جدل بعد وفاة صوفي مغربي... ولي أم مبتدع؟

19 يناير 2017
صار بيت الشيخ حمزة مزاراً (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يعرف المغاربة من زعماء الصوفية أشهر من شيخ الطريقة البودشيشية، حمزة بن العباس، الذي وافته المنية أمس الأربعاء، عن عمر ناهز 95 سنة، وكان الرجل شخصية مثيرة للجدل، وتوزعت حياله الآراء والمواقف، بين من يزكيه ويعتبره من أولياء الله، ومن يرميه بالبدعة والخرافة.

وتمكن الصوفي الراحل الذي قاد الزاوية البودشيشية من مقرها في قرية مداغ شرق المغرب، من تحويل اهتمامات طريقته الصوفية المرتكزة فقط على التزكية الروحية، والتطهير السلوكي، والنأي عن مشاكل السياسة ومشاغل الحياة، إلى أن تشمل أيضاً مواقف واضحة من قضايا سياسية محضة.

ووضع الشيخ حمزة لزاويته "مكاناً هاماً تحت الشمس" في بلد يدين رسمياً بالعقيدة الأشعرية، والفقه المالكي، وطريقة الجنيد الصوفية، حيث أعرب عن مواقف مؤيدة بالكامل للنظام الحاكم، خاصة في بعض المحطات السياسية التي عبأ فيها أنصاره ومريديه لتأييد الدولة.

ولم يتردد الشيخ الصوفي، وخلفه أبناؤه وحفدته الذين كانوا يسيّرون الزاوية في فترة مرضه، في التنديد الشديد بالرسالة التي وجهها الزعيم الروحي الراحل لجماعة العدل والإحسان، عبد السلام ياسين، وهو أحد القياديين السابقين بذات الزاوية، إلى الملك محمد السادس يطالبه فيها بإرجاع ثرواته إلى الدولة، كما أخرج أنصاره في مسيرة مؤيدة للدستور سنة 2011.

ويرى أنصار الشيخ حمزة أنه "رجل رباني" وولي من أولياء الله، تنفرج أمامه أسرار الكون، ويعرف حقائق البشر، وأن التبرك به غاية الأماني، فانطلقت الروايات التي اختلطت بين الواقع والخيال تروج عدداً من "بركات" الشيخ، فصار مقره بالزاوية محجاً لآلاف الناس من المغرب ومن خارجه، لنيل بركة "سي حمزة".

يقول الباحث في الجماعات الإسلامية، سعيد الكحل، لـ"العربي الجديد"، "إن الراحل يمثل قطب الزاوية البودشيشية، فهو يمثل التصوف السني المغربي الأصيل المعروف بالاعتدال والوسطية، والذي يرقى بالروح والأخلاق، ويهذب الطباع والسلوك، ويشيع المودة والمحبة بين منتسبي الزاوية".

ويضيف الكحل أن "الشيخ الصوفي الراحل معروف بدماثة أخلاقه ودعمه للنظام الملكي ولاختياراته السياسية والدستورية"، مبرزاً أن "الزاوية البودشيشية  باعتدالها ووسطية سلوكها وتعاليمها وطقوسها، تعتبر واجهة من واجهات مواجهة التطرف والغلو في البلاد وخارجها".

واسترسل الباحث أن "مبادئ وعقائد الزاوية تركز على نشر المحبة بين الناس، ونبذ البغض والكراهية"، مردفاً أنه "إذا كان التيار المتطرف يسعى لقتل الناس وتعجيل إبادتهم، فإن التصوف يسعى لإحياء الناس وتغذية القلوب وإنقاذ العباد، والارتقاء بسلوكهم وأخلاقهم، لكونه يسعى إلى خلاص العباد".

في المقابل، يرى منتقدو الشيخ حمزة وطريقته، أن الرجل أوغل في البدع والمنكرات العقدية، من خلال الأذكار الصوفية الراقصة، وأيضاً عبر تصوير الشيخ كأنه منقذ الكون من الضلالة، حتى صار البعض ينزهه عن أفعال البشر، من خلال التبرك بملامسته وتقبيل رجليه.

ويقول الشيخ السلفي، حماد القباج، إن "الملتقيات الصوفية التي تعقدها الطريقة البودشيشية تضج بالبدع والخرافات، وما يحصل من سلوكيات وممارسات توهم الناس أنها من جوهر الدين، بينما لم يفعلها الرسول، ولا صحابته، ولا أئمة الإسلام".

المساهمون