شهدت أسعار الطماطم (البندورة) في سورية أخيراً، قفزات متسارعة بفعل قلة العرض المرتبط باستمرار التصدير والتهريب، ما دفع حكومة نظام بشار الأسد إلى عقد اجتماعات خاصة لتوفير هذه السلعة الاستراتيجية.
وقفزت أسعار الطماطم في دمشق خلال الأيام القليلة الماضية، إلى 600 ليرة (1.13 دولارا) للكيلوغرام، بزيادة تقترب من الضِعف عن مستويات أبريل/نيسان.
وكشفت مجموعة من المراسلات بين وزارات التجارة الداخلية وحماية المستهلك والاقتصاد والتجارة الخارجية والزراعة، ما يحدث في السوق بخصوص الطماطم التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، ويبدو أن الموضوع مرتبط بسياسة حكومية، وليس فقط التهريب كما كان يصرّح بعض المسؤولين خلال الفترة السابقة.
وجاء في كتاب وجهه وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي، لكل من وزارة الاقتصاد والزراعة، أنه "في إطار متابعتنا لواقع الأسواق لوحظ ارتفاع مفاجئ في أسعار مادة البندورة، وبناء عليه تم عقد اجتماع في وزارتنا ضم المديرين المعنيين في الوزارة وممثلين عن تجار سوق الهال (أحد أسواق دمشق) والذين يعملون باستيراد وتصدير الخضر والفواكه".
وبحسب المراسلات التي نشرت وسائل إعلامية سورية بعض تفاصيلها، فإنه مع زيادة الكميات المصدرة من هذه المادة، ارتفعت الأسعار نتيجة قلة العرض في السوق ووجود الطلب الزائد عليها من المواطنين، علماً أن حاجة سوق الهال بدمشق نحو 350 طناً يومياً كحد أدنى، لا يتم توريد إلا ما يقرب من مئة طن منها يومياً.
واقترح المجتمعون بحكومة الأسد وقف تصدير الطماطم فوراً حتى إشعار آخر، لتحقيق التوازن السعري.
كما وجّه وزير التجارة الداخلية بحكومة الأسد قبل أيام، كتاباً إلى إدارة الجمارك العامة، قال فيه إنه لوحظ من خلال الجولات المنفذة من دوريات حماية المستهلك ارتفاع ملحوظ في أسعار الطماطم على الرغم من الإنتاج الوفير في كل من محافظتي اللاذقية وطرطوس، وتبين لدى مراقبة الأسواق أن الأسباب تعود لتهريب كميات كبيرة من هذه المادة إلى البلدان المجاورة.
ويتساءل المحلل الاقتصادي السوري، صلاح يوسف، "هل كان تصدير البندورة لدول الخليج والعراق، مفاجئاً لوزير التجارة الذي وافق بنفسه سابقا على تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية، رغم قلة عرضها بالسوق السورية وارتفاع سعره"؟
ويشير الاقتصادي يوسف من اسطنبول لـ "العربي الجديد" إلى اختلاف الطماطم عن غيرها من المنتجات، ما يجعل سعرها الكبير موضع تساؤل، فهي لا تحتمل التخزين كما البطاطا، بل قد تتعرض للتلف في حالة الاحتكار من المزارعين أو بائعي الجملة.
وأضاف أنه طالما إنتاج سورية هذا الموسم لم يتراجع كثيراً عن سابقه، فهذا يؤكد أن التصدير والتهريب اللذيّن تشرف عليهما حكومة الأسد، هما سببا ارتفاع الأسعار.
ويرى مراقبون، أن ثمة عوامل مهمة أثرت في إنتاج سورية من الطماطم، منها خروج بعض المساحات الزراعية عن الإنتاج بسبب الحرب، وخاصة محافظة درعا (جنوب)، التي كانت تنتج خلال موسم الصيف قرابة 52% من إنتاج سورية، فضلاً عن زيادة تكاليف الإنتاج الزراعي، خاصة بعد رفع أسعار المحروقات.
ويعتقد المهندس الزراعي جميل حسن من محافظة ادلب، أن سعر الطماطم داخل سورية تصدر قائمة الأعلى عالمياً، وذلك ليس حسب السعر الذي يساوي أقل من دولار ونصف الدولار، بل حسب دخل السوريين الذي لا يزيد عن 70 دولارا شهرياً.
وأضاف حسن لـ "العربي الجديد"، أنه رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج، إلا أن تكلفة سعر كيلو غرام الطماطم على المزارع لا تزيد عن 150 ليرة، لكن التصدير والتهريب وارتفاع تكاليف النقل بين المحافظات، رفع الأسعار.
وحول أسعار الطماطم بمحافظة ادلب المحررة، أكد حسن أنها سجلت ارتفاعات متتالية، خاصة بعد تراجع التوريد من تركيا وإغلاق الحدود بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة الأسد، إذ باتت الحواجز تستوفي رسوما على كل شاحنة تعبر من مناطق سيطرة الأسد إلى المناطق المحررة، والعكس.
وبحسب إحصاءات وزارة الزراعة في دمشق، يبلغ متوسط الإنتاج السنوي للطماطم بسورية، نحو مليون طن. وتشغل المساحة المستثمرة بمحصول الطماطم نسبة 11% من إجمالي المساحات المستثمرة بزراعة الخضروات، ويشكل إنتاجها حوالي 10% من إجمالي إنتاج مختلف الخضار.
وبلغت سورية، وفق سلسلة الدراسات الإحصائية لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية لعام 2012 المرتبة 19 عالمياً في إنتاج الطماطم، حين وصل الإنتاج لنحو مليون ونصف المليون طن.
