جنينة يكشف للرأي العام فساد مسؤولين وقضاة

18 فبراير 2014
+ الخط -

 

عقد الجهاز المركزي للمحاسبات المصري برئاسة المستشار هشام جنينة، مؤتمراً صحافياً في إحدى القاعات بالدور الأول من مقر الجهاز، بمدينة نصر، "شرق القاهرة" للإعلان عما انتهت إليه تقارير الجهات الرقابية حول عدة مخالفات في عدد من مؤسسات الدولة المختلفة، وبعض الأجهزة الحكومية المتورطة في قضايا الاستيلاء على المال العام.

وأكد المستشار هشام جنينة، أن هناك تقارير طالت كبار المسؤولين الحاليين والسابقين في الدولة بالاستيلاء على المال العام، وتم تقديمها إلى الجهات الرقابية، وتم حفظ التحقيقات من هذه الجهات، دون أن تعلن هذه الجهات عن أسباب حفظها.

وطالب "جنينة" جهات التحقيق بأن تعلن أسباب التحفظ على الرأي العام، موضحاً أن الشفافية غائبة بشكل كبير.

وكشف رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، خلال المؤتمر الصحافي، أن الجهاز تقدم منذ عام 2011 وحتى الآن بـ 428 بلاغاً للنيابة العامة خاصة بإهدار المال العام، منها 265 بلاغاً لم يرد للجهاز بأرقامهم أو ما تم فيها، وتم حفظ 28 بلاغاً وإدانة 9 بلاغات.

فيما أشار إلى أنهم تقدموا بعدد 420 بلاغاً للنيابة الإدارية منها 32 قضية قيد التحقيق، وإجمالي البلاغات التي قدمت للكسب غير المشرع 65 بلاغاً وتم فتح التحقيق في 19 بلاغاً فقط.

 

وكشف جنينة عن عدد المستشارين المنتدبين في عدد من المؤسسات الحكومية التي يشرف الجهاز على رقابتها، وعددهم 3306 مستشارين، حيث إنه في قطاع السياحة والفنادق الطرق والكباري والغزل والنسيج والمفارق والمقاولات المؤسسات العلاجية والنقل البحري والجوي، فإنها تحمل ميزانيته الجهاز مبلغ وقدره 515 مليوناً، منهم 119 مليون جنيه و972 ألفا، و296 للهيئات القضائية فقط، مشيراً إلى أن الفحص أثبت أن أكثر الهيئات التي تنتدب أعضاء من الهيئات القضائية هم قضاة مجلس الدولة، حيث تقاضوا مبلغاً وقدره 75 مليوناً و972 ألفاً و369 جنيهاً.

مكآفات بلا حساب

 

وأضاف "جنينة" أن الجهاز قدّر حجم المكافآت التي صرفها لمستشاري الهيئات القضائية الأخرى، بمبلغ قدره 43 مليوناً و999 ألفاً و900 جنيه، وتم صرف مكافآت لمستشارين من الجامعات قدره 12 مليوناً و737 ألفاً و343 جنيهاً، وتم صرف 14 مليوناً و304 آلاف لمستشاري البنوك.

كما تقاضى المستشارون المتقاعدون بعد سن الـ60 والذين عينوا بعد التقاعد مكافآت قدرت بـ100 مليون و928 ألفاً و300 جنيه، وتعاقدات مع مؤسسات أخرى قدرت بـ 239 مليوناً و334 ألفاً و322 جنيهاً.

 

وكشف عن موازنة الرئاسة خلال السنة الماضية، فترة رئاسة الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية المعزول من قبل الجيش في 3 يوليو 2013، والتي قدرت بـ 303 ملايين جنيه، مشيراً إلى أن دور مجلس النواب متوقف وذلك لعدم وجوده خلال هذه الفترة الحالية، وأن البديل والنافذ له سيكون من خلال المنابر الإعلامية.

وقال "جنينة": إن حجم المخالفات في مؤسسة الرئاسة هذا العام طبيعي مقارنة بما كان يحدث من قبل، وإنه لا يوجد فساد مالي كما نشر في تقرير وسائل الإعلام بالمليارات، والمخالفات تتمثل في التعيينات، ومن الطبيعي وجودها عقب ثورة 25 يناير، ورغم ذلك تم التقدم ببلاغات بشأنها.

 

فساد الأراضي

وأضاف قائلاً "كما أن هناك أيضاً مخالفات في تخصيص الأراضي في مدينة الشيخ زايد بالمخالفة للقانون وقد تجاوزت قيمتها 4 مليارات جنيه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قيام أحد وزراء الداخلية السابقون، بإلغاء قرار التخصيص الصادر له من الوزير الأسبق لقطعة أرض كبيرة كانت مخصصة كمدرسة وهي منطقة غير سكنية، وتم إعادة التخصيص لهذا الوزير إلى أرض سكنية".

