بقدمَين حافيتَين، تتقدّم المرأة العراقيّة على تلك الأرض الحارقة. وجهتها لم تحدّدها. كيف تفعل وهي تترك بيتها في الموصل القديمة على عجل، مع اشتداد نار المعارك هناك. حتى بابوجها لم تجد الوقت لتنتعله. في كلّ الأحوال، كان سيعوّق مشيها السريع على ذلك الطريق غير المعبّد.
تحت شمس يوليو/تموز الحارقة، كانت أتربة ذلك الطريق وحجارته تلهب باطن قدمَيها. حرارة الأيام الأولى من هذا الشهر تسجّل درجات غير معتادة. كأنّما الأحوال الجويّة متآمرة كذلك على حافية القدمَين وعلى قومها الذين هجروا بيوتهم وأرضهم، على أمل العودة إليها قريباً بعد التحرير.
لو لم تُحدَّد تفاصيل هذه الصورة، تلك القدمان الحافيتان كانتا لتعودان إلى أيّ امرأة في أيّ منطقة مأزومة في بلداننا العربيّة، أو في أيّ بقعة منكوبة أخرى من العالم. ما أكثر تلك المناطق والبقاع، وما أكثر حافيات القدمَين وحفاة القدمَين الذين يُشرَّدون لسبب أو لآخر.
تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الدفاع العراقيّة أعلنت، أمس الإثنين، تحقيق تقدّم في عملياتها لاستعادة المدينة القديمة غربيّ الموصل (شمال)، في حين تستمرّ المعارك بين القوات العراقيّة وتنظيم "داعش" لتحرير الجزء المتبقّي من الموصل القديمة التي فرض "داعش" سيطرته عليها في صيف عام 2014.