو مقالات صحافية، وبحسب ما تسمح الأنظمة القمعية.. وإذا كانت المقالة قد أشارت إلى ثلاث حالاتٍ فقط فثمة حالاتٌ ربما أشد مرارةً نجدها في مصر والجزائر وسواهما.
.. في الوقت الذي يزداد فيه الوضع الاجتماعي السوداني سوءاً، إذ يقود الرئيس السوداني، عمر البشير، بلاده فيما يتسع الفقر، والغلاء، وانقطاع التيار الكهربائي، وندرة رغيف الخبز، ما أدى إلى تدني المستوى الاجتماعي أكثر مما هو عليه أصلاً، فانعكس بؤسُه على أوضاع الأسرة السودانية، ما أوصل عدد حالات الطلاق إلى نسبٍ عاليةٍ تقترب من ثلث عدد حالات الزواج 30%، يترافق ذلك مع تدهور الوضع الاقتصادي العام.. إذ ترتفع معدلات التضخم، فمن 25% في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017، إلى 55.6% في نهاية مارس/ آذار 2018.. ما يعني أن الأسعار ارتفعت بنسبة 121% في الربع الأول من العام. وهذا يشير إلى أنَّ معدل النمو الحقيقي المقدّر رسمياً نحو 4% قد لا يخرج من دائرة الصفر.
في هذا الوقت بالذات، يتقدم 294 نائباً سودانياً، جميعهم من حزب المؤتمر الوطني (الحاكم)، حزب الدولة، بل حزب الرئيس نفسه بحسب ما هو دارج في البلاد العربية، يتقدّم بعريضة إلى رئيس البرلمان، يطالبون فيها بتعديل الدستور، بما يسمح للرئيس البشير بالترشح لولايات مفتوحة، من دون أيِّ تحديد، بدلاً من حصرها بولايتين. (يبلغ عدد أعضاء البرلمان 481 نائباً، ولحزب المؤتمر الوطني الحاكم 325 نائباً). وفوق ذلك، يطلب النواب تعديل مادة ثانية هي المادة 178، لتعطي الحق بعد التعديل، "لرئيس البلاد بعزل الوالي المنتخب، حال عدم الإيفاء بقسم الولاء، أو حدوث خلافات أو فوضى تحتم عزل الوالي". ما يعني تمكين الرئيس البشير أكثر فأكثر.. وكيف لا، وهو الذي نزل إلى الشعب يرقص معه، معبراً عن تواضع وديمقراطية غير مسبوقة. وذلك حين أصدر المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية مذكّرة توقيف بحقه في قضية إقليم دارفور، إذ هو متهم بارتكاب جرائم حرب.. وكان البشير قد أتى إلى الحكم بانقلاب عسكري في 30 يونيو/ حزيران 1989، على حكومة الأحزاب الديمقراطية برئاسة رئيس الوزراء الصادق المهدي، وبإيعاز من الجبهة القومية الإسلامية، ورئيسها حسن الترابي الذي مكّنه البشير من رئاسة مجلس الوزراء، لكنه أقاله بعيد الانقلاب بزمن قصير، ليصبح هو رئيساً للجمهورية ولمجلس الوزراء.
يعدُّ الرئيس السوداني عمر البشير الأطول حكماً من ضمن قائمة الرؤساء السودانيين إذ بلغت فترة حكمه 29 عاماً حتى عام 2018 وبهذا يساوي مدة حكم حافظ الأسد، وقد يتفوق عليه ليصبح الأطول حكماً في الشرق الأوسط من بين الذين حكموا بانقلابات عسكرية. وقد اندلعت، في العام 2013، احتجاجات شعبية ضد نظام حكم البشير، سقط فيها برصاص الأمن ما يزيد على مائتي متظاهر.. وشهد عهده كثيرا من الاعتقالات السياسية والتعذيب وقمع الاحتجاجات الطلابية والعمالية، إضافة إلى ارتفاع مستوى الفقر وانخفاض مستوى دخل الفرد. وكان أن صرح للشعب السوداني بأنه لن يترشح في انتخابات 2015 لكن حزب المؤتمر الوطني (حزبه) قرّر، في العام 2014، فامتثل لديمقراطية الحزب ونجح.. على الرغم من مقاطعة أحزاب المعارضة الرئيسية الانتخابات في المرتين. وكان الاتحاد الأوروبي قد وصفها بأنها "لم ترق للمعايير الدولية".
يعلن البشير اليوم عن نيته في الترشح، مدعوماً بمطالبة المجلس النيابي السوداني، وسط أنباء تتحدث عن التطبيع مع إسرائيل. فقد ذكرت القناة الإسرائيلية العاشرة استناداً إلى مصدر أجنبي مطلع أن مبعوثاً خاصاً عن الخارجية الإسرائيلية عقد اجتماعا سريا مع مسؤولين من الحكومة السودانية، بهدف "تجديد الحوار بين الدولتين"، بينما "تنقل وكالة الأناضول عن قيادي سوداني أن "إسرائيل تحتل دولة عربية مسلمة، وتعتدي على المقدسات الدينية، وتمنع المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية"، لكن ذلك القيادي يضيف: "فإذا ما كفّت إسرائيل عن ممارساتها العدائية تجاه فلسطين، يمكن للسودان تأسيس علاقة معها بعيداً عن التأثيرات الدينية".
