جزائريون يبخسون حقوق العمالة الأفريقية غير الشرعية

08 سبتمبر 2016
13 ألف مهاجر أفريقي غير شرعي يعملون في الجزائر(Getty)
+ الخط -

يتزايد عدد المهاجرين الأفارقة في الجزائر، الذين يأملون في الحصول على عمل يضمن لهم الاستقرار أو التمكن من العبور إلى الضفة الشمالية من المتوسط، ما جعلهم تحت أعين المقاولين وأصحاب المزارع الذين يفضلون تشغليهم عوضاً عن الجزائريين.
وبات العديد من أرباب العمل وأصحاب ورش البناء وملاك المزارع الكبرى يلجؤون عبر مختلف محافظات البلاد، إلى استغلال النازحين الأفارقة في مشاريعهم، نظراً لانخفاض ما يتقاضونه من أجر، بالإضافة إلى عدم التصريح بهم لمصالح الضمان الاجتماعي، ما يعني مصاريف ناقصة بالنسبة للمستخدمين.

في العاصمة الجزائرية، لا تخلو ورشات البناء من تواجد شباب من ذوي البشرة السمراء، بعضهم يحضر الخرسانة وبعضهم الآخر يحمل مواد البناء، هو مشهد يتكرر من ورشة إلى أخرى.
تقربت "العربي الجديد" من إحدى ورشات بناء عمارات بمنطقة "أولاد فايت" في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، والتي تحولت إلى نقطة التقاء الأفارقة الباحثين عن عمل، والتقت مع سليمان بابا سيديبي، شاب مهاجر من مالي يمكث بالجزائر منذ عامين.

يؤكد سليمان لـ "العربي الجديد"، أنه يتقاضى أجرة يومية تقدر بـ 800 دينار (7.27 دولارات) يتسلمها بشكل نصف شهري.
ويجيب الشاب المالي عن سؤال لـ "العربي الجديد" حول مدى تحصيله حقوقه المادية والمعنوية بالقول: "أي حقوق، في الأصل غياب الحقوق هو سبب تشغيلنا، لا تغطية صحية ولا ضمان اجتماعي ولا عقود عمل، هي مصاريف أقل بالنسبة لمن يُشغلنا".

محمدو إبراهيم، شاب من النيجر يشتغل في ورشة بناء أخرى، يروي لـ "العربي الجديد" يومياته: "عادة نقف عند مفترق الطرقات وننتظر فرص العمل، ومع حلول الساعة الثامنة حتى العاشرة صباحاً، يصل أصحاب الورش والمقاولون للتفاوض معنا، على الرغم من وجود جزائريين معنا في نفس الشارع، لأننا نطلب أجرة أقل من أجرة الجزائريين، بالإضافة إلى عدم اعتراضنا على طبيعة الأعمال المقترحة علينا".

من جانبهم، يرى أصحاب ورش البناء أن اللجوء إلى تشغيل المهاجرين الأفارقة فرض نفسه مقابل نفور الشباب الجزائري من العمل في مجال البناء والأشغال العامة، بالإضافة إلى ارتفاع أجرة الناشطين في هذا المجال.
هذا ما يؤكده لـ "العربي الجديد" المقاول سعد الدين فلوس، الذي يُضيف: "متوسط أجرة عامل أفريقي في الشهر لا تتعدى 25 ألف دينار (227 دولاراً)، في حين يبلغ متوسط أجرة العامل الجزائري بين 40 ألف دينار(363 دولاراً) وحتى 50 ألف دينار (454 دولاراً) دون احتساب المبلغ الذي أدفعه شهرياً لمصالح الضمان الاجتماعي والمقدر بـ 10 آلاف دينار (90 دولاراً)عن كل عامل مصرح به".

والغريب في ظاهرة "تشغيل المهاجرين الأفارقة" غير الشرعيين، أنها توسعت لتمس الشركات الأجنبية، كالصينية، وذلك في ظل غياب الرقابة والتفتيش من طرف مفتشية العمل وشرطة العمران، على الرغم من أن هذه الممارسات تهدد بقاء هذه الشركات في الجزائر.
ولم يعد قطاع البناء والأشغال العامة القبلة الوحيدة للمهاجرين الأفارقة، حيث أصبحت "الأيادي السمراء" أيضاً مطلوبة في قطاع الزراعة، خاصة في موسم الحصاد وجني المحاصيل، نظراً لتكلفتها الزهيدة، وسرعة إنجاز الأعمال الموكلة إليها باعتراف الجزائريين، بالإضافة إلى عدم تقيدها بحجم ساعات العمل المفروضة في قانون العمل والمقدرة بـ 8 ساعات يومياً أو 12 ساعة في نظام المناوبة.

وفي السياق، يقول رضوان غادي، مزارع من محافظة "البويرة" شرق العاصمة الجزائرية، إنه يستعين بالأفارقة في عمليات جني محاصيل البطاطا منذ سنتين، وذلك لعاملي الكلفة والسرعة، حيث إن المهاجر يعمل بأجرة أقل بـ 40% وبسرعة أكبر من العامل الجزائري.
كما أن الظروف تجبر المهاجر غير الشرعي على العمل مهما كانت حالة المناخ، من أجل كسب المال، عكس الشباب الجزائري الذي يرفض العمل في الحرارة المرتفعة أو حين تتساقط الأمطار.
وعلى الرغم من تضارب الأرقام حول عدد الأفارقة الذين يشتغلون في الجزائر، إلا أن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تتحدث عن وجود 13 ألف عامل أفريقي بطريقة غير شرعية، بعيد عن حقه في الاستفادة من الحماية الاجتماعية.

ولفتت الرابطة في آخر تقريرٍ لها عن الظاهرة إلى أن "الإقطاعيين الجدد يستغلون مآسي المهاجرين الأفارقة الهاربين من ويلات الحروب والفقر في مشاريعهم سواء في ورشات البناء أو الزراعة مقابل أجور زهيدة".
وقالت إن الأفارقة غير الشرعيين يتعرضون لاستغلال بشع في الوقت الذي يصل فيه ما يتقاضاه هؤلاء العمال إلى أقل من نصف الحد الأدنى من الأجر الذي يتلقاه العامل الجزائري، وإيوائهم في مساكن "دون المستوى".




المساهمون