جزيرة الدمى: صناعة الأسطورة

05 نوفمبر 2017
على الجزيرة (باركورفت ميديا/Getty)
+ الخط -
سنوياً، تستقبل جزيرة الدمى المرعبة La Isla de la Munecas في المكسيك، عدداً كبيراً من السياح والزائرين، الذين يتشوقون لرؤية الجزيرة التي تنتشر فيها الدمى المشوهة والمبتورة والمعلقة على أغصان أشجارها وكأنها مشنوقة، أو مرمية كالجثث المتراكمة في زواياها، إضافةً إلى رؤوس الدمى المقطعة والمغروزة على أسوار الجزيرة. وتشكل قصة الجزيرة المرعبة العامل الأساسي في إثارة خيال السائح وجذبه لزيارتها، فحسب الروايات الشائعة عن الجزيرة، أنه لم يقطن فيها على مر السنوات سوى شخص واحد، يدعى دون جوليان، وذلك قرابة عام 1950، وتختلف الروايات بين كونه راهباً أو شخصاً عادياً، ادعى بأنه رأى جثة فتاة غارقة بإحدى القنوات المحيطة بالجزيرة، واكتشف بعد أن أنقذها من الماء أنها دمية، ورجح جوليان بأن الجثة التي رآها هي شبح طفلة غرقت في الماضي في المكان ذاته، وراح ينقذ يومياً، وعلى مدار خمسين عاما، جثثا لأطفال من المياه، ليكتشف فور ظهورها أنها دمى، فيقوم بتعليقها وصلبها على أغصان أشجار الجزيرة، لطرد الأرواح الشريرة وتهدئة روح الطفلة الغارقة والتخفيف من معاناتها. وفي سبيل ذلك، قطن جوليان في الجزيرة، وأصبح يجمع الدمى طيلة خمسين عاما من القمامة والسواقي، ويزين بها الجزيرة حتى تحولت إلى الشكل الحالي.

وهناك رواية أخرى، تقول إن جوليان فقد ابنته في تلك الجزيرة نتيجة غرقها، ولم يستطع العثور على جثتها ودفنها، مما دفعه إلى تعليق دميتها بالقرب من مكان غرقها، وبسبب حزنه الشديد عليها، قام بجمع الدمى وتعليقها في كافة أنحاء الجزيرة، لإسعاد روح ابنته، ومع مرور الوقت واحتكاك الدمى بعوامل الطبيعة من ماء وغبار ورياح، أصبح شكلها يبدو متسخاً وأكثر رعباً.

لم تعرف الجزيرة كموقع سياحي إلابعد موت جوليان عام 2001، حيث يقال إنه وجد غريقاً في نفس القناة التي شاهد بها جثة الفتاة المتوفاة، ويحيط به عدد من الدمى.

الغريب أن الجزيرة لم تعرف إلا بعد صدور الجزء الرابع من سسلسة الرعب الشهرة Child's Play، التي تتمحور قصتها حول لعبة تسكنها روح شريرة لرجل ميت، وتمتلك اللعبة ملاح مشوهة، وتقوم بارتكاب الجرائم، فأثارت السلسلة ضجة ونجاحاً كبيراً، وذلك بسبب غرابة الفكرة، التي تعتمد على تحويل رمز طفولي (الدمية) إلى رمز للعنف والشر.

ومن خلال الصور الملتقطة للجزيرة تبين أنه هناك عددا لامنتهيا من الدمى التي لا تنتمي للزمان المزعوم حولها، فتاريخ إنشاء الجزيرة يعود لسنة 1950، وهناك العديد من الدمى حديثة الصناعة، ويعود تاريخها لما بعد سنة 2001 التي توفي فيها جوليان، وتبين أن التشوه الموجود فيها هو متعمد نوعا ما.

ولكن أسطورة الجزيرة ازدادت سطوتها بسبب شهادات الزوار والسياح، الذين رووا بأنهم سمعوا أصوات أطفال تبكي وتصرخ داخل الجزيرة، ولمحوا الدمى تتهامس فيما بينها ليلاً، والبعض كان متأثراً أكثر بالدراما الهوليوودية، فادعوا بأن الدمى تبعث بها الحياة ليلاً، وتحاول قتل زائريها. إلا أن التفسير الوحيد لتلك الحوادث هو العامل النفسي، الذي يصاب به السائحون بدافع من الأسطورة، إضافةً إلى مشاهدة أشكال الدمى المشوهة، ووضع الرياح ليلاً في الجزيرة، التي تعطي الخيال مبرراً لتقمص الهلوسات، وتخيل ما هو ليس منطقياً.


دلالات
المساهمون