(الدولار الأميركي يساوي 532 ليرة سورية)
اقــرأ أيضاً
وقفزت أسعار الطماطم في دمشق خلال الأيام القليلة الماضية، إلى 600 ليرة (1.13 دولارا) للكيلوغرام، بزيادة تقترب من الضِعف عن مستويات أبريل/نيسان.
وكشفت مجموعة من المراسلات بين وزارات التجارة الداخلية وحماية المستهلك والاقتصاد والتجارة الخارجية والزراعة، ما يحدث في السوق بخصوص الطماطم التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، ويبدو أن الموضوع مرتبط بسياسة حكومية، وليس فقط التهريب كما كان يصرّح بعض المسؤولين خلال الفترة السابقة.
وجاء في كتاب وجهه وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي، لكل من وزارة الاقتصاد والزراعة، أنه "في إطار متابعتنا لواقع الأسواق لوحظ ارتفاع مفاجئ في أسعار مادة البندورة، وبناء عليه تم عقد اجتماع في وزارتنا ضم المديرين المعنيين في الوزارة وممثلين عن تجار سوق الهال (أحد أسواق دمشق) والذين يعملون باستيراد وتصدير الخضر والفواكه".
وبحسب المراسلات التي نشرت وسائل إعلامية سورية بعض تفاصيلها، فإنه مع زيادة الكميات المصدرة من هذه المادة، ارتفعت الأسعار نتيجة قلة العرض في السوق ووجود الطلب الزائد عليها من المواطنين، علماً أن حاجة سوق الهال بدمشق نحو 350 طناً يومياً كحد أدنى، لا يتم توريد إلا ما يقرب من مئة طن منها يومياً.
واقترح المجتمعون بحكومة الأسد وقف تصدير الطماطم فوراً حتى إشعار آخر، لتحقيق التوازن السعري.
كما وجّه وزير التجارة الداخلية بحكومة الأسد قبل أيام، كتاباً إلى إدارة الجمارك العامة، قال فيه إنه لوحظ من خلال الجولات المنفذة من دوريات حماية المستهلك ارتفاع ملحوظ في أسعار الطماطم على الرغم من الإنتاج الوفير في كل من محافظتي اللاذقية وطرطوس، وتبين لدى مراقبة الأسواق أن الأسباب تعود لتهريب كميات كبيرة من هذه المادة إلى البلدان المجاورة.
ويتساءل المحلل الاقتصادي السوري، صلاح يوسف، "هل كان تصدير البندورة لدول الخليج والعراق، مفاجئاً لوزير التجارة الذي وافق بنفسه سابقا على تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية، رغم قلة عرضها بالسوق السورية وارتفاع سعره"؟
ويشير الاقتصادي يوسف من اسطنبول لـ "العربي الجديد" إلى اختلاف الطماطم عن غيرها من المنتجات، ما يجعل سعرها الكبير موضع تساؤل، فهي لا تحتمل التخزين كما البطاطا، بل قد تتعرض للتلف في حالة الاحتكار من المزارعين أو بائعي الجملة.
وأضاف أنه طالما إنتاج سورية هذا الموسم لم يتراجع كثيراً عن سابقه، فهذا يؤكد أن التصدير والتهريب اللذيّن تشرف عليهما حكومة الأسد، هما سببا ارتفاع الأسعار.
ويرى مراقبون، أن ثمة عوامل مهمة أثرت في إنتاج سورية من الطماطم، منها خروج بعض المساحات الزراعية عن الإنتاج بسبب الحرب، وخاصة محافظة درعا (جنوب)، التي كانت تنتج خلال موسم الصيف قرابة 52% من إنتاج سورية، فضلاً عن زيادة تكاليف الإنتاج الزراعي، خاصة بعد رفع أسعار المحروقات.
ويعتقد المهندس الزراعي جميل حسن من محافظة ادلب، أن سعر الطماطم داخل سورية تصدر قائمة الأعلى عالمياً، وذلك ليس حسب السعر الذي يساوي أقل من دولار ونصف الدولار، بل حسب دخل السوريين الذي لا يزيد عن 70 دولارا شهرياً.
وأضاف حسن لـ "العربي الجديد"، أنه رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج، إلا أن تكلفة سعر كيلو غرام الطماطم على المزارع لا تزيد عن 150 ليرة، لكن التصدير والتهريب وارتفاع تكاليف النقل بين المحافظات، رفع الأسعار.
وحول أسعار الطماطم بمحافظة ادلب المحررة، أكد حسن أنها سجلت ارتفاعات متتالية، خاصة بعد تراجع التوريد من تركيا وإغلاق الحدود بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة الأسد، إذ باتت الحواجز تستوفي رسوما على كل شاحنة تعبر من مناطق سيطرة الأسد إلى المناطق المحررة، والعكس.
وبحسب إحصاءات وزارة الزراعة في دمشق، يبلغ متوسط الإنتاج السنوي للطماطم بسورية، نحو مليون طن. وتشغل المساحة المستثمرة بمحصول الطماطم نسبة 11% من إجمالي المساحات المستثمرة بزراعة الخضروات، ويشكل إنتاجها حوالي 10% من إجمالي إنتاج مختلف الخضار.
وبلغت سورية، وفق سلسلة الدراسات الإحصائية لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية لعام 2012 المرتبة 19 عالمياً في إنتاج الطماطم، حين وصل الإنتاج لنحو مليون ونصف المليون طن.
(الدولار الأميركي يساوي 532 ليرة سورية)