جون بولتون والكتاب الذي لا يريدك ترامب أن تقرأه

18 يونيو 2020
بولتون أثناء عمله إلى جانب ترامب (أليكس وونغ/Getty)
+ الخط -
تشهد علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع مستشاره السابق للأمن القومي، جون بولتون، تدهوراً متزايداً، على خلفية نية الأخير نشر كتابٍ يتوقع أن يؤثر سلباً على ترامب ويظهر صورة قاتمة عن الرئيس الجمهوري وطريقة حكمه، وهو ما حدا بالرئيس إلى رفع دعوى قضائية لمنع صدور الكتاب في 23 يونيو/حزيران الحالي. ويتوقّع مراقبون أن يتضمّن كتاب بولتون معلومات حساسة حول أسلوب إدارة الرئيس الأميركي للبلاد. وتروّج دار نشر "سايمن وشوستر" للكتاب بعبارة "هذا هو الكتاب الذي لا يريدك دونالد ترامب أن تقرأه". ويوثّق بولتون في كتابه ما يعتبرها مخالفات تستدعي الإقالة ارتكبها ترامب وتتعدى الضغوط التي مارسها على أوكرانيا للتحقيق بشأن منافسه الديمقراطي جو بايدن، وأدّت إلى اتهامه من قبل الديمقراطيين ومحاكمته في الكونغرس مطلع العام الحالي.

والدعوى التي رُفعت أمام محكمة فيدرالية في واشنطن تطلب منع نشر الكتاب، بدعوى أنّ بولتون لم يحز على الموافقة على النصّ بأكمله، ما من شأنه أن يؤدي إلى "انتهاك واضح للاتفاقات التي وقّع عليها كشرط لتوظيفه ولاطّلاعه على معلومات سرية للغاية". ومن المقرّر أن ينشر كتاب بولتون بعنوان "المكان الذي حدث فيه ذلك: مذكرات البيت الأبيض".

وتعتبر إدارة ترامب أنّ بولتون خرق القواعد الأساسية للسريّة برفضه انتظار موافقة مجلس الأمن القومي على النص، وهدد الرئيس الأميركي بأن مستشاره السابق للأمن القومي قد يواجه "مشكلة جنائية" إذا لم يوقف نشر الكتاب، مضيفاً للصحافيين يوم الإثنين أن بولتون "سينتهك القانون" لأن المحادثات مع الرئيس "سرية للغاية".

ووفقاً لملف الدعوى، فإنّ مجلس الأمن القومي وجد "كمّاً كبيراً من المعلومات المصنّفة سريّة طلب من المدّعى عليه حذفها"، لكنّ الأخير "استاء على ما يبدو من وتيرة مراجعة مجلس الأمن القومي" للنصّ. كما ورد في الملف أنّ المدّعى عليه "من دون أن يعطي أي إشعار لمجلس الأمن، بحسب ما كشفته تقارير صحافية، يعتزم ودار النشر إصدار الكتاب في 23 يونيو، من دون إنجاز عملية المراجعة التي تسبق النشر". وتابع الملف: "ببساطة، إن المدّعى عليه أبرم اتفاقاً مع الولايات المتحدة كشرط لتوليه أحد أكثر المناصب حساسية وأهمية في مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الأميركية، ويريد الآن التملّص من هذا الاتفاق".

وشغل بولتون السياسي المثير للجدل ذو النهج المتشدّد منصب مستشار الأمن القومي لترامب بين 9 إبريل/نيسان 2018 و10 سبتمبر/أيلول الماضي، قبل أن يستقيل بعد خلافات مع الرئيس، خصوصاً حول كوريا الشمالية وحركة "طالبان" في أفغانستان. وبعد الاستقالة، تحوّلت العلاقة بين ترامب وبولتون إلى عداوة علنية.

