وقد امتدحت وسائل الإعلام الإسرائيلي نجاح أمن السلطة في تفكيك عدد من العبوات الجانبية التي تم زرعها، أواخر الأسبوع الماضي، على طرق يسلكها جيش الاحتلال شمال مدينة طولكرم، وتحديداً في محيط بلدتي علار وعتيل.
وقد أشارت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية، إلى أن "النجاحات" التي حققتها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة حالت دون استنساخ الفلسطينيين أنماط العمل التي كان يعتمدها "حزب الله" أثناء فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، مبرزة أن العبوات الجانبية التي كان يزرعها الحزب أفضت إلى مقتل عدد كبير من جنود الاحتلال.
وفي السياق، كشفت صحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر اليوم الأحد، النقاب عن أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حذّرت دوائر صنع القرار السياسي في تل أبيب من التداعيات الخطيرة لأي قرار يتخذه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية أو تقليصها.
وحسب الصحيفة، فقد أوضح قادة الجيش والأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، للمستوى السياسي، أن تقليص المساعدات الأميركية أو وقفها سيفضي إلى "تهديد قدرة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية على مواصلة التعاون أمنيا مع إسرائيل".
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن قادة الجيش والاستخبارات في تل أبيب يرون في التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية "مركبا مهما في الاستراتيجية الهادفة إلى منع تنفيذ عمليات ضد الأهداف الإسرائيلية"، مشيرا إلى أن "الهدوء النسبي الذي تشهده الضفة الغربية حاليا يعود بشكل أساس إلى التعاون الأمني".
وحذّر المصدر من أن جولة جديدة من القتال قد تندلع بين إسرائيل وغزة، بسبب قرار ترامب تقليص المساعدات المالية المخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مضيفا أن "وقف المساعدات الأميركية يزيد من خطر انفجار الأوضاع الاجتماعية والأمنية بشكل سيفضي إلى تهيئة الظروف أمام اندلاع مواجهة جديدة".
يُذكر أن ترامب هدد، على هامش مشاركته في مؤتمر "دافوس" الاقتصادي، السلطة الفلسطينية بقطع المساعدات المالية الأميركية عنها في حال لم تعد إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل على أساس المواقف الأميركية الأخيرة، وعلى رأسها إخراج قضية القدس من إطار التداول.
وفي السياق ذاته، قال الجنرال عاموس جلعاد، الذي تولى منصب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، إن غياب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن مشهد الأحداث، سيُفضي حتما إلى "المسّ بالتعاون الأمني القائم بين إسرائيل والسلطة".
وفي مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان" الليلة الماضية، نوّه جلعاد، الذي سبق أن تولى أيضا منصب قائد لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية، إلى أنه "لولا إيمان عباس بضرورة تواصل التعاون الأمني، لما استفادت إسرائيل من عوائد التعاون الأمني مع أجهزة السلطة"، مبرزا أن "الهدوء الأمني في الضفة الغربية يعود بشكل أساس إلى مواقف عباس".
ورسم جلعاد صورة قاتمة للواقع الأمني في الضفة الغربية وإسرائيل في أعقاب غياب عباس، وتوقّع أن يتم تقاسم المواقع القيادية التي يشغلها حاليا، وهي قيادة منظمة التحرير، ورئاسة حركة "فتح"، ورئاسة السلطة، بين ثلاث شخصيات.
وحسب جلعاد، فإن التنافس بين "الشخصيات/ المهمات الثلاث" سيدفع عباس إلى تبنّي مواقف "شعبوية"، في سعي لاسترضاء الجمهور الفلسطيني، مما سيقود إلى توقف التعاون الأمني.
وأقر المسؤول الأمني الإسرائيلي بأن ما سيقلص المناورة أمام أية قيادة فلسطينية جديدة في كل ما يتعلق بتواصل التعاون الأمني حقيقة، أن القيادة الإسرائيلية غير مستعدة لتوفير أفق سياسي لحل الصراع.
وأوضح أن انفجار الأوضاع في الضفة، بسبب توقّف التعاون الأمني، لن يضرّ فقط بالأمن الإسرائيلي، بل إنه سيقلص من قدرة تل أبيب على الاستفادة من تعاون الدول العربية في المواجهة ضد إيران، محذرا من أنه "سيكون من الصعب جدا على الدول العربية التعاون بشكل موسع مع إسرائيل، على خلفية انفجار الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة".