واجهت جورجيا عقبات في طريق تعافي اقتصادها المنهك جراء النزاعات الانفصالية في "أبخازيا" و"أوسيتيا الجنوبية"، ومقاومة بعض الفصائل الفاسدة للتدابير الإصلاحية، والأزمة المالية التي عصفت بقارة آسيا عام 1997. رغم ذلك، تمكنت الحكومة تحت قيادة الرئيس السابق "شفرنادزه"، الذي بقي في منصبه في الفترة 1995-2003، من إحراز بعض التقدم بشأن إصلاحات السوق الأساسية، فحرّرت الأسعار ومعظم أشكال التجارة، وأنشأت عملة وطنية مستقرة، وقامت بتقليص حجم الحكومة على نطاق واسع.
إضافة إلى ذلك، تمكنت جورجيا في أواخر التسعينيات من خصخصة أكثر من 11 ألف شركة صغيرة، وحوالى ألفين من الشركات المتوسطة والكبيرة الحجم، وذلك بفضل قانون خصخصة عصري سعى إلى خفض عدد الشركات التي تسيطر عليها الدولة. تدريجياً، تحول تركيز الدولة من مرحلة تلقي المساعدات الدولية إلى وضع البرامج التقنية وبناء المؤسسات، حيث استكملت تدريب أعداد كبيرة من البرلمانيين، ومسؤولي إنفاذ القانون، ومستشارين اقتصاديين.
اقرأ أيضا: ماضي جنوب أفريقيا ومستقبلها
ورغم الضرر الشديد الذي عانى منه الاقتصاد الجورجي بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في تسعينات القرن الماضي، تمكنت جورجيا، بمساعدة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة منذ عام 2000. فقد نما الناتج المحلي الإجمالي بشكل لافت، مدفوعاً بمكاسب في قطاعي الصناعة والخدمات، في حدود 9% إلى 12٪ في الفترة بين 2005 و2007، وتم كبح جماح التضخم بفعل سياسة نقدية مستقرة، ما كان له الدور في اختيار جورجيا كأفضل بلد إصلاحي في العالم من قبل البنك الدولي في عامي 2006 و2008.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كان الاقتصاد الجورجي واحداً من أسرع اقتصادات دول الاتحاد السوفييتي السابق نمواً. فمنذ الثورة الوردية عام 2003، نفذت الحكومة الجورجية الجديدة إصلاحات واسعة وشاملة لامست كل جانب من جوانب الحياة، مستندة بذلك على تنمية القطاع الخاص، وتحرير الاقتصاد، وإنشاء بيئة عمل جاذبة للاستثمار. في الواقع، كان لتدفق الاستثمار الأجنبي عامل دافع وراء النمو الاقتصادي السريع منذ عام 2003، حيث أسهمت البيئة الاستثمارية الليبرالية ونهج المساواة بين المستثمرين المحليين والأجانب في جعل البلاد وجهة جذابة للاستثمار الأجنبي المباشر. علاوة على ذلك، كان لهذه الإصلاحات دور بارز في جعل الاقتصاد الجورجي أكثر تنوعاً واستقراراً حيث أظهر اتجاهاً تصاعدياً في نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل متوسط بلغ 9.5٪ خلال الفترة 2004-2007.
اقرأ أيضا: دعائم الاقتصاد البرازيلي
ونتيجة لسياسات الإصلاح وتحرير الاقتصاد، تُظهر جورجيا مرونة استثنائية في مواجهة الصدمات الخارجية، مثل حربها مع روسيا في عام 2008 والأزمة المالية العالمية، حيث نما الاقتصاد بنسبة 2.7% خلال نفس العام. وبعد تسجيله تباطؤاً طفيفاً في عام 2009، أظهر الاقتصاد تعافياً سريعاً مع نمو الناتج المحلي الإجمالي 6.7٪ في عام 2010، و7% في عام 2011. وفي عام 2014، تمكنت الحكومة من الحفاظ على الاستقرار المالي بفضل الدعم الذي قدمته المؤسسات الدولية وتحويلات العاملين في الخارج، ما أسهم في تغطية العجز في الحساب الجاري على المدى المتوسط.
ولم تقتصر تلك الإصلاحات على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتدت لتشمل عدداً من الإصلاحات المؤسسية العميقة التي هدفت إلى تحديث الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال، ما كان له الدور في خلق قطاع عام أكثر فعالية وشفافية ساهم، بدوره، في حماية مبادئ الديمقراطية.
وفي هذا الصدد، نجحت جورجيا في محاربة الفساد، الذي كان يشكل واحدة من العقبات الرئيسية في طريق تحقيق التنمية المنشودة، فاحتلت المرتبة الأولى، وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية، من حيث مكافحة الفساد من بين دول الاتحاد السوفييتي السابق، والمرتبة الـ 50 عالمياً في مؤشر "مدركات الفساد" لعام 2014، بعد أن كانت تقبع في المرتبة الـ 113 في عام 2004.
اقرأ أيضا: لوكسمبورغ قلب أوروبا النابض
وعلى صعيد الإصلاحات الضريبية، تتمتع جورجيا بنظام ضريبي يعتبر الأكثر ليبرالية في أوروبا، حيث خفّضت عدد الضرائب من 21 إلى 6 فقط، وتم، أيضاً، خفض معدلات الضرائب. إضافة إلى ذلك، تم تنفيذ إصلاحات إجرائية ومؤسسية هامة، من بينها تأسيس نظام مبسط لحل المنازعات الضريبية، ونظام انسيابي لإدارة الضرائب حيث أصبحت معظم الضرائب تُدفع إلكترونياً من خلال هذا النظام.