كما كشف جنينة عن ملفات فساد داخل الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر، حيث قال "إن مسألة العقارات بالمدن الجديدة شابها الفساد، وطالب الأجهزة الرقابية المعنية بكشف الخلل في توزيع الأراضي، وأن منطقة الحزام الأخضر أراضٍ خارج الحيز العمراني، تقرب مساحته 35 ألف فدان، وقد تعرض عضو الجهاز الذي كشف الواقعة إلى عملية ابتزاز واضحة من قبل النيابة".

وأضاف قائلا "أنا لا أقبل أن يوجّه تهديد لعضو بلجنة رقابية في الجهاز المركزي للمحاسبات لاكتشافه قضايا فساد، فبدلا من أن تحميها الدولة، إذا بالمؤسسات الرقابية هي التي تخضع لعمليات إرهاب وتنكيل بها، وأناشد رئيس الجمهورية حماية الأجهزة الرقابية".

 

كذلك كشف عن مخالفات شابت أعمال "طرح النهر"، والتي تتعلق بردم أجزاء من نهر النيل وتحويلها إلى فنادق عائمة وفنادق سياحية ومناطق سكنية، وقد أظهر التقرير أنها أهدرت أموالا على مستوى الجمهورية قدرت بـ 18 مليار جنيه موزعة على مستوى الجمهورية.

وأضاف أن المفاجأة تتمثل في أن الجهات المسؤولة عن مساءلة من يخرق القانون هي من يخرق القانون سواء أمنية أو قضائية، فإذا هي من تعتدي عليها بالردم، وقال جنينة "نحن نعلم أن مصر تعاني من فقر مائي وشح مائي، ورغم ذلك تجري عمليات ردم، من قبل جهات يفترض أنها هي المسؤولة عن حمايتها، فإذا هي التي تقوم بعمليات الهدم ومنها جهات سيادية، فهي جهات فوق القانون"!

 

وقال "لقد أرسلت إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والنيابة العامة، هذه التقارير، لحماية المجرى النهري الذي نعيش منه، فإذا ما سد هذا الشريان، فستكون هناك كارثة في مصر".

 

مخالفات البترول

 

وقال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات: إن الحديث أن مصر وصلت إلى حد الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وتصدّر للخارج، هو أكذوبة وأمر غير حقيقي ولا يستند إلى أي تقارير أو إحصائيات صحيحة، بخلاف ما يشوب قطاع البترول من مخالفات.

حيث قال: "وجدنا مخالفات في توزيع المنتجات البترولية، والدعم لا يصل إلى مستحقيه، كما أن هناك شركات أنشئت بغرض الاستخراج والتنقيب وعيّن بها أشخاص، فتجد أن هذه الشركة منذ إنشائها وهي خاسرة، ولا تزال مستمرة، وبالتالي يتبادر إلى الذهن سؤال، ما المبرر أو الضرورة التي منذ نشأتها وحتى الآن تحقق خسائر، فهل التعيينات في قطاع البترول طغت على المصلحة العامة للدولة، وهل هي تغطي وقائع فساد أخرى، وهل هي مدخل لغسل الأموال، وقد قدمنا قائمة أمام النيابة العامة الآن".

 

وأكد هشام جنينة أنه أرسل توصيات إلى رئيس الجمهورية، خاصة بملف الملاحة والنقل البحري في مصر، عقب تكرار حوادث العبّارات الغارقة، ورصد مخالفات عديدة في هذه العبارات والخاصة بالمجرى الملاحي بين مصر والسعودية تحديداً.

وتمثلت هذه التوصيات في مخاطبة وزير النقل لوضع حد أقصى للعمل للعبارات، للمحافظة على خدمة أفضل للركاب، والحفاظ على سلامتهم، والعمل على توحيد عدد الركاب، من خلال التباحث بين الجانب المصري من ناحية والجانب السعودي والأردني من ناحية أخرى.

وشدد "جنينة" في التوصية على ضرورة منع أي تراخيص جديدة لعبارات جديدة في المجرى الملاحي بين مصر والسعودية وذلك للوصول إلى حد الأمان الاقتصادي، مشيراً إلى  أنه إذا كان هناك إضافة، فإنها تكون عن طريق الاستبدال فقط، بنظام "الإحلال والتجديد".

 

وأضاف في التوصية ضرورة إلزام الهيئة المصرية لسلامة الملاحة المصرية، الاحتفاظ بجميع المستندات الدالة على حياة العبارات منذ بنائها وحتى الآن وما أدخل عليها من تعديلات، وذلك لضمان توفير الأمان اللازم للمواطنين وتحديد المسؤولية الجنائية، في حالة حدوث أي أزمة.

