عشية البت في قبول عضوية بريت كافانو مرشح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للمحكمة العليا، سلّمت أكثر من 42 ألف وثيقة حول خدمة كافانو في البيت الأبيض، خلال إدارة جورج بوش الابن، ما حدا بالديمقراطيين بمجلس الشيوخ إلى المطالبة بتأجيل التصويت على ترشيحه.
وكان ترامب قد أعلن في يوليو/تموز الماضي، اختيار القاضي المحافظ بريت كافانو مرشحه إلى المحكمة العليا، في خطوة من شأنها أن تكرّس هيمنة اليمين على أعلى هيئة قضائية في البلاد تفصل خصوصاً في المسائل الأساسية التي ينقسم حولها المجتمع الأميركي.
وأثارت خطوة نشر الوثائق غضب زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر، الذي اعتبر أنّ هناك ضرورة، قد تكون غير مجدية، لتأخير إجراءات الاستماع، قائلاً، مساء الإثنين، "لن يتمكّن سيناتور واحد من مراجعة هذه السجلات قبل الغد".
ورد تايلور فوي المتحدّث باسم رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ تشارلز غراسلي، بالقول إنّ "فريق المراجعة التابع لنا سيتمكّن من إكمال فحصه لهذه الدفعة الأخيرة (من الوثائق) في وقت قصير، قبل أن تبدأ جلسة الغد".
وبعد ساعات قليلة من هذا التصريح، قالت اللجنة في تغريدة على "تويتر"، إنّ "أغلبية الموظفين قد أتموا الآن مراجعة كل واحدة من هذه الصفحات".
— Senate Judiciary (@senjudiciary) ٤ سبتمبر ٢٠١٨
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Senate Judiciary (@senjudiciary) ٤ سبتمبر ٢٠١٨
|
ومن المقرر عقد جلسات الاستماع، اليوم الثلاثاء، مع بيانات افتتاحية من قبل أعضاء اللجنة، غير أنّ أي معلومات لم ترد حول موضوع الوثائق، والتي طلب محامي بوش أن تبقى سرية، ومتاحة فقط لأعضاء اللجنة وموظفيها.
كافانو، الذي كان بوش قد عيّنه قاضياً في محكمة الاستئناف بالعاصمة واشنطن، خدم أيضاً في مكتب مستشار البيت الأبيض من عام 2001 إلى عام 2003، وكسكرتير للموظفين من عام 2003 إلى عام 2006.
وقال ويليام بيرك، المحامي الذي يمثّل بوش، في خطاب أرسله إلى غراسلي، إنّ الوثائق البالغ عددها 5148 وثيقة تم جمعها من الأرشيف الوطني، وتقع في 42390 صفحة، سيتم التعامل معها على أنّها "سرية للجنة"، مع حصر توفرها فقط بأعضاء اللجنة القضائية والموظفين، بعيداً عن الرأي العام، على الأقل في الوقت الحالي.
وفي رسالته إلى غراسلي، قال بيرك إنّ المحامين لدى الرئيس السابق، سيحدّدون في وقت لاحق أي الوثائق "مناسبة لنشرها أمام الرأي العام".
وكان فريق بوش القانوني قد قام بالفعل بتسليم حوالي 415000 وثيقة إلى اللجنة، وتم حجب 147000 منها عن الرأي العام. وقد أصدر ترامب أمراً تنفيذياً (حصانة) بمنع الإفراج عن أكثر من 101921 وثيقة من السجلات، حول فترة ولاية كافانو في البيت الأبيض.
وقال بيرك، في خطابه إلى اللجنة، الجمعة، إنّ كافانو، بصفته مستشاراً مساعداً، ومستشاراً بارزاً في البيت الأبيض، تولّى بعض أكثر الاتصالات حساسية لأي مسؤول في البيت الأبيض، بما في ذلك المداولات حول المرشحين القضائيين.
ويشكّل موضوع الوثائق حول خدمة كافانو في البيت الأبيض، سواء في مكتب المستشار أو كسكرتير للموظفين لدى بوش، نقطة محورية في رد الديمقراطيين على البيت الأبيض والجمهوريين، بشأن مرشح ترامب الثاني للمحكمة العليا.
"الأقل شفافية في التاريخ"
وكانت القاضية إيلينا كاغان، آخر مرشحة للمحكمة العليا خدمت سابقاً في البيت الأبيض. وقال كريستوفر كانغ، نائب المستشار في عهد الرئيس باراك أوباما، لصحيفة "واشنطن بوست" إن أوباما لم يصدر أي أمر تنفيذي بالحصانة على أي وثائق تتعلّق بعملها.
وقال شومر إنّ "الجمهوريين يعرفون أنّ عملية المحكمة العليا هذه، الأقل شفافية في التاريخ"، داعياً إلى تأجيل جلسات الاستماع "حتى نتمكّن من مراجعة سجلات القاضي كافانو بالكامل".
ومن المتوقع أن تستمر جلسات الاستماع أربعة أيام، بحيث لن يكون أمام الموظفين والأعضاء أكثر من بضع ساعات لمراجعة الوثائق، قبل إجراء أي تصويت على تسليم أسماء المرشحين للمصادقة عليها في مجلس الشيوخ.
وجاء ترشيح ترامب لكافانو، بعد التقاعد غير المتوقع للقاضي أنطوني كينيدي أحد القضاة التسعة الذين يعينون مدى الحياة في المحكمة العليا. وقد سبق وعيّن ترامب قاضياً شاباً محافظاً هو نيل غورسيتش في 2017.
وكافانو بدأ مسيرته في السلك القضائي مساعداً لأنطوني كينيدي الذي فاجأ الجميع في يونيو/حزيران الفائت، بقراره التقاعد من منصبه في المحكمة العليا، علماً بأنّ أعضاء هذه الهيئة يمكنهم البقاء في مناصبهم لمدى الحياة.
وكان القاضي كينيدي يمثل في المحكمة العليا كلمة الفصل، إذ يصوّت حيناً مع المحافظين، وحيناً آخر مع الليبراليين، فيرجّح بصوته كفة أحد الطرفين المتساويين في عدد الأصوات في هذه الهيئة. وبقراره التقاعد من منصبه منح كينيدي الرئيس الجمهوري ترامب، فرصة لترجيح كفة المحافظين في أعلى هيئة قضائية في البلاد.
وفي حال وافق مجلس الشيوخ على قرار ترامب تعيينه في المحكمة العليا، سيصبح كافانو عندها في سن 53 عاماً، أحد أصغر القضاة الذين ينضمون إلى المؤسسة المكلفة السهر على دستورية القوانين في الولايات المتحدة.