وأعلنت السلطة القضائية في إيران، أنّها بدأت بالبتّ في ملف قتل رومينا بشكل خاص وسريع، وأشارت إلى أنّ المحكمة ستصدر حكمها بحق القاتل، والدها، وتبلغ الرأي العام به، وسط توقّعات بأن لا يتجاوز الحكم عليه، عقوبة السجن من 3 إلى 10 أعوام، إذ لا يصدر حكم الإعدام بحق القاتل، في هذه الحالة، لكون القاتل هو أب المقتولة، و"ولي دمها".
وعن حيثيات الجريمة، قال رئيس قسم الوقاية من الجريمة في عدلية جيلان، جان أحمد آقايي، وفقاً لوسائل الإعلام الإيرانية، إنّ والد رومينا راجع الشرطة في 17 مايو/ أيار، ليقدّم شكوى بشأن "اختطاف ابنته من قبل شاب"، وأشار إلى أنّ الشرطة اعتقلت الشاب، وبعد مراجعة والدي الفتاة للعدلية، تمّ تسليمها إليهما.
وفيما واجه جهاز القضاء الإيراني انتقادات لتسليم الفتاة إلى والدها، في ظلّ الخطر الذي يتهدّد حياتها، قال أحمد آقايي، إنّ المسؤول القضائي "قام بتسليم الفتاة إلى والدها، بعد أن أعلن الأخير أنّه سامحها". كما أنه نفى ما راج على مواقع التواصل الاجتماعي، عن أنّ والد الفتاة القاصر، مدمن مخدرات.
رواية الأم
وتضاربت الروايات حول خلفية الواقعة، حيث ذكرت مواقع أنّ عائلة رومينا عارضت زواجها من صديقها، لكونه ينتمي إلى مذهب آخر، إلا أن والدتها، رعنا دشتي، نفت هذه الرواية في حديث مع موقع "فراز"، وقالت إنّ الشاب اتصل بأحد جيرانهم، طالباً الزواج من الفتاة ومهدداً بأنه في حال عارض أهلها طلبه، فإنّه سيهرب معها.
وتضيف دشتي أنّه بعدما أبلغ جار لهم، والد رومينا بالاتصال، بدأ الأخير بالتضييق عليها وصادر هاتفها. وأشارت إلى أنّ العائلة لم تكن تعرف الشاب الذي هربت معه ابنتها.
تضيف والدة الفتاة أنّه قبل أن تهرب ابنتها مع صديقها، قام الأب بإعطائها علبة من مبيد الحشرات، وطلب منها أن "تقتل نفسها بنفسها، كي لا يقتلها هو. وطلب مني أن أطعمها السم".
وأضافت دشتي أنّ زوجها كان "يحب رومينا، لكنّه لم يكن مقرّباً منها". وأشارت الأم إلى أنّها كانت في المنزل لحظة وقوع الجريمة، لكن الأب أغلق الباب فجأة، وقتل ابنته، بينما كانت تصرخ هي، لكنه لم يستجب لنداءاتها. وهي الآن تطالب بإنزال عقوبة الإعدام بحقّ زوجها.
رواية عائلة الشاب
وعن قصة الهروب قال، بهمن خاوري، صديق رومينا، لموقع "ركنا" الإيراني، إنّه أرسل أحد أقاربه إلى والد الفتاة ليطلب يدها، لكن الأب رفض الأمر وهدّد بقتله، بحسب قوله. وأشار إلى أنّ الفتاة، كانت قد أخبرته أنّها لم تعد تحتمل البقاء في بيت أبيها، وطالبته بأن يُخرجها منه.
وأضاف أنّ رومينا، لجأت إلى بيت أخته، بعد هروبها من منزلها، نافياً أن يكون قد اختطفها.
من جهتها، قالت شقيقة خاوري، إنّ رومينا بقيت في بيتها لـ6 أيام. كما أنّ والد صديق رومينا، أكّد أنّ الفتاة لم تكن ترغب بالعودة إلى بيتها، خوفاً من والدها.
إلا أنّ اسفنديار أشرفي، عمّ رومينا، نفى صحة تصريحات عائلة خاوري، واتهم صديق الفتاة بأنه خدعها ودمّر حياة شقيقه، قائلاً إنّ "الشاب اتصل بي مرات عدة وهدّدنا"، وأضاف أنّه "لو لم ينشر صور رومينا على إنستغرام لما وقعت الجريمة"، وفقاً لصحيفة "همشهري".
