حاسبوا الأسد

21 اغسطس 2015
طالبت الحملة بتقديم التعويض والرعاية لعائلات ضحايا مجزرة الكيماوي(فيسبوك)
+ الخط -
يحاول السوريون ما استطاعوا شدَّ أنظار العالم، لما حصل ويحصل في المدن التي ثارت ضد نظام الأسد، بإمكانياتهم البسيطة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولذا أحيا الناشطون الذكرى الثانية للهجمات الكيماوية على الغوطتين، بعدة حملات ووسوم انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ومنها حملة "اجعلوا سماءنا صافية"، ليوصلوا للعالم أن البراميل المتفجرة التي يرميها النظام يومياً تقتل 7 أضعاف ما يقتله تنظيم داعش أو النصرة مجتمعين.


تقول المسؤولة الإعلامية لمجموعة "كوكب سورية "هانية لـ"العربي الجديد": "أردنا في بادئ الأمر أن نكون قادرين على إيصال الرعب الذي يعيشه السوريون عندما ينظرون إلى السماء وينتظرون لمدة 40 ثانية حتى يسقط البرميل المتفجر في مكان ما. خلال هذه المدة لا يعلمون ما الذي سوف يصيبه. نريد أن يعلم الناس في الغرب كم من الصعب أن تكون مترقباً كل الوقت وقلقاً من الطيران الحربي الذي يحلق في السماء ويرمي البراميل بشكل يومي"، مضيفة: "وبما أنها ذكرى الهجوم الكيماوي فهي فرصة مثالية لتذكير الناس في كل مكان بأن السوريين لديهم مشاعر مختلفة تماماً تجاه السماء عن أي شخص آخر في العالم. بالنسبة للعالم من البديهي ألا ننظر للسماء في كل مرة نسمع فيها صوتاً. لهذه الأسباب رسالة: اجعلوا سماءنا صافية تبدو أفضل طريقة لإطلاق حملة للتوعية بجرائم النظام".

تفاعل السوريون مع فكرة الحملة، واستبدل بعض مستخدمي الموقع الأزرق صورهم الشخصية، ليحل مكانها شعار الحملة أو وجوههم وهم ينظرون للسماء، ترقباً وتضامناً.

كما انتشر وسم اجعلوا سماءنا صافية، مرفقاً بخمس حقائق كان لابد للمجتمع الدولي من معرفتها، في أن عدد ضحايا نظام بشار الأسد يبلغ سبعة أضعاف ضحايا تنظيم داعش الإرهابي، وأنه منذ تم حظرها من قبل منظمة الأمم المتحدة، تم إلقاء خمسة عشر ألف برميل محشوة ببقايا معدنية ومواد شديدة الانفجار من طائرات نظام الأسد على المستشفيات والبيوت والمدارس، وبالتالي فهذه البراميل هي السبب الرئيسي لقتل أعداد كبيرة من المدنيين، وهي بطبيعة الحال تولد رد فعل متطرف.

وأكد ناشطو الحملة أن براميل الأسد المتفجرة هي سبب رئيسي لهروب أعداد من اللاجئين عبر الحدود السورية إلى البلاد المجاورة، ومحاولة أعداد أخرى عبور البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا، لافتين إلى أنه يتم إلقاء العديد من البراميل المتفجرة على مناطق محاصرة، حيث يعيش أكثر من نصف مليون مواطن سوري في ظروف قاسية وشح في الغذاء والماء والدواء منذ عام 2013، ومن ضمن هذه المناطق المحاصرة مناطق الغوطة في ريف دمشق، وهي نفسها التي تم استهدافها بغاز السارين من قبل نظام الأسد في عام 2013.

اقرأ أيضاً: في ذكرى أُمﱢ المجازر

وشدد الناشطون على أن طائرات التحالف الدولي تحلق ضد تنظيم داعش الإرهابي في نفس المجال الجوي الذي تحلق فيه طائرات نظام الأسد لتقصف المدن والقرى السورية بالبراميل المتفجرة.

وتقول هانية "حملتنا موجهة للمجتمع الدولي ومطلبنا هو أنه يجب عليهم أخذ خطوات حقيقية والطلب من قادة العالم بالعمل على إيقاف البراميل المتفجرة، عبر منطقة حظر طيران إذا لزم الأمر على النموذج البوسني". وتضيف عن قرار مجلس الأمن الصادر في 7 آب/أغسطس الجاري بخصوص الغازات السامة أن "بشكل عام فقدنا الإيمان بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ذلك أنها لا تطبق. حظر استخدام البراميل المتفجرة مثلاً، لم يتم تطبيقه أبداً".
 
