جوع وحرّ بين نازحي اليمن في رمضان

13 يونيو 2018
رمضان اليمن (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يكن شهر رمضان مصدر فرح بالنسبة لعدد كبير من العائلات اليمنية. وزاد الوضع سوءاً بالنسبة للنازحين، بحسب أم ابتسام الماربي، وهي نازحة في مخيم ذناه في محافظة مأرب (شرق). تقول لـ "العربي الجديد": "نزحنا من مناطق المواجهات إلى هنا، وفقدنا كل سبل العيش. ما من طعم أو لون لشهر رمضان، وبات مجرّد ذكريات جميلة"، مشيرة إلى أنها وأطفالها يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات سواء في الأيام العادية أو في شهر رمضان. تضيف الماربي أنها تعيش في غرفة مبنية من القش والأخشاب (عشّة) في منطقة باردة شتاء وحارة صيفاً. "خلال رمضان، كان الحرّ شديداً، وكان الصوم صعباً في هذه الأجواء".

تشهد منطقة صرواح معارك منذ أكثر من سنتين، ما دفع عدداً كبيراً من أهالي القرى الواقعة في محيط المواجهات للنزوح إلى مناطق مختلفة. وإن ازدادت الأعباء والمسؤوليات على النازح إلى إحدى الخيام في منطقة الوازعية، محمد عبد الكريم، إلا أنه يؤمن بأن رمضان "شهر الخير"، إذ يحصل النازحون على مساعدات في هذا الشهر أكثر من أي وقت آخر. يقول لـ "العربي الجديد": "ليس لدينا أي مصدر للدخل. ولأننا نعتمد كلياً على ما يقدم لنا من مساعدات، أعتبر رمضان شهر خير لنا، وأفرح لأننا حصلنا على مساعدات أكثر بالمقارنة مع الأيام العادية".



وعن الطقوس والعادات الرمضانية، يقول عبد الكريم: "غابت تماماً ولم يعد لها وجود. الحرب قضت على كل شيء جميل". اليوم، يعيش في خيمة بعيداً عن المدينة، حيث لا مسجد ولا عائلة أو جيران. يشير إلى أنّه وأفراد أسرته قضوا غالبيّة ساعات نهار رمضان نائمين هرباً من درجة الحرارة العالية والعطش. "كنا نستقبل شهر رمضان بفرحة غامرة، ونمارس الشعائر الدينية ونقضي يومنا بين قراءة القرآن والصلاة في الجامع والعودة إلى المنزل لتناول الإفطار مع العائلة. بعدها نذهب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، ثم نعود للسهر مع الأقرباء والأصدقاء، ونتبادل المواعظ الدينية أو نتابع بعض المسلسلات الكوميدية". ويوضح أن "الأطفال النازحين بشكل عام محرومون من تلك الفرحة التي عشناها. فعند قدوم رمضان، كنا نحتفي في الشوارع بالأهازيج الشعبية ونحرق إطارات السيارات فرحاً".

أمّا أمل العريقي، فتقول إن النزوح حرمها من ممارسة الشعائر الرمضانية التي عادة ما تواظب عليها اليمنيات قبل وأثناء شهر رمضان. تقول لـ "العربي الجديد": "لم أعد أفعل شيئاً في المكان الذي نزحت إليه. بالكاد أستطيع إعداد ما تيسر من طعام يومياً، بعدما كنت أتفنن في شهر رمضان في إعداد المأكولات والحلويات المختلفة، لأن الرجال كانوا يوفرون كل متطلباتنا". وتشير إلى أن النساء كنّ يستعددن لشهر رمضان من خلال تنظيف المنزل بشكل كامل، وكتابة قوائم بما يحتجن إليه من أغذية وغيرها، وترتيب لقاءات مع الصديقات للذكْر أو لمتابعة مسلسلات رمضان. تضيف: "اشتقت لمطبخي والضجة التي تحدث قبل الإفطار، وصوت القارئ اليمني محمد حسين عامر، الذي تبثه الإذاعة قبيل أذان المغرب".

إلى ذلك، يؤكّد رئيس الوحدة التنفيذية للنازحين في اليمن، نجيب السعدي، أن معاناة النازحين في عدد من المناطق اليمنية تتفاقم لأنهم محرومون من خدمات كثيرة، خصوصاً الغذاء والتيار الكهربائي، الذي يساهم في التخفيف من معاناة النازحين في المناطق الحارة.

وعلى الرغم من المعاناة من جرّاء الصيام، يرى السعدي أن بعض الأسر لم يتغير عليها شيء باستثناء توقفها عن شرب المياه خلال النهار، إذ أنّها تأكل وجبة واحدة في اليوم لعدم توفّر الغذاء. ويقول لـ "العربي الجديد" إن مشكلة النزوح والتهجير القسري في اليمن بدأت تحديداً في عام 2004، عندما اندلعت أولى المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية وجماعة أنصار الله الحوثيين في صعدة. ويشير إلى أن عدد النازحين ما بين سبتمبر/ أيلول عام 2014 حتى اليوم، بلغ خمسة ملايين وخمسمائة ألف نازح ومهجر داخلياً وخارجياً. "لا يمكن اعتبار الفارين إلى خارج اليمن لاجئين لأنهم لم يحصلوا في هذه الدول على حق اللجوء. لهذا، هم في حكم النازحين والمهجرين".



وبحسب السعدي، فإن أكثر من ثلاثة ملايين ومائة ألف نازح ومهجر قسرياً ما زالوا حتى اليوم نازحين ومشردين. ويتركز النازحون في أربع محافظات، هي مأرب، عدن، تعز، وحجة. ويبلغ عدد النازحين في هذه المحافظات نحو مليون وثمانمائة ألف، تتصدرها مأرب بـ 561 ألف نازح، ثم عدن بـ 476 ألف نازح، وتعز بـ 427 ألف نازح، وحجة بـ 416 ألف نازح.

وعن المساعدات التي تقدّم للنازحين، يؤكد المسؤول الحكومي أن جهود المنظمات لا تفي بـ 60 في المائة من احتياجات النازحين، علماً أنّ غالبية النازحين ذابوا في مجتمعات مضيفة، ما يجعل المنظمات عاجزة عن إحصائهم ومتابعتهم". وهذا يُضاعف أزمة النازحين، وغالبيتهم من النساء والأطفال، ويشكّلون ما نسبته 78 في المائة.
تجدر الإشارة إلى أن وتيرة النزوح والتهجير القسري زادت عقب المواجهات التي شهدتها صنعاء في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، بنسبة 28 في المائة، بحسب تصريح حكومي.