جسر تيلو... المتحف البريطاني وعراقيون يكافحون تخريبه

08 ابريل 2018
الموقع الأثري في صحراء تيلو (مهدي البخاري/فرانس برس)
+ الخط -
بعد الدمار الذي ألحقه تنظيم "داعش"، بالآثار العراقية التي تحمل تاريخاً يعود لآلاف السنين ولشعوب خلقت حضارات في منطقة الشرق الأوسط. يحاول علماء آثار من المتحف البريطاني العمل مع نظرائهم العراقيين للمحافظة على أقدم جسر معروف في العالم، كجزء من خطة مكافحة الخراب الذي أحدثته الجماعات الإرهابية.

ولهذا الغرض تنطلق ثماني مختصات في مجال الآثار من العراق إلى المتحف البريطاني، هذا الشهر، لتدريبهن في محاولة لإعادة بناء المواقع التي تضرّرت من قبل "داعش".

"اختيار مجموعة من النساء، يأتي من منطلق مخطط العراق في المتحف البريطاني لتدريب عدد متساو من الجنسين" يقول ماكسويل بلوفيلد، من مكتب إعلام المتحف البريطاني، لـ "العربي الجديد"، ويتابع بما أن المرحلتين الأوليتين كانتا للذكور لذلك من المهم أن تكون المرحلتين التاليتين للإناث، وأوضح أنّه لأسباب ثقافية، تجمع كل مرحلة الجنس ذاته.
ويضيف بلوفيلد، أنّ البرنامج يستغرق 6 أشهر من التدريب المكثّف لكل مشارك. أما عن تمويل المشروع، فيقول إنّ برنامج "إدارة التراث الطارئ في العراق" تلقى دعماً من حكومة المملكة المتحدة، وتمّ منح المتحف البريطاني مبلغ 2.9 مليون جنيه إسترليني على مدار خمس سنوات من المساعدات الإنمائية الرسمية من خلال وزارة الشؤون الرقمية للثقافة والإعلام والرياضة البريطانية، وهذه هي السنة الثالثة من المخطط.
كذلك، يلفت بلوفيلد، إلى أنّ هذا المشروع يركّز تحديداً على الحفاظ على أقدم جسر في العالم، من خلال تدريب محترفي التراث العراقي المحليين. وبعد إكمال تدريبهم من المأمول أن يستمر هؤلاء المهنيون في استخدام مهاراتهم، لحماية المواقع الأخرى، بما في ذلك المواقع التي تضررت من قبل "داعش" والتي تحتاج إلى أعمال عاجلة، لكن مخطط العراق لا يغطي هذه المواقع.
يبدو أنّ حجم وتعقيد موقع تيلو جعله المكان المثالي للتدريب الميداني، لذلك بدأ المتحف البريطاني في إبريل/نيسان الماضي، برنامج العراق، فيه. حيث سيستخدم الهيكل السومري القديم عند مدخل مدينة Girsu، في جنوب العراق كموقع تدريب لثماني نساء.



وتيلو هو الاسم العربي الحديث لمدينة Girsu، السومرية القديمة، إحدى أقدم المدن المعروفة في العالم. وهو موقع ضخم تمّ بحثه على نطاق واسع بين عامي 1877 و1933، مع تخطيط طوبوغرافي مماثل لمواقع بلاد ما بين النهرين العظيمة الأخرى في نمرود ونينوى، التي تشكّلت بواسطة حفريات ضخمة. بيد أنّ هذه الحفريات ألقت الضوء على بعض أهم المعالم الأثرية للفن والهندسة المعمارية السومرية، بما في ذلك تماثيل أحد الحكام القدماء وأقدم جسر تمّ اكتشافه في العالم حتى الآن.

ويعتبر هذا المشروع الأحدث من برنامج التدريب لـ "إدارة التراث الطارئ في العراق"، ويهدف إلى استعادة وإنقاذ أقدم جسر معروف في العالم، بني في جنوب العراق في الألفية الثالثة قبل الميلاد وأعيد اكتشافه في عام 1929. وسيتم إنشاء مركز للسائحين ثنائي اللغة في الموقع الذي من المتوقّع أن يرحّب بالمجموعات السياحية بحلول عام 2020.
وفي هذا السياق يقول المتحف البريطاني، إنّه منذ الحفريات الأولية، ظلت البنية التي يعود تاريخها إلى 4 آلاف عام معرّضة للتلف، مع غياب أي أعمال صيانة لمعالجة التآكل الذي قد يلحق بها على المدى الطويل فضلاً عن استقرارها.

لذلك، يأمل المتحف الذي يعمل مع هيئة الآثار والتراث العراقية، أن يصبح الجسر المستعاد رمزاً قوياً لدولة خرجت من عقود من الحرب وموقعاً سياحياً في المستقبل.
والمشروع هو المرحلة الرابعة من خطة التدريب لـ "إدارة التراث الطارئ للحكومة العراقية"، التي تمّ تطويرها لمكافحة تدمير مواقع التراث في العراق وسورية تحت قيادة داعش.
إلى ذلك، بيّنت الأعمال التمهيدية للمخطط، الحاجة الملحّة لحماية الجسر والعمل بطموح أكبر للحفاظ عليه، بما في ذلك عمليات التنقيب الطارئة.



في حين لم يتضرّر الجسر من قبل تنظيم داعش، لكن العديد من المواقع في جميع أنحاء البلاد التي تعود إلى الفترة ذاتها تعرّضت للضرر، وتمّ تدمير حوالي 70 في المائة من مدينة نينوى الآشورية القديمة و80 في المائة من نمرود. وشكّل الجسر نقطة الوصول الرئيسية إلى Girsu، وهي إحدى أكبر المدن الأولى في العالم. ويزيد طول الجسر على 40 متراً ويصل عرضه إلى 10 أمتار، كما بني من الطوب الطيني.

تجدر الإشارة إلى أنّه في عام 2017 بدأت أعمال الصيانة على الجسر الذي تمّ التنقيب فيه لأول مرّة في عشرينيات القرن الماضي، كجزء من تدريب المشاركين في برنامج العراق.
المساهمون