(خبير اقتصادي أردني)
إضافة إلى ذلك، تمكنت جورجيا في أواخر التسعينيات من خصخصة أكثر من 11 ألف شركة صغيرة، وحوالى ألفين من الشركات المتوسطة والكبيرة الحجم، وذلك بفضل قانون خصخصة عصري سعى إلى خفض عدد الشركات التي تسيطر عليها الدولة. تدريجياً، تحول تركيز الدولة من مرحلة تلقي المساعدات الدولية إلى وضع البرامج التقنية وبناء المؤسسات، حيث استكملت تدريب أعداد كبيرة من البرلمانيين، ومسؤولي إنفاذ القانون، ومستشارين اقتصاديين.
اقرأ أيضا: ماضي جنوب أفريقيا ومستقبلها
ورغم الضرر الشديد الذي عانى منه الاقتصاد الجورجي بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في تسعينات القرن الماضي، تمكنت جورجيا، بمساعدة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة منذ عام 2000. فقد نما الناتج المحلي الإجمالي بشكل لافت، مدفوعاً بمكاسب في قطاعي الصناعة والخدمات، في حدود 9% إلى 12٪ في الفترة بين 2005 و2007، وتم كبح جماح التضخم بفعل سياسة نقدية مستقرة، ما كان له الدور في اختيار جورجيا كأفضل بلد إصلاحي في العالم من قبل البنك الدولي في عامي 2006 و2008.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كان الاقتصاد الجورجي واحداً من أسرع اقتصادات دول الاتحاد السوفييتي السابق نمواً. فمنذ الثورة الوردية عام 2003، نفذت الحكومة الجورجية الجديدة إصلاحات واسعة وشاملة لامست كل جانب من جوانب الحياة، مستندة بذلك على تنمية القطاع الخاص، وتحرير الاقتصاد، وإنشاء بيئة عمل جاذبة للاستثمار. في الواقع، كان لتدفق الاستثمار الأجنبي عامل دافع وراء النمو الاقتصادي السريع منذ عام 2003، حيث أسهمت البيئة الاستثمارية الليبرالية ونهج المساواة بين المستثمرين المحليين والأجانب في جعل البلاد وجهة جذابة للاستثمار الأجنبي المباشر. علاوة على ذلك، كان لهذه الإصلاحات دور بارز في جعل الاقتصاد الجورجي أكثر تنوعاً واستقراراً حيث أظهر اتجاهاً تصاعدياً في نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل متوسط بلغ 9.5٪ خلال الفترة 2004-2007.
اقرأ أيضا: دعائم الاقتصاد البرازيلي
ونتيجة لسياسات الإصلاح وتحرير الاقتصاد، تُظهر جورجيا مرونة استثنائية في مواجهة الصدمات الخارجية، مثل حربها مع روسيا في عام 2008 والأزمة المالية العالمية، حيث نما الاقتصاد بنسبة 2.7% خلال نفس العام. وبعد تسجيله تباطؤاً طفيفاً في عام 2009، أظهر الاقتصاد تعافياً سريعاً مع نمو الناتج المحلي الإجمالي 6.7٪ في عام 2010، و7% في عام 2011. وفي عام 2014، تمكنت الحكومة من الحفاظ على الاستقرار المالي بفضل الدعم الذي قدمته المؤسسات الدولية وتحويلات العاملين في الخارج، ما أسهم في تغطية العجز في الحساب الجاري على المدى المتوسط.
ولم تقتصر تلك الإصلاحات على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتدت لتشمل عدداً من الإصلاحات المؤسسية العميقة التي هدفت إلى تحديث الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال، ما كان له الدور في خلق قطاع عام أكثر فعالية وشفافية ساهم، بدوره، في حماية مبادئ الديمقراطية.
وفي هذا الصدد، نجحت جورجيا في محاربة الفساد، الذي كان يشكل واحدة من العقبات الرئيسية في طريق تحقيق التنمية المنشودة، فاحتلت المرتبة الأولى، وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية، من حيث مكافحة الفساد من بين دول الاتحاد السوفييتي السابق، والمرتبة الـ 50 عالمياً في مؤشر "مدركات الفساد" لعام 2014، بعد أن كانت تقبع في المرتبة الـ 113 في عام 2004.
اقرأ أيضا: لوكسمبورغ قلب أوروبا النابض
وعلى صعيد الإصلاحات الضريبية، تتمتع جورجيا بنظام ضريبي يعتبر الأكثر ليبرالية في أوروبا، حيث خفّضت عدد الضرائب من 21 إلى 6 فقط، وتم، أيضاً، خفض معدلات الضرائب. إضافة إلى ذلك، تم تنفيذ إصلاحات إجرائية ومؤسسية هامة، من بينها تأسيس نظام مبسط لحل المنازعات الضريبية، ونظام انسيابي لإدارة الضرائب حيث أصبحت معظم الضرائب تُدفع إلكترونياً من خلال هذا النظام.
(خبير اقتصادي أردني)