جنون الأسعار يحرم المصريين تناول اللحوم

29 ابريل 2017
الحكومة لم تفرض إجراءات تحد ارتفاع الأسعار(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -


تصاعدت أزمة اللحوم في الأسواق المصرية، حيث فقدت مصر 10% من ثروتها الحيوانية العام الحالي نتيجة تفشي وباء الحمى القلاعية، ما أدى إلى زيادة العجز في إنتاج اللحوم البلدية إلى 70%. ويتزامن هذا العجز مع انخفاض كميات اللحوم المستوردة من الخارج بنسبة تجاوزت 50%.

واقع ينذر بارتفاعات جنونية في أسعار اللحوم الحمراء خلال موسم رمضان المقبل، خاصة مع ارتفاع أسعار البدائل المتمثلة في الدواجن والسمك.

وقالت سلمى محمود، ربة منزل، إن شراء اللحوم البلدية أصبح حلماً بعيد المنال. وتابعت: "كنا نشكو غلاء اللحوم إذا زاد الكيلوغرام جنيهاً واحدا أو جنيهين كل 3 أشهر، والآن سعر كيلوغرام اللحم يرتفع تقريباً 10 جنيهات كل شهر".

وأوضحت سلمى أنها لجأت إلى اللحوم المستوردة رغم انخفاض جودتها إلى أن ارتفعت أسعارها إلى 75 جنيهاً للكيلو، ما اضطرها إلى الاعتماد حالياً على الدواجن البيضاء وأجزائها، خاصة بعد موجة الغلاء التي طاولت السمك أيضاً.

وأكد ربيع اسماعيل، موظف بإحدى شركات القطاع الخاص، أن محدودي الدخل حذفوا "اللحمة" من قائمة مشترياتهم، مشيراً إلى أنه يعتمد بشكل أساسي على شراء أجزاء الدواجن التي تباع بسعر 16 جنيهاً للكيلو أو منتجات اللحوم "السجق" الذي يباع بـ 20 جنيهاً للكيلو لإطعام أطفاله الثلاثة الذين لا يكفون عن سؤاله عن اللحوم.

وأوضح أحد الجزارين في محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، أحمد سعيد، أن أسعار اللحوم الكندوز (بالعظم والدهن)، ارتفعت إلى 87 جنيهاً للكيلو في المجزر.

أما سعر الكيلوغرام للمستهلك فيتراوح بين 110 و120 جنيهاً في المناطق الشعبية، ومن 130 إلى 140 جنيهاً في المناطق الراقية، مقابل أسعار تراوحت بين 90 و95 جنيهاً قبل قرار تعويم الجنيه.

وأضاف أن صغار المزارعين المصريين كانوا يعتمدون على زيادة دخولهم عبر مشروعات تربية الأبقار والجاموس، لكنهم تركوا هذا المجال حالياً بعد ارتفاع تكلفة المحاصيل الزراعية وزيادة أسعار الأعلاف.

وأشار سعيد، إلى أن خروج صغار المربين من السوق أدى إلى انخفاض المعروض من اللحوم البلدية بالأسواق المصرية، وبالتالي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني خلال الفترة الأخيرة.

وتستهلك مصر 10 ملايين طن سنوياً من اللحوم منها 60% من اللحوم المستوردة من الخارج. ويبلغ متوسط نصيب المواطن المصري من استهلاك اللحوم 8 كيلوغرامات سنوياً، بينما يرتفع هذا المتوسط ليصل إلى 30 كيلوغراماً في الولايات المتحدة و28 كيلو في أوروبا و40 كيلو في البرازيل.

وكشف مصدر مسؤول في وزارة الزراعة المصرية، أن الشركات الحكومية المتمثلة في الشركة القابضة للصناعات الغذائية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع المصرية، تستحوذ على أكثر من 60% من سوق اللحوم المستوردة.

وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إن هذه الشركات تعاقدت مع موردين أجانب على كميات كبيرة من اللحوم قبل تعويم الجنيه بسعر 8.88 دولارات، وبالتالي تطرح هذه الشركات اللحوم في المجمعات الاستهلاكية والسيارات المتنقلة التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بأسعار أقل من مثيلاتها لدى القطاع الخاص بفارق 15 و18 جنيهاً للكيلو. إضافة إلى إعفاء المنتجات المستوردة من خلال تلك الشركات من الرسوم الجمركية والضرائب.

وأكد نائب رئيس شعبة القصابين في غرفة القاهرة التجارية، محمد شرف، أن مبيعات محال اللحوم البلدية انخفضت بنسبة 70% في موسم أعياد الربيع مقارنة بالعام الماضي، موضحاً أن "الجزارين" كانوا يترقبون هذا الموسم لكسر حالة الركود بالأسواق وزيادة مبيعاتهم بعد إفطار الأقباط، لكنهم فوجئوا بتراجع كبير في حركة البيع ما أصابهم بإحباط شديد.

وأضاف شرف، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" أن العديد من "الجزارين" أغلقوا محالهم بعد تزايد أزمة الركود بالأسواق المصرية، وعدم قدرتهم على تحمل الأعباء المالية التي تقع على كاهلهم المتمثلة في إيجارات المحال ورسوم الكهرباء والمياه وارتفاع أجور العمالة لديهم.

وأوضح سكرتير شعبة القصابين في غرفة القاهرة التجارية، هيثم عبد الباسط، أن مصر فقدت نحو 10% من ثروتها الحيوانية هذا العام بسبب تفشي وباء الحمى القلاعية في مزارع تربية المواشي. وقال في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" إن انخفاض المعروض من اللحوم البلدية وارتفاع تكلفة الإنتاج في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف أدى إلى زيادة أسعار المواشي ما دفع الجزارين إلى رفع أسعار اللحوم البلدية.

وأشار نائب رئيس شعبة المستوردين في غرفة القاهرة التجارية، سيد النواوي، إلى إن 25% من مستوردي اللحوم توقفوا عن العمل، بينما خفضت شركات الاستيراد الأخرى تعاقداتها مع الموردين الأجانب بنحو 80%، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار ما أدى إلى زيادة تكلفة الاستيراد.

وحذر النواوي في تصريحات لـ "العربي الجديد" من حدوث زيادات جديدة في أسعار اللحوم المستوردة بالأسواق المصرية خلال شهر رمضان المقبل، نتيجة انخفاض حجم الكميات المستوردة من الخارج بنسبة تتجاوز 50% خلال الفترة الأخيرة.

وأكد أن الحكومة فشلت في توفير السلع الأساسية خاصة الدواجن قبل حلول شهر رمضان، حيث لم تصدر أي إجراءات من شأنها تسهيل عمليات الاستيراد من الخارج.


دلالات
المساهمون