جدل بعد مطالبة "الجبهة الشعبية" بإسقاط الحكومة التونسية

05 فبراير 2019
الجبهة تُبدي انزعاجها من نجاح خطوة الشاهد (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

أثارت دعوة "الجبهة الشعبية" إلى إسقاط الحكومة جدلاً واسعاً في تونس، بين مؤيد لهذه الدعوة بسبب الفشل الاجتماعي والاقتصادي والأزمة التي تمر بها تونس، ورافض لها، خاصة أن تونس في حاجة إلى الاستقرار ومقبلة على مواعيد انتخابية مهمة نهاية هذا العام.


واستنكر المتحدث الرّسمي باسم "الجبهة الشعبية" حمّة الهمّامي، أمس الاثنين، ما سماه بـ"حزب الدولة" الذي أسسه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، للمشاركة في الانتخابات المقبلة، محذراً في مؤتمر صحافي من توظيف القائمين على هذا الحزب لسلطتهم وقدرات الدولة لخدمة مصالحهم السياسية والانتخابية.

وطالب الهمامي بتعويض الحكومة الحالية بحكومة تكنوقراط أو حكومة تصريف أعمال، وتكون ملزمة ببرنامج محدد وبوقف حالة الانهيار والتلاعب بمقدرات الدولة وأجهزتها لغايات حزبية، وبتوفير مناخ انتخابي سليم.

وأفاد النائب عن حزب "تحيا تونس"، كريم الهلالي، الذي أسسه الشاهد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن لا مبرر لدعوة "الجبهة الشعبية" إلى إسقاط الحكومة رغم حريتهم في المطالب المرفوعة، مضيفاً أن تونس مقبلة على موعد انتخابي وهناك مجهود من الدولة لفرض الاستقرار الاجتماعي وحل الأزمات، وبالتالي من دور الأحزاب دعم الحكومة ومساعدتها بعيداً عن الأجندات السياسية ومحاولات المتوقع وخدمة أجندات سياسية.

وقال الهلالي إنه تم مؤخرا انتخاب هيئة الانتخابات لتأمين الانتخابات في موعدها، وبالتالي لا بد للأحزاب أن تقدم مقترحات عملية للخروج من الأزمة، بعيداً عن التصريحات والمطالب بإسقاط الحكومة، وخاصة من المعارضة، التي لا تقدم أي حلول بديلة، مضيفاً أن الحديث عن محاولة الحكومة توظيف إمكانات الدولة لخدمة الحزب الجديد لا أساس له من الصحة، لأن رئيس الحكومة منكبّ على العمل الحكومي، وقلق المعارضة مفهوم نظراً للإقبال الكبير على الحزب الجديد وانضمام عدة عائلات سياسية إليه.

وقال القيادي في حركة "النهضة"، عبد الحميد الجلاصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذه الدعوة لا تخرج عن الخطاب التقليدي للجبهة الشعبية، والتي ما فتئت تكرر التصريحات نفسها منذ سنوات، مبيناً أن المفاجئ ربما لو صرحت "الجبهة الشعبية" بعكس ذلك، كإبداء استعدادها لخوض الانتخابات وتحدثت بعقلانية ودعت إلى استقرار الأوضاع مقدمة برنامجها للتونسيين.

وأوضح الجلاصي ألا أحد ينكر تردي الأوضاع، ولكن يتحمل الجميع من أحزاب حاكمة ومعارضة المسؤولية، خاصة أن الأزمة الحالية هي نتيجة عدة تراكمات، مضيفاً أن المعارضة تتحمل بدورها المسؤولية، لأنها لم تخرج من مربع الاحتجاج إلى تقديم البديل. وأشار إلى أن "الفترة التي تفصل التونسيين عن الانتخابات هي تقريباً 10 أشهر، وكان على الجبهة أن تتجه للناخبين بمقترحات عملية لجلب الأصوات بدل رمي الآخرين بالفشل، وهذا للأسف لن يجعلها بديلاً، خاصة أن الانتخابات في جوهرها محاسبة".

وبيّن أن الانتخابات الماضية أظهرت فشل المعارضة، لأن كثيراً من التونسيين لم ينتخبوا أيضاً من هم في المعارضة، موضحاً أن كثيراً من الناخبين ممن نفروا من "النهضة" لم يتجهوا إلى "الجبهة" بل بحثوا عن حزب آخر، و"بالتالي من يقدم نفسه اليوم في ثوب البديل عليه أن يخرج بدوره من ثوب الاحتجاج الأبدي ويطرح نفسه كحاكم في المستقبل".

ويرى الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، أن "هناك إشكاليات مع الحكومة الراهنة، فلا أحد ينكر الفشل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وعدم قدرتها على إخراج البلاد من الأزمة الحالية، وهذا الفشل إن تواصل سيجعل المناخ الانتخابي غير سليم وسيسبب عزوفاً في الانتخابات القادمة، خاصة أن اليأس وضعف المقدرة الشرائية يجعلان الصورة ضبابية أمام التونسيين".

وأضاف الشواشي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المطالبة برحيل الحكومة قد تكون له مبررات، خاصة أن النتائج والإقبال على الانتخابات سيكونان ضعيفين، مؤكدا أن الحكومة أنشأت حزباً سياسياً، وبالتالي ستستعمل الحكومة كل الوسائل المتاحة لدعم الحزب الجديد في سباق الحكم، ما قد يمس بحيادية الانتخابات وبتكافئ الفرص بين المتنافسين.

ولفت الشواشي إلى أن "التيار الديمقراطي" رغم ذلك لا يطالب بإسقاط الحكومة، لأنه دستورياً هذا الطلب غير ممكن والحكومة لا يمكن أن تسقط إلا إذا قدمت استقالتها أو عبر سحب الثقة، وبحسب التوازنات الحالية الموجودة فلا يمكن للحكومة أن تقدم استقالتها ولا يمكن أيضاً سحب الثقة منها.

وبيّن المتحدث ذاته أن السؤال الذي يُطرح بشأن المطالبة بإسقاط الحكومة يتمثل في البدائل المطروحة، وأي حكومة يمكن أن تخلفها. وأضاف قائلاً: "مجرد تغيير وزير يطرح عدة إشكاليات ويمر بعدة صعوبات، فما بالنا بتغيير حكومة، وفي ظرف دقيق، أي قبيل بضعة أشهر من موعد الانتخابات؟"، موضحاً أنّه على المستوى الواقعي لا يمكن لهذا الطلب أن يتم وبالتالي لا يمكن تبني هذا الموقف.

دلالات