وحث رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات خلال توصيته لرئيس الجمهورية، أن يخاطب الأخير وزير النقل المصري لتدعيم خط الملاحة "نويبع" بين مصر والسعودية، بعبّارة مصرية أو اثنتين للاستفادة الاقتصادية للجانب المصري من وراء ذلك.

التنصت  على جنينة

 

وقال جنينة "إن الأجهزة الأمنية تقوم بالتسجيل لي، ولغيري وهو أمر في غاية الخطورة، حيث قامت برصد لقاء جمع بيني وبين المستشار محمود مكي، والمستشار هشام رءوف".

وأضاف "أن المستشار محمود مكي نجله يعمل مستشاراً في القاهرة، ووالده ووالدته يقومان بزيارته من وقت لآخر، وقد قمت باستغلال فرصة تواجده في القاهرة، وتم التنسيق بيني وبينه وبين المستشار هشام رءوف لنتقابل واخترت مكانا عاما وهو فندق في الطريق الدائري، وهو مكان عام معلوم للكافة، وتم ترتيب لقاء بيننا نحن الثلاثة".

وذكر "معنى أن يتم رصد المكان من قبل الأجهزة الأمنية، ويتم تصويره وتسريبه إلى بعض وسائل الإعلام وبعض الصحافيين المخترقين من قبل أجهزة أمنية، فيعني أنه تم تسجيل المكالمة، وأن كافة التسجيلات لي مسجلة، وهو أمر لا يقتصر عليّ فقط، بل على العديد من الشخصيات الأخرى، وهو أمر في غاية الخطورة".

وأضاف: "إن ذلك يعدّ انتهاكاً للحياة الخاصة، وهو أمر في منتهى الخطورة، ولا يتماشى مع الدستور الحالي، فالحكومة سقطت في أول اختبار حقيقي لها، فما فائدة نص دستوري إذا لم يتم تطبيقه، وما حصل يعني أن ما جاء في الدستور هو حبر على ورق، لا قيمة له من قبل الأجهزة الأمنية، ومن ثم يجب تشكيل لجنة لفتح تحقيق محايد وشفاف بشأن قضية اختراق الحياة الخاصة للمواطنين دون إذن قضائي مسبب، فهو أضر بمصداقية الدولة في مبدأ الحريات".

 

وزير العدل

 

كذلك استنكر جنينة محاولة استصدار وزير العدل المستشار عادل عبد الحميد تشريعاً ينص على تقنين مخالفات البناء، مشيراً إلى أن هذا القانون يعني أن كل من خالف قانون البناء يجوز التصالح فيه، وهو أمر منتقد، وخاصة في فترة حرجة، بحاجة إلى مواجهة أنظمة الفساد.

وقال إن عرضه للمخالفات الذي رصدها الجهاز خلال العام في مؤتمر صحافي أمر قانوني، وذلك تطبيقاً للدستور الجديد الذي حرص على إعلان هذه المخالفات على الرأي العام، ولاتفاقية أنظمة الرقابة الدولية التي وقعت عليها مصر، موضحاً أن الإعلام هو الواجهة الوحيدة والمنبر الوحيد الذي يجعلنا نتصل بالإعلام في ظل غياب دور البرلمان.

 

وأضاف "جنينة" في رده على تساؤلات الإعلاميين على هامش المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم، قائلاً: "أنا لست إخوانياً ولم أنتمِ يوماً لهذه الجماعة، وكوني توليت رئاسة الجهاز ليس اتهاماً، فالمشير عبد الفتاح السيسي عيّن وزيراً للدفاع في عهد الدكتور محمد مرسي، وأيضاً عدد من الوزراء الموجودين بالحكومة الحالية".

وقال إنه أحيل إلى محكمة الجنايات في قضيتين؛ الأولى تتعلق بنادي القضاة، والثانية بوزير العدل، ومازحح الحاضرين في المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم قائلا "القضية الثالثة في الطريق".

وأضاف "جنينة" قائلاً: "أنا علمت بقرار إحالتي إلى الجنايات من وسائل الإعلام، ولم يصلني حتى اليوم أي خطاب رسمي بإعلامي بأي قضية أو بموعد الجلسة أو أمر قرار الإحالة للمحاكمة".

 

وذكر أنه ضد استخدام القضاء لتصفية صراعات وخلافات سياسية، وقال: "أنا أخشى أن يتعرض القضاء لما تعرضت له الشرطة في ثورة 25 يناير من محنة كبرى ضربت الجهاز، وذلك بعد أن يفقد الشعب الثقة بها، بعد إقحامها في صراعات سياسية".

المساهمون