كثيرة هي البلدان العربية التي لا يحضر صوتها الثقافي كما ينبغي في المشهد العربي بمراكز ثقله المعروفة، حتى إن الثقافة العربية تُختزل في أحيان كثيرة بين أربعة أو خمسة بلدان، أو مدن حتى. من هذه الزاوية، نرى بأننا نشاهد الثقافة العربية عبر مرايا مقعّرة، لكن الثقافة العربية نفسها تبدو "مقعّرة".
أسباب كثيرة تفسّر عزلة هذا البلد أو ذاك. لعل واحدة منها هي الجغرافيا، فعُمان أو موريتانيا أو السودان، بلدان تقع على أطراف الخارطة العربية (إضافة إلى دور الصحراء في العزل)، لكن من المتوقّع أن تأتي الوسائل الحديثة فتلغي ذلك العائق.
حاولت عُمان، مثل أخواتها الخليجيات؛ الكويت ثم قطر والإمارات والبحرين، أن تلعب ورقة المجلات الثقافية للظهور في الحياة الثقافية العربية. تجربة يمكن تأريخها من خلال "نزوى" أو "التفاهم"، غير أن استمرارية هذه النماذج، لا تُخفي أن التأثير المتوقّع أو إيصال الصوت لم يحدث، من دون أن نتحدّث عن حجم الإضافة الحقيقية لمشاريع كهذه.
ليست الجغرافيا عاملاً تفسيرياً دقيقاً، فليبيا تقع في منتصف الخريطة ولكنها معزولة أيضاً، فيما يقع المغرب في آخرها، لكنه يمثّل نموذجاً في عدة ميادين؛ كالفكر والنقد والمسرح، وهو ما يعيدنا إلى عوامل داخلية تفسّر العزلة. هكذا نقول بأن الجغرافيا قابلة للتجاوز، لكن العمق يحتاج إلى مشاريع ورؤية لا إلى شكليات.