جهاز مصري رسمي متحمّس لحملة الجزيرتين...ونقل السيادة مؤجل

13 يناير 2017
مصريون يتظاهرون ضد تسليم الجزيرتين إلى السعودية (الأناضول)
+ الخط -
كشف مصدر مصري سياسي بارز في حملة الدفاع عن الأرض، التي شكلها عدد من الأحزاب والقوى السياسية والشبابية الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تنازلت القاهرة بمقتضاها عن السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للرياض، أنهم تلقوا إشارات من أحد أجهزة الدولة السيادية بالتصعيد والتمسك برفض تسليم الجزيرتين إلى المملكة. وكشف المصدر أن هذا الجهاز أوفد نائباً برلمانياً محسوباً عليه إلى اجتماع سابق للحملة، تم عقده في مقر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، برسائل واضحة، مفادها أن هناك غضباً داخل أجهزة في الدولة من الاتفاق، داعياً إلى تصعيد الفعاليات الرافضة للاتفاقية والتنازل عن الجزيرتين. وأوضح المصدر أن فريق الدفاع، في القضية المنظورة أمام القضاء بشأن الجزيرتين، تلقى مستندات وخرائط جديدة عن طريق وسطاء لجهاز سيادي في الدولة، تؤكد مصرية الجزيرتين، وترد على المستندات والوثائق التي تقدمها الحكومة لتؤكد بها سعودية تيران وصنافير. وأوضح المصدر أن التحركات التي يقوم بها أحد أجهزة الدولة الرافض للاتفاقية، امتدت إلى البرلمان، مؤكداً أن هناك تحركات يقوم بها عدد من النواب المحسوبين على هذا الجهاز لمواجهة الاتفاقية تحت قبة البرلمان، وتحريض النواب على رفضها عند عرضها على المجلس.

وكان المحامي والناشط، خالد علي، أكد، في ندوة نظمها حزب "مصر القوية"، الثلاثاء الماضي، تحت عنوان "تيران وصنافير مصرية"، أن الاستمرار في الاتفاقية يمثل طعناً في شرف العسكرية المصرية، لافتاً إلى أن معظم الحروب التي كانت بين مصر وإسرائيل كانت تيران وصنافير سبباً أساسياً فيها، وتنازل القاهرة عن الجزيرتين يؤكد أن الجيش المصري لم يكن على حق وقتها، وأنه كان جيش احتلال لهاتين الجزيرتين. وقال قيادي في الحملة إن هناك صعوبة لدى قيادات الجيش الكبار في إقناع صغار الضباط بسعودية الجزيرتين، وتنازل مصر عنهما لصالح المملكة. وأوضح أن النظام الحالي، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أراد كسب وقت بإحالة الاتفاقية إلى البرلمان، لإبداء حسن النوايا للسعودية، بأنه يتخذ كافة الخطوات الواجبة عليه من أجل المضي قدماً في تنفيذ الاتفاقية الموقّعة بين الجانبين في إبريل/ نيسان العام الماضي. وأشار القيادي في الحملة إلى أن النظام الحالي يسعى إلى تكثيف الحملة الإعلامية للتمهيد للتنازل عن الجزيرتين قبل تناول البرلمان للاتفاقية، ليكون الشارع أكثر تقبلاً للقرار وقتها.


ويقول مصدر في وزارة الخارجية المصرية إن "جهازاً سيادياً" رفع تقريراً لتقدير الموقف الشعبي من سياسات النظام في ملف تيران وصنافير، وأن من ضمن مقترحات هذا الجهاز، للعبور من نفق الأزمة الحالية ورفع شعبية السيسي، أن يتم تأجيل تنفيذ التنازل عن الجزيرتين للسعودية، على اعتبار أن الأوضاع الأمنية والعسكرية في المنطقة، خصوصاً في سيناء، ليست مستقرة، وكسب مزيد من الوقت في إيضاح الأسانيد الرسمية المصرية للتنازل عن الجزيرتين أمام الرأي العام. ويضيف المصدر الدبلوماسي أن تنفيذ هذا المقترح يقتضي بطبيعة الحال أمرين أساسيين، الأول هو تصفية جميع الخلافات السياسية الأخرى مع السعودية، والوصول معها إلى وضع تفاوضي متكافئ يمكن معه طلب تأجيل نقل ملكية الجزيرتين، مع تقديم تنازلات أخرى لها، مثل البدء في تنفيذ جسر الملك سلمان الذي تعتبره السعودية نقلة نوعية في استراتيجيتها، ومساندتها إقليمياً في الملفين السوري واليمني، وهو أمر أصبح صعباً بسبب المواقف المصرية المتقاربة من روسيا ونظام بشار الأسد وإيران والحوثيين، والتي جاء آخرها إبرام عقد استيراد جديد للبترول مع الحكومة العراقية، بمباركة إيرانية. أما الأمر الثاني فهو عقد جولة جديدة من الاجتماعات والمفاوضات والمخاطبات حول الترتيبات الأمنية في المنطقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، لأن الدولتين تعتبران بشكل رسمي أن مصر تنازلت عن الجزيرتين، خصوصاً بعدما أبلغت القاهرة حكومة بنيامين نتنياهو رسمياً بجديتها في تسليمهما للسعودية، وموافقة نتنياهو الخطية على ذلك، وهو ما كشفته "العربي الجديد" الثلاثاء الماضي.

ويرى المصدر أن إعادة التفاوض حول الترتيبات الأمنية، أو تأجيل التسليم لن يؤدي فقط إلى ضجر سعودي، بل قد يثير اعتراضات لدى واشنطن وتل أبيب، نظراً لإقرارهما الترتيبات المتعلقة بنشر قواتهما وقوات حفظ السلام الدولية في المنطقة، وسيخلّف هذا الأمر انطباعاً سلبياً عن السيسي كقائد يمكن الاعتماد عليه. ويوضح المصدر أن الغضب يسيطر على أروقة بعض الوزارات التي تعاملت مع ملف قضية تيران وصنافير منذ بدء مرحلة نظرها أمام القضاء وحتى إحالتها إلى مجلس النواب، نظراً لما تصفه المصادر بـ"حالة التردد التي يتسم بها الموقف الرسمي المصري، وعدم حسم السيسي للمسألة وتركها عرضة لتغير المزاج السياسي بين القاهرة والرياض". ويؤكد أن من الوزارات التي يشعر قادتها بالغضب وزارة الدفاع، بسبب الأقاويل المنتشرة عن اعتراض الوزير صدقي صبحي، وبعض قيادات المجلس العسكري، على نقل تبعية الجزيرتين، وتهرب صبحي من التوقيع على الاتفاقية، وذلك على الرغم من أنه ليس معنياً بذلك، ولا يحق له دستورياً ولا قانونياً التوقيع على اتفاقية لترسيم الحدود. ويضيف المصدر أن "القيادات العسكرية التي شاركت في صياغة ملف إحالة الاتفاقية إلى مجلس النواب، وبعضها حضر اجتماعات السيسي مع الصحافيين في إبريل/ نيسان الماضي لتبرير التنازل عن الجزيرتين، تعتبر أن التراخي في حسم إقرار الاتفاقية هو السبب في انتشار هذه الشائعات". ويشير إلى أن "هناك قيادات بالفعل في الجيش ومؤسسات سيادية أخرى تتظاهر بالقبول بالاتفاقية، وهي في الحقيقة رافضة لها من منطلق وطني أو لأهداف سياسية، كإحراج السيسي، وتساعد بصورة سرية النشطاء في مجال الدفاع عن مصرية الجزيرتين".

المساهمون