جدل عالمي حول "جوازات مناعية" لتخفيف العزل بسبب كورونا

29 ابريل 2020
تستعد دول كثيرة لتخفيف العزل الصحي(إينا فاسبندر/فرانس برس)
+ الخط -
تدرس حكومات ومنظمات في جميع أنحاء العالم استخدام "جوازات مرور مناعية"، بالتزامن مع استعداد العديد من الدول لتخفيف قيود الحركة التي فرضتها للحد من انتشار فيروس كورونا.

وقد يشكل إصدار هذه الوثائق التي تثبت حصانة الأفراد على أساس اختبارات تكشف عن وجود أجسام مضادة في الدم، أداة لإنهاء العزل، وعودة هؤلاء إلى العمل، واستئناف النشاط الاقتصادي. لكن خبراء شككوا في دقة هذه النتائج.
ويقول مؤيدو الفكرة إنه يمكن تزويد الذين تم تحديدهم بشهادات رقمية أو ورقية تسهل عودتهم إلى الأنشطة "العادية". ويرى رئيس شركة "أونفيدو"، حسين كاساي، أن هذه الوثائق يمكن أن تكون عنصرا رئيسيا لانتعاش الاقتصاد. "إذا استمر هذا الوضع ستة أو تسعة أشهر، أو إذا حدثت موجة ثانية، يمكن التفكير بأن الناس سيرغبون في مغادرة منازلهم. يجب إيجاد آلية للتحقق من مناعة شخص ما. من المحتمل أن تساعد جوازات مرور مناعية الناس على الامتثال لأوامر التزام منازلهم".
وتؤكد "أونفيدو" التي تجري مباحثات مع الحكومة البريطانية وحكومات أخرى، أن المناعة يتم تحديدها عبر اختبار يمكن إجراؤه في المنزل، ويتم التحقق منه من قبل السلطات الصحية. وعند تحول إشارة هذا الاختبار إلى اللون الأخضر فهذا يعني أن الشخص محصن، وأما البرتقالي فيدل على أنه محصن بشكل جزئي، والأحمر يشير إلى أنه غير محصن على الإطلاق، ويمكن تعديل النتائج في قاعدة بيانات إذا لزم الأمر.

وطورت شركة "بيزاجي" البريطانية ما سمته "كورونا باس" المخصص للشركات كي تقوم بإجراء الاختبار لموظفيها. لكن رئيس الشركة غوستافو غوميز، يؤكد أنه يمكن "مساعدة الكثير من الأشخاص الآخرين" على استئناف أنشطتهم.

وبدأت تشيلي في إصدار شهادات للأشخاص الذين تعافوا من فيروس كورونا. وتجري المناقشات حاليا حول هذا الموضوع في ألمانيا، وأماكن أخرى.
في المقابل، حذرت منظمة الصحة العالمية من أنه "ليس هناك حاليا أي إثبات على أن الأشخاص الذين تماثلوا للشفاء من كورونا ولديهم أجسام مضادة باتت لديهم مناعة تقيهم الإصابة به مرة ثانية"، قبل أن تتراجع عن ذلك بعد وقت قصير.
وأوضحت أنها تتوقع أن يقوم الأشخاص المصابون "بتطوير أجسام مضادة توفر مستوى معينًا من المناعة. ما لا نعرفه حتى الآن هو مستوى المناعة، وكم من الوقت ستستمر".
وتشكك كلير ستاندلي، الباحثة المتخصصة في الصحة العامة في جامعة جورج تاون، في هذه الوثائق، وخاصة بسبب "عدم اليقين بشأن مدى قدرة الأجسام المضادة على الحماية من العدوى".
كما دعا آلان وو، المتخصص بعلم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا- سان فرانسيسكو، إلى توخي الحذر. وقال: "لسنا متأكدين. لم يمضِ وقت كافٍ لاختبار الأجسام المضادة لهذا الفيروس يثبت أن المصاب لن يتعرض للعدوى مرة أخرى إذا كان لديه الأجسام المضادة".

وترى الشركات المتخصصة في الهوية الرقمية أن إنشاء جوازات مرور مناعية بدون التعرض إلى الخصوصية أمر ممكن. ويعتقد كاساي أنه يمكن حماية البيانات الشخصية باستخدام الرمز الرقمي (كيو آر)، والذي يرتبط بصورة الشخص المعني، ويقرأه ماسح ضوئي. وقال إن "جوازات المرور المناعية تثبت أنك الشخص الذي تدعيه، وأن نتائج الاختبار تخصك. ولا حاجة لمعلومات إضافية".

لكن ستاندلي حذرت من ظهور إشكالية أخرى، إذ يمكن أن يكون لهذه الأنظمة جانب مضلل، من شأنه أن يدفع بعض الأشخاص إلى السعي للإصابة من أجل الحصول على هذا المفتاح الثمين الذي يخولهم العودة إلى العمل أو إلى أنشطتهم السابقة للوباء. وقالت: "هناك أشخاص يعانون اقتصاديا واجتماعيا"، ورجحت أن "يفكر البعض في تعريض صحتهم للخطر إذا رأوا أنها وسيلة للخروج من العزل".
ويبدو جيل بولونسكي، رئيس منتدى مستقبل الخصوصية في واشنطن، أكثر حزما؛ فهو يعتقد أن استخدام جوازات المرور المناعية "غير ضروري، وضار على الأرجح. إذا أراد الناس العودة إلى العمل فسيكون ذلك سببا كبيرا للغش، أو إيجاد طريقة لمشاركة الرمز، أو الحصول على إحدى هذه الشهادات للتمكن من العمل".

(فرانس برس)

المساهمون