لليوم الثاني على التوالي تتواصل ردود الفعل الشعبية الغاضبة على جريمة اغتصاب طفلة بعمر ثلاث سنوات من أحد جيران العائلة في مدينة الموصل، بعد أن خدعها بالحلوى واستدرجها إلى منزل مهدم واعتدى عليها بوحشية.
المجرم الذي نجحت قوات الأمن العراقية باعتقاله بعد ساعات من الحادثة، تصاعدت الدعوات لإعدامه بالساعات الأخيرة، إلى جانب مطالبات بدراسة ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال المتزايدة في العراق، ومعرفة أسبابها وسبل معالجتها، خصوصاً أن المجرم متزوج ويبلغ من العمر 39 عاما، وله أطفال أيضاً، ما اعتبره مختصون "مرضاً له مسبباته".
وبحسب تفاصيل الجريمة فإن الطفلة نور التي تكمل عامها الثالث بعد أيام كانت عند باب منزلها في محل باب جديد بالموصل القديمة عندنا أقدم رجل يسكن بالقرب من منزل أهلها على استدراجها بواسطة حلوى، وأخذها إلى منزل خرِب. وهناك قام بتوثيق قدميها ويديها واغتصبها وتركها غارقة بالدماء، قبل أن تنجح عمليات البحث عنها من العائلة والأقرباء والجيران في العثور عليها، ونقلها الى مستشفى قريب وهي بحالة خطرة.
وتعتبر الحادثة التي كانت نور ضحيتها، التاسعة من نوعها منذ مطلع العام 2018 والثانية هذا العام في العراق، الأمر الذي دفع منظمات حقوقية عراقية للمطالبة بدراسة الظاهرة ومعالجتها ومعرفة أسبابها قبل كل شيء. في حين تصاعدت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بإعدام المجرم في محل جريمته لجعله عبرة لكل من يفكر بالاعتداء على طفل مستقبلاً.
وذكر بيان للشرطة في مدينة الموصل أن قوات الأمن نجحت في القبض على المجرم المتورط باغتصاب طفلة بعمر 3 سنوات بعد فترة وجيزة.
ووفقا للبيان فإن "المجرم يبلغ من العمر 39 عاما، وتم تدوين أقواله بالاعتراف بالجريمة وتوثيقها قضائياً، تمهيدا لتقديمه إلى القضاء العراقي، لإنزال أقصى العقوبات بحقه". وأشار البيان "تم القبض عليه بعد ساعة ونصف من ارتكابه الجريمة في منطقة باب جديد في الجانب الأيمن لمدينة الموصل".
وما زالت والدة الطفلة وذووها بحالة صدمة من الجريمة، وتتوافد على العائلة وفود من منظمات حقوقية وإنسانية وأقرباء وسكان الحي للمواساة والإعراب عن دعمهم لها في هذه المحنة، بينما ما زالت الطفلة تتلقى العلاج لغاية الآن رغم مرور ثلاثة أيام على الجريمة وحالتها النفسية سيئة للغاية ولا تنقطع عن البكاء بحسب ذويها.
ويقول أحمد سالم وهو أحد سكان الحي إن مثل هذه الحوادث كنا نسمع عنها أو نشاهدها بالأفلام، وكنا نعتبرها غير واقعية لكننا صرنا نشاهدها قرب منازلنا". ويضيف "حاليا نريد الإعدام وأن يبث ذلك على الهواء، وإن كان لن يعيد أو يصلح ما جرى لكنه حكم يجب أن يذاع ليحمي باقي الأطفال".
ويشير إلى أن "أهالي الحي لا يزالون في ذهول كبير من حادثة الاغتصاب، والمجرم متزوج ولديه ثلاثة أطفال يعمل في البناء، ومسكنه ليس في منطقة الفاروق أساساً بل جاء إلى الحي بعد تحرير مدينة الموصل"، مؤكدا أن "منزل الجاني مغلق الآن، وزوجته ذهبت لمنزل والدها مع أطفالها، بينما هذا المريض في السجن الآن".
ويطالب ذوو الطفلة بالإعدام، مؤكدين أن لا شيء غير الإعدام سيسكتهم. ويقول قريب للطفلة الضحية من جهة الأم: "إن لم يتم إعدامه سنقتحم السجن ونفعل نحن ذلك ولن يطيب لنا العيش دون هذا"، معتبرا أن "الطفلة ستعيش طوال حياتها بنكبة لا يقدر أحد على تحملها".
وأكد أن "هذه الجريمة النكراء تعتبر غريبة عن المجتمع الموصلي المعروف عنه أنه مجتمع محافظ وله عادات وتقاليد عشائرية ودينية تمنع القيام بهكذا أمور محرمة وجريمة مجتمعية".
من جهته قال رئيس منظمة "حق" المعنية بحقوق الإنسان في الموصل، أحمد المحمود لـ"العربي الجديد"، "إن الظاهرة دخيلة فعلاً على المجتمع، ونعتقد أن مشاكل وأمراضا نفسية توطنت بالمدينة جراء ما مرت بها من أحداث مهولة لا يتحملها عقل".
ويضيف "نعمل مع الشرطة على إطلاق حملة توعية شاملة وإبراز مواد القانون العقابية بهذا الصدد، ونأمل أن تكون هناك قاعدة بيانات بحق المتحرشين أو المعتدين كما في باقي الدول المتقدمة. وحاليا نجحنا في أخذ تعهدات من القضاء في التعامل مع هذه الجرائم بسرعة بالغة وحسمها، والإعلان عن الأحكام القضائية عبر وسائل الإعلام، والإعلان أيضاً عن تنفيذ الحكم بحق المجرمين فهي من الوسائل الرادعة بكل تأكيد".
ويعتبر الدكتور علي عبد الستار، أستاذ الطب النفسي بجامعة الموصل، أن "الجريمة من إفرازات الحرب". ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن "أغلب مرتكبي تلك الجرائم يتواجدون في مناطق الحروب والفقر وأفضل سبيل لحماية الأطفال هو مراقبتهم وعدم تركهم بعيدين عن أعين ذويهم، واعتبار أن الجرائم تلك دوما تأتي من الأقرباء أو الجيران هو صحيح وغير مغلوط".
ويشير إلى أن "تغليظ العقوبات بالوقت الحالي هو حل مناسب، لكن يجب أن تقوم مراكز بحوث ودراسات بالاهتمام في هذه الملف الخطير وبحث أسبابه وسبل معالجتها".