جدل حول مشاركة مصر في اجتماعات دول حوض النيل

12 يوليو 2016
مشاركة مصر رفضها عدد من خبراء المياه (Getty)
+ الخط -

 

سافر، اليوم الثلاثاء، وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، إلى مدينة عنتيبي الأوغندية، وذلك للمشاركة في "اجتماعات دول حوض النيل الـ24"، والذي من المقرر عقده الخميس القادم، وسط جدل حول هذه المشاركة.

وتشارك مصر في الاجتماعات بتمثيل وزاري رسمي يضم وزير الري ورئيس قطاع مياه النيل بالوزارة، وذلك بعد غياب 6 سنوات عن المشاركة في الاجتماعات، منذ قرار الرئيس المخلوع حسني مبارك في يونيو/ حزيران 2010، بعدم المشاركة المصرية في فعاليات "مبادرة حوض النيل" بكل أنشطتها، بسبب توقيع دول الحوض على الاتفاقية الإطارية "عنتيبي" غير المتفق عليها، بدون مصر، والتي اشترطت وقتها تعديل 3 بنود ووضع نص صريح في البند رقم 14 الخاص بالأمن المائي بـ"عدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية"، انطلاقا من أن المبادرة لا تعترف باتفاقيتي 1929 و1959 الخاصتين بحقوق دول حوض النيل في مياه النيل.

كما تضمنت النقاط الخلافية التي طالبت مصر بتعديلها في الاتفاقية، البند رقم 8، الخاص بالإخطار المسبق عن المشروعات التي سيتم إقامتها بأعالي النيل، واتباع إجراءات البنك الدولي أو اتفاقية الأمم المتحدة 1997، مع إدراج هذه الإجراءات صراحة في الاتفاق وليس في الملاحق الخاصة به.

وكذلك تعديل "البند 34" بحيث تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الإطار المهمة أو الملاحق بالتوافق وليس الأغلبية.

واتفاقية "عنتيبي" تم توقيعها في 2010، وتدعو إلى عودة توزيع حصص المياه لدول حوض النيل دون النظر إلى الحقوق التاريخية، ورفضت مصر والسودان والكونغو التوقيع على الاتفاقية، في حين وقعت دول منابع نهر النيل، وهي إثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وبروندي.

مشاركة مصر في الاجتماع الدوري الـ24، رفضها عدد من خبراء المياه، وأساتذة العلوم السياسية، حيث اعتبر وزير الري الأسبق، محمد نصر علام، حضور اجتماع دول حوض النيل دون أي تغيير في اتفاقية "عنتيبي" نوعاً من التراجع، سيعطي تلك الدول الحق في حرمان القاهرة من حقوقها التاريخية في النهر.

وأضاف علام في تصريحات صحافية أن مصر رفضت حضور أي اجتماع لدول حوض النيل منذ عام 2010، احتجاجاً على الاتفاقية التي وقعتها 7 دول من حوض النيل وتقتضي إعادة توزيع حصص المياه دون النظر إلى حق تاريخي، أي الإطاحة بحق القاهرة في الحصول على 55.5 مليار متر مكعب، متابعاً أن العودة تعني أن الاتفاقية قد تدخل في حيز التنفيذ قريباً.

من جهته، بين خبير المياه الدولي، نادر نور الدين، أن مشاركة مصر في اجتماع دول حوض النيل تعني موافقة ضمنية على إعادة توزيع حصص ماء النيل.

وأضاف، في تصريحات صحافية أن خطوة مصر قد تشجع الدول التي لم توقع على اتفاقية عنتيبي إلى التوقيع، وهو ما سيجعل موقف القاهرة صعباً، خاصة أن بعض دول حوض النيل تريد تقليل حصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل.

وأكد أن الحضور يعني اعترافاً بشرعية عنتيبي التي تم توقيعها رغماً عن مصر.

على الجانب الآخر، قالت مساعدة وزير الخارجية السابق للشؤون الأفريقية، مديرة مركز أفريقيا في الجامعة البريطانية في مصر، منى عمر، إن مصر لا يمكن أن تغير موقفها من اتفاق "عنتيبي"، ولا من مقاطعة أنشطة مبادرة حوض النيل في ظل التمسك بتلك الاتفاقية.

 وأضافت: "ما نسعى إليه أن تتفهم الدول الأخرى الموقف المصري المبني على أي أسس مدروسة"، لافتة في تصريحات صحافية إلى أن "مواقفنا ليست مجرد تعنت، ولذلك نسعى إلى التواجد، والتعاون هو المدخل الرئيسي للتعامل مع دول الحوض، وهذا أمر إيجابي".

وأوضحت أن "مقاطعة أنشطة المبادرة لا تنفي أن نستمر في التعاون والتواجد، لأن النقاش قد يكون مفيداً، فمثلاً يجب أن تتفهم دول الحوض أن إصرار مصر على مبدأ الإخطار المُسبق لدول المصب بالمشروعات التي تبنيها دول المنبع على مجرى النهر من شأنه الحفاظ على علاقات الدول، وعدم توتيرها".

يذكر أن الاجتماع سيتناول عدداً من الموضوعات، كشف عنها بيان رسمي أصدرته سكرتارية المبادرة بأوغندا، مؤخراً، منها؛ التعاون بين دول حوض النيل وكيفية التحرك إلى الأمام، والتقدم الذي أحرزته مبادرة حوض النيل في السنة المالية السابقة، والنظر في البرامج والمشاريع، وكذلك خطة العمل والميزانية للسنة القادمة وتوفير التوجيه الاستراتيجي.

ومن المقرر أن يبحث الاجتماع الدوري عدداً من مشروعات التعاون المشتركة ووضع السياسات المائية الخاصة بدول الحوض من أعضاء المبادرة، ودراسة تأثير ظاهرة التغيرات المناخية على مستقبل المنطقة، والتي ضربت بعض الدول العام الحالي، وأدت إلى الجفاف في العديد من دول الحوض.

كما يناقش الوزراء تقرير حالة النهر الدوري، والذي يصدر كل خمسة أعوام، ويتم خلاله تسليم دولة تنزانيا رئاسة مبادرة حوض النيل.

كما تبحث "المبادرة" إنشاء ميزان مائي لتحديد كميات المياه المتاحة على مستوى الأحواض الفرعية، والتي تصب في المجري الرئيسي لنهر النيل ومقارنتها بالاحتياجات المائية المتزايدة لجميع الدول حتى 2025، بحساب احتياجات مياه الري والشرب والصناعة وباقي الأغراض التنموية التي تعتمد على المياه، وخاصة أن أهمية الميزان في توضيح حجم المياه والتوزيع الجغرافي لها على مستوى الحوض بما فيها مصر.