ردود فعل رسمية
وفي سياق موجة الغضب التي أثارتها الجريمة في إيران، أشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى الحادثة، في اجتماع الحكومة، أمس الأربعاء، وأعرب عن أسفه لوقوعها، كما طالب بضرورة التسريع في مناقشة لوائح "منع العنف" ضد المرأة، وفقاً لموقع الرئاسة الإيرانية.
وفي هذا الصدد، قالت نائبة الرئيس لشؤون المرأة والأسرة، معصومة ابتكار، إنّه صدر أمر حكومي بمناقشة لائحة "حفظ أمن المرأة في مواجهة العنف"، خارج الأطر الزمنية التي كانت مقرّرة لها، وأشارت في تغريدة لها على موقع "تويتر"، إلى أنّ لجنة مناقشة اللوائح الحكومية، ستبدأ بمناقشة اللائحة هذا الأسبوع.
جريمة ضد الطفولة
وأعادت جريمة قتل رومينا، إلى الواجهة موضوع زواج القاصرات، وحقوق الأطفال في إيران، لكون عمر الفتاة لم يتجاوز 13 عاماً، حيث اعتبرت المؤسسات التي تُعنى بحقوق الأطفال الجريمة "ضد الطفولة" أيضاً، ومن شأنها أن تحرّك جهوداً قانونية، في هذا الصدد، بقيت راكدة سابقاً.
وفي السياق، أعربت معصومة ابتكار، في تغريدة لها، عن أملها في أن يتمّ الانتهاء من إعداد مشروع قانون حماية حقوق الأطفال الذي طُرح قبل 12 عاماً، لكنه ظلّ عالقاً بين مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) ومجلس صيانة الدستور، المناطة به المصادقة النهائية على القوانين التي يسنّها البرلمان، وذلك بسبب خلافات حول القانون.
كما طالب أمين المرجعية الوطنية لاتفاقية حقوق الطفل، محمود عباسي، وفقاً لوكالة "إرنا" الرسمية، بإنزال أشدّ العقوبات بالأب القاتل، قائلاً إنّ "ذلك ليس نهاية الطريق، بل بداية مشوار طويل لمنع تحوّل الأطفال أمثال رومينا، إلى ضحايا محتملين في المجتمع".
ويحظر قانون الزواج في إيران، زواج الفتيات قبل سن الثالثة عشرة، والفتيان دون الخامسة عشرة، إلا بعد الحصول على إذن رسمي من المحكمة. لكن القانون يواجه انتقادات كثيرة منذ سنوات عدة، وحاول البرلمان الإيراني، خلال العام الماضي، إجراء تعديلات عليه لرفع سن زواج الفتيات إلى 16 سنة والفتيان إلى 18 سنة، إلا أنّه لم يتمّ إقرار هذه التعديلات بعد، وهي ما زالت تلقى معارضة واسعة.
وتظهر بيانات التعداد السكّاني، أنّ هناك أكثر من 70 زيجة تسجّل سنوياً في إيران، لمن هن دون سن الرابعة عشرة، حسب وكالة "إرنا" للأنباء.
جريمة أخرى
وفيما لم تهدأ بعد موجة الغضب على خلفية قتل رومينا، وقعت جريمة عائلية أخرى في مدينة رشت، مركز محافظة جيلان، راحت ضحيتها، هذه المرة، فتاة تبلغ من العمر 18 عاماً، وفق ما أوردته وكالة "إرنا".
وأعلنت شركة المحافظة أنّ شقيق الفتاة قام بإضرام النار في بيت العائلة لمعارضته زواج شقيقته. وتقول الشرطة، إنّ الأخ، أشعل النيران في بيت والده، عندما كان يوجد فيه الزوجان (شقيقته وزوجها)، بعد فشله بمنع زواجهما.
عزا المتهم خلال جلسة التحقيق سبب ارتكابه الجريمة إلى معارضته زواج شقيقته، بسبب وجود فارق 12 عاماً بين أخته وزوجها.
بيانات وأرقام
لا توجد بيانات وأرقام رسمية حول ما تسمى "جرائم الشرف" في إيران، إلا أنّ تقريراً نشرته صحيفة "شرق" الإصلاحية، خلال ديسمبر/ كانون الأول 2019، يشير إلى أنّ 20% من حالات القتل في إيران، "مرتبطة بجرائم الشرف".
وأضاف التقرير أنّ هذه الجرائم، تشكّل أيضاً، 50% من حالات القتل العائلي. وتعزو الدراسات الاجتماعية في إيران أسباب هذه الجرائم، إلى "الفقر الثقافي، والتقاليد والتعصبات القبلية، والرقابة الاجتماعية الشديدة على المرأة، والثقافة الأبوية والزواج الإجباري".