لم تقتصر الحملة على الفعاليات الالكترونية، بل كانت داعمة للنشاطات على الأرض، وتقول هانية "تهدف الحملة الالكترونية، لتزويد المجموعات بعدد من التصاميم التي يمكن استخدامها ضمن فعالياتهم ولدعوة الناس لحضور هذه الفعاليات، ولمشاركة الصور معنا بعد انتهاء الفعاليات، كما قمنا بإرسال دعوات لأعضاء برلمانات في بريطانيا عما حصل في هذا اليوم من سنتين وتتضمن الرسالة الحقائق الخمس، إلى جانب أن العديد من الناشطين المشاركين في الحملة نظموا وقفات واعتصامات على الأرض في أوروبا، أميركا، والعالم العربي. وقمنا بمشاركتها جميعاً على صفحتنا".
 
يُذكر أن الحملة ترجمت فعالياتها إلى 7 لغات مختلفة، حتى تستطيع الوصول لأكبر عدد من الناس، كما أنها انطلقت من مجموعة Breathless وكوكب سوريا والتي هي شبكة تتألف من أكثر من 100 مجموعة ومنظمة سورية.

اقرأ أيضاً: لا توقظوهم.. فالكيماوي لم ينفد من سورية بعد!

إلى ذلك أطلق ناشطون سوريون حملة "#استنشاق_الكيماوي" على مواقع التواصل الاجتماعي، بمناسبة مرور عامين على المجزرة الأفظع في تاريخ سورية الحديث، والتي راح ضحيتها أكثر من 1507 من أبناء الغوطتين، للحفاظ على الذاكرة السورية ومحاسبة الجناة الذين ما زالوا طلقاء متجاوزين كل قرارات مجلس الأمن التي تحرم استخدام الأسلحة الكيماوية والغازات السامة.

يُشرف على الحملة مجموعة من الناشطين السوريين، منهم حقوقيون وإعلاميون ومعتقلون سابقون، ويقول منسق الحملة، حسان تقي الدين، لـ"العربي الجديد"، إنه "على الرغم من حق السوريين في محاسبة المجرمين وتقديم المسؤولين عن الهجمات بالأسلحة الكيميائية في سورية إلى العدالة، إلا أن القرارات المتعلقة بجريمة استخدام السلاح الكيميائي والصادرة حتى اللحظة عن المجتمع الدولي كاملاً بعيدة كل البعد عن مقتضيات العدالة الدولية وعما توقعه السوريون".

ويضيف: "كان من الأجدى ألا يتجاهل القرار 2235 حقيقة أن المجرمين الحقيقيين هم أولئك المسؤولون في النظام، بما فيهم بشار الأسد، حيث لديهم السلطة الكاملة لإعطاء الأوامر بشن الهجمات، وهم الذين سلّموا لاحقاً جزءاً من سلاح الجريمة إلى "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" تحت ضغوط توقفت بتبني مجلس الأمن للقرار رقم 2118".

طالبت الحملة بتقديم التعويض والرعاية والحماية لعائلات ضحايا مجزرة الكيماوي، وتحمل مجلس الأمن مسؤولياته كاملة تجاه تنفيذ القرار 2209 القاضي بأن غاز الكلور سلاح كيميائي، وأن استخدامه عسكرياً انتهاك للقانون الدولي وخرق للقرار 2118، إلى جانب رفع الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري وجرائم ضد الإنسانية، وفي مقدمتهم رأس النظام، بشار الأسد.


وأكد الناشطون من خلال الحملة على أن "أية محاولة لتمرير جريمة الأسد الكيماوية على حساب السوريين ليست خرقاً فقط للقواعد والأعراف الدولية وقوانين حقوق الإنسان، بل ستفتح الباب على مصراعيه لعالم تحكمه شريعة الإجرام وتُرتكب فيه جرائم الحرب والإبادة بالأسلحة المحرمة دون أن يحاسب المجرمون على نتائج أفعالهم".


اقرأ أيضاً: #دوما_تباد مجدداً.. خيمة عزاء للسوريين


وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور المجزرة تذكيراً بها. كما تناقلوا تعليقات أكّدت أنّهم لم ينسوا ما حدث. ونشروا صور الأطفال الذين ذهبوا ضحيّة الإجرام، لافتين إلى أن على المجتمع الدولي أن يفهم بأن دماء الشعب السوري ليست ورقة تفاوض وليست وسيلة لتصفية حسابات وإبرام صفقات. فالسوريون مستمرون بثورتهم حتى تحقيق النصر ومحاسبة المجرمين.


المساهمون