الحالة الثانية في هذه المقالة الرئيس السوري بشار الأسد الذي وصل إلى السلطة بتعديل دستوري استغرق دقائق في مجلس الشعب. وقد رفع، منذ استلامه مهامه منتصف العام 2000، شعارات التطوير والتحديث، ومكافحة الفساد التي ظلت أجهزة إعلامه عشر سنوات كاملة تلوكها، من دون الوصول إلى نقطة البدء، على الرغم من كثرة ما قدِّم إليه من تقارير ودراسات وبرامج من دون جدوى، إلى أنْ حدث ما حدث في العام 2011، حيث نزلت جماهير الشعب إلى الشارع، إثر اندلاع ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا، فتقدّم الأسد إلى المحتجين، عبر رسل متنوعة، راغباً في فهم ما يريدونه، وكان هؤلاء واضحين، إذ لم يأتوا إلا على تلبية مضمون شعار التحديث والتطوير الذي يمكن أن يحل مشكلاتهم العالقة، ويحقق، في الوقت ذاته، ما يتصوّرونه عن مستقبل وطنهم الذي لا تزال أراضيه محتلة. وما زادوا عما كان يقال على منابر الدولة، وفي صحفها.. لكن "السيد الرئيس الشاب" لم يجد جواباً مناسباً غير الرصاص الحيِّ. عندئذ رفع المحتجون شعار: "يا الله ارحل يا بشار"، فجاءهم عندئذ ردّ زبانيته الحاسم: "الأسد أو نحرق البلد" متقدّماً بذلك على شعار الأب الذي اكتفى بـ: "إلى الأبد يا حافظ الأسد". وبوشر فعلاً بتدمير البلد، وتهجير أهلها، ووصل عدد القتلى إلى قرابة المليون، وإعاقة نحو 2.8 مليون سوري ما بين طفل وشاب وامرأة. ناهيك بجراح نفسية وذهنية ستظل إلى أمد طويل مفتوحة على المدى. ولا يزال لا يتنازل أمام الشعب قيد أنملة، ويعد نفسه منتصراً، على الرغم من أن أعلام الأجنبي ترفرف في أنحاء البلاد السورية كلها.
أما الحالة الثالثة، ففي الحادي والعشرين من يونيو/ حزيران عام ،2017 أصدر ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز آل سعود أوامر ملكية بتعيين نجله الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد وإعفاء محمد بن نايف من جميع مناصبه. وإلغاء منصب ولي ولي العهد المستحدَث سابقاً، مع احتفاظه بمنصبي نائب رئيس مجلس الوزراء واستمراره وزيراً للدفاع. وقد جاء هذا الأمر الملكي بعد قرابة عامين من تعيين الملك سلمان، في إبريل/ نيسان 2015، ملكاً على العربية السعودية.
ولن تدخل هذه المقالة في تفاصيل ما أحدثه وجود هذا الشكل من التوريث من تأثيراتٍ داخل العائلة المالكة، ولا داخل المملكة ذاتها، إذ إنَّ النظام السائر على وتيرة واحدة نحو مئة عام لابد لأيِّ نظام من أن تزعزع أركانه حادثةٌ ما، قد تكون عرضية.. فما بالك بنظامٍ خارجٍ عن إطار التاريخ كله.. ويأتي هذا الشاب، ليبذر ثروته وليفتت خيط عقده...؟! ما يعني هذه المقالة حادثة قتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في اسطنبول، وما تلاها، فعلى الرغم من بشاعة التخطيط والتنفيذ في المعايير كلها.. وعلى الرغم من إدانة الجريمة عالمياً إدانات إنسانية وسياسية وأخلاقية لما انطوت عليه نفس القاتل (الآمر بالقتل) من خوف وجبن وضعف وحقد وعبودية للسلطة والتسلط، إلا أن هذا القاتل لم يرف له جفن، وقد خرج متحدياً العالم في نوع من البجاحة إلى زياراتٍ يبغي منها تجاوز ما اقترفته يداه، فذهب إلى قمة العشرين، ومعظم الحاضرين كانوا قد دانوا فعلته. وصحيح أن معظمهم لم يأبه له، برز ذلك من خلال الصور في الوقفة الأخيرة، عدا الروسي فلاديمير بوتين، الذي ارتكب ما ارتكب بحق السوريين.. لكن ما يؤسف له أن بعض الرؤساء العرب قد استقبلوه، لعلهم يحظون ببعض ما يسدّ عجزهم، على الرغم من رفض شعوبهم الذي ظهر هنا وهناك على شكل وقفاتٍ احتجاجية، أو مقالات صحافية، وبحسب ما تسمح الأنظمة القمعية.. وإذا كانت المقالة قد أشارت إلى ثلاث حالاتٍ فقط فثمة حالاتٌ ربما أشد مرارةً نجدها في مصر والجزائر وسواهما.