وباشرت دار النشر "سايمن وشوستر" حملتها الدعائية، بالإشارة إلى حديث بولتون: "أشعر بأنني تحت ضغط كبير يتمثل في ضرورة ذكر قرار واحد مهم اتخذه ترامب خلال فترة عملي لم يكن مدفوعاً بحسابات إعادة انتخابه". وأوضحت دار النشر أن بولتون يوثق في الكتاب مخالفات ارتكبها ترامب تتعدى الضغوط التي مارسها على أوكرانيا للتحقيق مع منافسه الديمقراطي جو بايدن، وأدت إلى اتهامه من قبل الديمقراطيين ومحاكمته في الكونغرس. وأضافت أن بولتون "يقول إن مجلس النواب ارتكب أخطاء في ممارسة إجراءات العزل عبر حصر الاتهام بشكل ضيق بأوكرانيا، بينما كانت تجاوزات ترامب الشبيهة بما فعله مع أوكرانيا موجودة على نطاق سياسته الخارجية بالكامل". وتطرّق بولتون في مذكراته إلى أن "عملية اتخاذ القرار من قبل ترامب غير متجانسة ومشتتة". يحيي الكتاب التساؤلات عن سبب امتناع بولتون عن الإدلاء بإفادته خلال محاكمة ترامب، إن كان يعتقد أن الرئيس ارتكب كل هذه التجاوزات الخطيرة، واختياره كتاباً وبيعه بدلاً من ذلك.

في السياق، اعتبر النائب الديمقراطي تيد ليو، الذي عمل بقوة من أجل محاكمة ترامب، في تغريدة على "تويتر"، أن "جون بولتون هو نموذج الموظف الحكومي المدعي الذي لم يكتفِ بتغليب الحفلات على البلاد، بل وضع أرباحه الخاصة قبل البلاد. رجل خسيس". من جهته، دعا والتر شوب المدير السابق لمكتب أخلاقيات الحكومة، وسبق له أن اصطدم مع إدارة ترامب، إلى مقاطعة كتاب بولتون، معتبراً أن شراءه "يعني دعم متقاعس خان بلاده برفضه أداء واجب الإدلاء بشهادة أمام الكونغرس".

وبولتون الذي يتبنى نهجاً متشدداً حيال روسيا، عارض تجميد البيت الأبيض مساعدات عسكرية بقيمة 400 مليون دولار مخصصة لأوكرانيا في وقتٍ كانت قواتها تحارب الانفصاليين المدعومين من موسكو. واتهم معسكر ترامب في جلسات خاصة باتباع سياسة "مهربي مخدرات". وكان ترامب مارس ضغوطاً، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ليفتح تحقيقاً يستهدف نجل جو بايدن الذي يعمل في شركة للغاز في البلاد. وكان الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، قد تجاوز الكونغرس لتعيين بولتون سفيراً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، بين عامي 2005 و2006. وبولتون محامٍ درس في جامعة يال ودافع بشدة عن غزو العراق (2003) كأحد صقور المحافظين الجدد، خلال الحملة التي سبقت الحرب، وكان يدفع باتجاه قصف إيران وكوريا الشمالية. ولم يكن اختياره مستشاراً للأمن القومي يبدو مناسباً لتركيز ترامب على السياسة الداخلية، لكن تعليقاته على قناة "فوكس نيوز" جذبت الرئيس. ومنذ مغادرته البيت الأبيض، امتنع بولتون عن الإدلاء بتصريحات علنية، لكن تسريبات من كتابه عكرت سير محاكمة ترامب. وقال تشاك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الذي برأ ترامب في نهاية المطاف، إن شهادة بولتون كان يمكن أن تساعد في إقناع الجمهوريين المترددين بعزل الرئيس.

وعدا بولتون، فإن ماري ترامب، ابنة شقيق ترامب، تستعدّ لإصدار كتاب مذكرات حول عائلتها التي "صنعت الرجل الأخطر في العالم" (دونالد ترامب) في 28 يوليو/تموز المقبل، قبل أسابيع من "المؤتمر الوطني الجمهوري" الذي يقبل فيه عمها ترشيح الحزب لخوض سباق إعادة انتخابه للرئاسة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني. والكتاب من إصدار دار النشر نفسها التي ستنشر كتاب بولتون، بعنوان "كثير جداً ولا يكفي إطلاقاً: هكذا صنعت عائلتي الرجل الأخطر في العالم". وبدأت تفاصيل جديدة بالظهور في المواقع الإخبارية حول الكتاب الذي ستشرح فيه ماري ترامب "كيفية تحول عمها إلى الرجل الذي يهدّد صحة العالم وأمنه الاقتصادي ونسيجه الاجتماعي"، وفقاً لدار النشر. وستسلط مؤلفة الكتاب الضوء على "كابوس من الصدمات والعلاقات المدمرة والمزيج المأساوي من الإهمال وسوء المعاملة" الذي يفسر البيئة الداخلية لـ"إحدى أقوى العائلات وأشدها اختلالاً".

(العربي الجديد، فرانس برس)

المساهمون