قام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي بجولة خليجية، خلال الأسبوع الحالي، إلى دول الإمارات والكويت والبحرين، سبقها لقاء مع الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في الرياض. وجاءت الجولة الخليجية في ظل توقف الدعم المقدم للسيسي خلال الفترة الماضية، في حين يحاول جذب استثمارات عربية لمصر لإنقاذه قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، بحسب مصادر قريبة من دوائر اتخاذ القرار. وعاود السيسي سيناريو مغازلة دول الخليج مجدداً، مع التأكيد على عدم سماح مصر بالمساس بالأشقاء في الخليج، وأن الأمن القومي لدول الخليج جزء من الأمن القومي لمصر، وهي رسالة اعتاد السيسي على تكرارها في مناسبات عدة. ويحاول السيسي إنقاذ نظامه مع تزايد حالة السخط والغضب الشعبي على سياساته، التي أسفرت عن تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، فضلاً عن فرض مزيد من الرسوم والضرائب، والاتجاه إلى الخصخصة، ما يزيد من الأعباء على المواطنين.
وقالت مصادر قريبة من دوائر اتخاذ القرار، إن جولة السيسي الخارجية ارتبطت بالأساس بمحاولة طلب الدعم الخليجي، بعد توقفه خلال الفترة الماضية. وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن السيسي يدرك تماماً صعوبة تقديم دول الخليج منحاً وودائع خلال الفترة الحالية، لأسباب عدة، ليس لصعوبة الأوضاع لديها فقط، ولكن لوجود ضغوط داخلية حول أسباب توجيه المليارات إلى مصر. وتابعت "إن الرئيس المصري يرغب من دول الخليج توجيه استثماراتها إلى مصر بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع الانتهاء من قانون الاستثمار وإنشاء شبكة طرق وتذليل كل العقبات أمام المستثمرين". ولفتت المصادر إلى وجود صعوبة في جذب استثمارات أجنبية في ظل توتر الأوضاع الداخلية، لكن السيسي ذهب لطلب دعم الأشقاء. وأكدت أن السيسي يأمل في الحصول على الدعم في صورة استثمارات لضمان الاستمرار في الحكم، بما يحقق مصالح دول الخليج لناحية وقوف مصر بجوارها في أي أزمة، خصوصاً التمدد الإيراني.
وألمحت إلى تطرُّق السيسي، خلال الزيارات، إلى طلب وساطة بين مصر والسودان، بعد توتر الأوضاع بينهما، خلال الأشهر القليلة الماضية، بما يقوّض من فرص مصر للحفاظ على أمنها المائي، بعد تقارب سوداني إثيوبي خلال الفترة الماضية، بتوقيع اتفاق تكامل شامل. وقالت المصادر، إن دول الخليج لها كلمة لدى السودان بموجب العلاقات القوية وفي ظل وجود استثمارات كبيرة هناك، بما يسمح بدور الوساطة. وأوضحت أن العلاقات المصرية السودانية وطيدة، لكن تم تعكيرها بفعل فاعل، وهو ما يستوجب حلحلة الموقف منعاً لتضرر مصر بشكل كبير، وتحديداً في ملف سد النهضة. وتابعت، إن التوتر مع السودان يحتاج إلى حنكة في التعامل وليس التصعيد، خصوصاً في ظل عدم تحقيق زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري إلى الخرطوم النتائج المرجوة.
من جهته، قال خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن جولة السيسي الخليجية لا ترتبط بمستجدات على الساحة العربية، وبالتالي فهي زيارة خاصة بناء على طلبه. وأضاف الخبير، لـ"العربي الجديد"، إن الجولة الخليجية تأتي في إطار العلاقات القوية بين السيسي ودول الخليج، واتساعها لتشمل دولاً عدة، تؤكد وجود طلب خاص من النظام المصري لها. وأوضح أن السيسي يسعى لجذب استثمارات عربية خلال الفترة الحالية، من خلال الترويج لمسألة الخطوات الجادة في سبيل تعزيز مناخ الاستثمار في مصر. ولفت إلى أن السيسي يحتاج إلى دعم دول الخليج خلال الفترة الحالية قبل انتخابات الرئاسة العام المقبل، إذ إن الظروف السيئة للاقتصاد والأوضاع المعيشية المتردية تقلقه بشدة. وأوضح أن الوضع الحالي مختلف تماماً عن سياق انتخابات الرئاسة في 2014، إذ إن هالة كانت تحيط به وقتها، وهو خاض الانتخابات منفرداً، ولم يكن هناك حالة غضب عليه، مثل التي يواجهها الآن.
وقال القيادي في التيار الديمقراطي، السفير معصوم مرزوق، إن جولة السيسي الخارجية عبارة عن محاولة لإنقاذه من الأزمات التي تلاحقه عبر أموال الخليج. وأضاف مرزوق، في تصريحات خاصة، إن النظام الحالي فشل على مختلف الصعد، وفي ملف الدعم الخليجي لا أحد يعلم أين تلك الأموال التي دخلت مصر، وأوجه إنفاقها حتى الآن؟ وأشار إلى أن الأموال التي دخلت مصر في صورة ودائع، ومنح بعضها يرد والآخر لا يرد، كانت كفيلة بإنعاش الاقتصاد، حتى على المستوى القصير، إذا ما تم توجيهها إلى مشروعات تخدم المواطنين وتوفر فرص عمل للشباب، لكن الوضع وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من السوء. ولفت إلى أن الغضب الشعبي تجاه السيسي يتزايد في ظل عدم قدرته على تخفيف الأعباء عن المواطنين، وعلى العكس يزيدها من خلال نظام "الجباية" ومشروعات وهمية.